سيناريو ما بعد حكم "الدستورية" حول البرلمان و"العزل".. درويش: استمرار شفيق فى الإعادة وحل البرلمان بالكامل.. السنوسى: ستتم الإعادة على النظام الفردى مع الإبقاء على نواب الأحزاب
سادت حالة من التخبط الشديد والجدل الواسع داخل الأوساط السياسية والإعلامية والاجتماعية وحتى الاقتصادية فى ظل الغموض الذى يسيطر على مصير مصر السياسى، ووجود قانونيين لم يفصل فى دستوريتهما من المحكمة الدستورية العليا حتى الآن، وهما قانون مباشرة الحقوق السياسية، والمعروف إعلاميا بـ"قانون العزل السياسى"، وقانون الانتخابات البرلمانية المطعون عليه بعدم دستوريته، والمطالب بحل مجلسى الشعب والشورى، لما تمثله الأحكام المنتظر صدورها فى هذين القانونيين من أهمية كبيرة.
فى حال صدور قرار بعدم دستوريتهما فإن ذلك سيتسبب فى حل المجلسين، ومن ناحية أخرى مواصلة الفريق أحمد شفيق المرشح للرئاسة والمطبق عليه قانون العزل السياسى فى خوض جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية المقررة فى 16 و17 يونيو الجارى.
ذهب البعض إلى أن قانون العزل السياسى غير دستورى لما شابه من إخلال بحق التقاضى لمن يطبق عليهم هذا القانون، وأن القانون قد استحدث عقوبة الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية عن وقائع سابقة على إصداره، ما يخالف قاعدة عدم رجعية العقوبات، كما خالف هذا النص مبدأ المساواة.
وكان الحال بالنسبة لقانون الانتخابات البرلمانية أن ذهب البعض بأن القانون دستورى، بينما رأى فريق آخر أنه غير دستورى لإخلاله بمبدأ المساواة فى الإتاحة للمرشحين عن الأحزاب السياسية الترشح على نظام الفردى، ما أدى إلى تقليص حق المرشحين المستقلين فى الحصول على النسبة المقررة دستوريا بأن للفردى الثلث وللأحزاب الثلثان.
ومع كل هذا الجدل الدائر تتعدد السيناريوهات بين مؤيد ومعارض لهذه الأحكام حول مصير الانتخابات الرئاسية، وبطلان الانتخابات البرلمانية لندخل إلى نفق مظلم.
يتمثل السيناريو الأكثر ترجيحا لدى فقهاء الدستور فى أن تصدر المحكمة الدستورية حكما بعدم دستورية العزل السياسى، وعدم دستورية قانون الانتخابات، ولكن فى حال حدوث ذلك، فما المتوقع بعد صدورهما؟
أكد الدكتور إبراهيم درويش، الفقيهة الدستورى، أن قانون العزل، من وجهة نظره، غير دستورى 100%، وذلك لمخالفته الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس عام 2011، وفى حال ما أصدرت المحكمة الدستورية حكمها فى 14 يونيو الجارى، بعدم الدستورية فإن ذلك يعطى الفريق شفيق المرشح للرئاسة الحق فى استكمال مرحلة إعادة الانتخابات الرئاسية المقررة فى 16 و17 يونيو الجارى، ولن ينطبق عليه القانون.
وأشار إلى أنه، عموما، لن يتم استبعاد شفيق من خوض جولة الإعادة، سواء فى حالة صدور حكم بدستورية القانون أو بعدم الدستورية، قائلا: إذا افترضنا جدلا بأن المحكمة أصدرت حكما بالدستورية فإن هذا القانون لا ينسحب على شفيق لأن المحكمة إذا لم تتطرق إلى مركزه القانونى الذى اكتسبه بقرار من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فإن القانون لن يطبق بأثر رجعى، ويكون مركزه القانونى ثابتا طبقا لقرار اللجنة بإدخاله فى قائمة الترشيح، والذى لا يجوز الطعن عليه طبقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى.
وحول إمكانية قيام البعض بالطعن على شفيق فى حالة عدم دستورية القانون، فيقول درويش فات الميعاد والأوان على ذلك لأنه طبقا للمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا والتى تنص على أن أحكام المحكمة واجبة النفاذ، ولا يجوز الطعن عليها بأى حال من الأحوال وتكون الأحكام ملزمة لجميع السلطات كافة.
أما فيما يخص الطعن على الانتخابات البرلمانية بمجلسيها الشعب والشورى، أكد أنه فى حالة صدور حكم من المحكمة الدستورية بقبول الطعن وعدم دستورية هذا نص المادة الخاصة بالسماح للمرشحين عن الأحزاب السياسية بالترشح على المقاعد الفردية، فإن ذلك يترتب عليه بطلان تشكيل المجلس، وحله، مشيرا إلى أنه سبق أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمين ببطلان تكوين مجلس الشعب، بسبب عدم دستورية إحدى مواد قانون الانتخابات البرلمانية، كما صدر حكم ثالث فى آخر الدورة البرلمانية عام 2000 بالبطلان.
وأوضح درويش، أن أحكام الدستورية فى هذه الحالة تكون ملزمة لجميع السلطات كافة، وأن المنوط به تنفيذ ذلك الحكم هو المجلس العسكرى بصفته القائم على إدارة شئون البلاد، وحماية الدولة والقانون فى تلك الفترة من خلال إصداره مرسوما بقانون بحل المجلس ودعوة الناخبين من جديد للتصويت.
ويخالف الدكتور محمد حسنين عبد العال، أستاذ القانون الدستورى وعضو لجنة التعديلات الدستورية الأخيرة رأى الدكتور درويش فيما يخص قانون العزل السياسى، حيث يرى من وجهة نظره أنه فى جميع الأحوال يعد اشتراك الفريق أحمد شفيق فى خوض الانتخابات الرئاسية تم بالمخالفة لنص قانونى قائم، وهو قانون العزل قبل الطعن عليه، وفى حالة إذا ما أصدرت المحكمة الدستورية حكما بعدم دستورية هذا القانون فإنه يعد خطأ لا يمكن تصحيحه فلا يجوز الطعن على هذا القانون.
وأوضح أن اللجنة الرئاسية وقعت فى خطأ جسيم بسبب إشراك شفيق فى الانتخابات، بعدما أحالت قانون العزل السياسى إلى الدستورية، وخاصة أن الدفع بعدم دستورية القانون لا يوقف تطبيقه، ويكون قائما ونافذا حتى تحكم المحكمة الدستورية حكمها فى مدى دستوريته، موضحا أن لجنة الانتخابات الرئاسية أوقعت مصر فى مأزق لا يحله حتى حكم المحكمة الدستورية، لأن فى الحالتين تكون اللجنة خالفت نص قانون، وامتنعت عن تطبيقه لأن العزل نافذ حتى ولو أحيل إلى المحكمة.
وأضاف أنه بغض النظر عما إذا حكمت المحكمة بدستورية القانون من عدمه فإنه سيقوم العديد برفع دعاوى قضائية ضد اللجنة الرئاسية وأعضائها لمخالفتهم نص القانون وإغفال قانون قائم ونافذ.
أما بخصوص وقوع سيناريو حكم بعدم دستورية قانون الانتخابات الرئاسية وحل مجلس الشعب فإنه يتفق مع رأى الدكتور درويش، حيث يرى أنه سبق أن أصدرت الدستورية حكما ببطلان تشكيل مجلسى الشعب والشورى عامى 1987 و 1990 عندما قضت المحكمة بعدم دستورية قانون الانتخابات البرلمانية، وأنه فى هذه الحالة يقوم المجلس العسكرى بإصدار قرار بحل المجلسين.
وعلى النقيض للرأيين السابقين، يرى الدكتور صابر السنوسى، أستاذ القانون الدستورى، أنه فى حالة ما إذا حكمت المحكمة بعدم دستورية العزل فإن السيناريو المتوقع فى هذا الشأن أن يستمر الفريق شفيق فى خوض جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، حتى لو صدر حكم غير ذلك لأن الفريق شفيق اكتسب مركزه القانونى ولا يسرى القانون على ما تم اتخاذه من قرارات صدرت من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المحصنة فى القرارات طبقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى، وتكون هناك أزمة بين حجية حكم المحكمة الدستورية وبين قرار اللجنة الرئاسية المحصنة.
ويرى فى نهاية الأمر بهذا الخصوص من وجهة نظره القانونية أن الأرجح هو أن يستكمل شفيق سباق الانتخابات مع منافسه الدكتور محمد مرسى.
أما فيما يخص عدم دستورية قانون البرلمان والحكم بحل مجلس الشعب، قال: إن السيناريو المتوقع هو أمر واحد لا ثانى له، حيث إن الطعن المقدم حاليا ببطلان انتخابات البرلمان يستند فقط إلى أن القانون شابه عوار دستورى فى الجزء الخاص بالتنافس على المقاعد الفردية، وهو أن القانون سمح للأحزاب السياسية بالترشح على المقاعد الفردية ومزاحمة المستقلين عليها، وهو ما يعد إخلالا بمبدأ المساواة.
وتابع: إذا حكمت المحكمة ببطلان الانتخابات يكون على القائمين على إدارة شئون البلاد فى هذه الفترة، وهم المجلس العسكرى إصدار قرار بحل المجلس بالنسبة للثلث الذى سبق أن رشح نفسه على المقاعد الفردية فقط، ويتم فتح باب الترشح للمستقلين فقط على الدوائر الفردية ثم دعوة الناخبين فى كل المحافظات مرة أخرى للتصويت للمرشحين على النظام الفردى فقط، ومن المستقلين ولا يسمح للأحزاب الترشح على هذا النظام، بينما يظل باقى ثلثى المجلس من الفائزين على القوائم الحزبية فى أماكنهم ولا يجوز المساس بهم.
ويقول النائب مصطفى بكرى، عضو مجلس الشعب، إنه فى حال صدور حكم بحل مجلسى الشعب والشورى سيكون حكم الدستورية نافذا، كما أعلنت مصادر داخل البرلمان بأنه سيتم تنفيذ الحكم وأن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمقتضى الفقرة الأخيرة من الإعلان الدستورى فى مادته 56 والتى تمنح سلطات رئيس الجمهورية للمجلس العسكرى وطبقا لهذا يعنى ضمنيا أنه يستطيع أن يصدر قرارا بحل مجلس الشعب تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية.
وأضاف أن بعض الناس تقول بأنه فى حال فوز أحد المرشحين للرئاسة، بهذا المنصب فإنه يجب أن يؤدى اليمين الدستورية، أمام مجلس الشعب وأنه بحل المجلس فإن هناك أزمة فى أداء الرئيس الجديد لليمين الدستورى، إلا أن هذا الكلام مردود عليه بأن المجلس العسكرى يستطيع أن يصدر إعلانا دستوريا مكملا بعد حل مجلس الشعب يقرر بمقضاة أن يؤدى الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية لقضاة المحكمة الدستورية العليا، وهنا تنتهى هذه الأزمة.
ويستطرد بكرى حديثه بأنه على رئيس الجمهورية الجديد بعد حلف اليمين أن يحدد المواعيد التى ستجرى فيها انتخابات مجلس الشعب، وسيكون مطلوبا أيضا تغيير قانون الانتخابات البرلمانية المطعون عليه وخاصة نص المادة المتعلقة بنظام الثلث والثلثين.
واقترح بكرى أن يتم تعديل المادة الخاصة بنظام الدوائر الفردية والحزبية، بحيث إما أن تصبح مصر دائرة واحدة بنظام القوائم ويتساوى فيها الأعضاء أو العودة إلى نظام الدوائر الفردية التى كانت عليها مصر قبل تعديل القانون.
التعليقات (0)