سيناريوهات الزحف تجاه الخرطوم
(السيناريو الثاني)
(تفجير الوضع من داخل العاصمة المثلثة)
ملخص السيناريو الأول:
تناول السيناريو الأول فكرة الزحف المباشر تجاه العاصمة الخرطوم كواحد من الإحتمالات ... ولكنه لم يكن الإحتمال الأقوى لأسباب تتعلق بضعف قدرات الحركات الجهوية العسكرية واللوجستية ... وحيث تكشف الآن وبعد العمليات الإستباقية الإجهاضية التي نفذتها القوات السودانية المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق على وجه خاص . تكشف مدى هشاشة القدرات العسكرية والإستراتيجية لهذه الحركات والمليشيات مقارنة بقدرات قوات نظامية مهنية جيدة التسليح ومتطورة الفكر والنهج القتالي العسكري...... لكننا لا نزال نشدد على توخي حقيقة أن حركات التمرد وقادة حروب العصابات لا يضعون في إعتبارهم مسألة النصر والهزيمة وعدد الضحايا ؛ بقدر ما هم متدربون وممنهجون على إستراتيجية الكر والفـر. وإحداث فرقعات تكتيكية نوعية للضغط على الأنظمة الحاكمة وإجبارها على الإعتراف بها الجلوس معها في مفاوضات.
السيناريو الثــاني:-
وهو الأخطر و الممكن من واقع القدرات العسكرية والتمويلية القليلة المتوفرة لهذه الحركات الجهوية المتمردة أولا .... ثم ثانيا من واقع التجارب التاريخية التي مرت بها البلاد آنفاً. وأعني بذلك غزو المرتزقة أو ما يعرف إصطلاحا بمسمى "الغزو الليبي المندحر" الذي جرى في عام 1976م على عهد الرئيس الراحل جعفر نميري ....
مبارك الفاضـل
وربما لا يعرف البعض أن الحظ وحداثة السن وقلة الخبرة العسكرية والبيئية ، وسلبية إستعجال قطف الثمار الكامنة لدى مبارك الفاضل المهدي كانت وحدها الكفيلة بالتسبب في إندحار هذا الغزو . كون مبارك هذا قد لجأ إلى شراء شاحنات نقل مستعملة قديمة رديئة الصيانة . فتعطلت في جوف الصحراء القاحلة ولا يزال بعضها مفقودا حتى تاريخه...... أراد مبارك الفاضل توفير بضعة دولارات فخسر كل ملايين الدولارات التي أمدها بهم القذافي نكاية في نميري ليس إلا.
ولكن ؛ ومن الجهة الأخرى داخل العاصمة ، فقد كان لغفلة جهاز أمن نميري عن ملاحظة التواجد والإنتشار الغير طبيعي لشباب ورجال من جمهورية تشاد وأفريقيا الوسطى ، والبعض الآخر من أبناء القبائل السودانية المزدوجة الإنتماءات الوطنية والولاءات القبلية والعرقية لأكثر من دولة وقبيلة ممتدة ما بين السودان ووسط أفريقيا ... كان للتغفيل من جانب عناصر جهاز الأمن والإستخبارات لهذا التواجد المريب . وحب الإستطلاع عن مصدر وسـر الأوراق النقدية الجديدة التي كان هؤلاء "الجنود" يتداولونها في البيع والشراء مع أبناء ومتاجر العاصمة المثلثة . وطبيعة الصرف البذجي مقارنة بدخل بائع ترمس عادي ..... كل هذا التغفيل كان له الأثر الكبير في نجاح تلك المحاولة بإحتلال مواقع إستراتيجية في العاصمة . وتكبيد القوات المسلحة وأجهزة أمن نميري العديد من الخسائر عند البداية .. إلخ مما هو معروف من تفاصيل لسنا هنا بمعرض إستعراضها بقدر ما ننشد المراد العام.
لا نتوقع بالطبع أن نشاهد إنتشارا ملحوظا لبائعي ترمس مثل عام 1976م ... فالحال قد تغير .. لكن من الممكن الرصد والوضع في الحسبان ظاهرة إنتشار وتكدس غير مسبوق لأهل الجهات ، ولرعايا من دولة جنوب السودان داخل العاصمة السودانية أو المدن الإستراتيجية مثل مدني والحصاحيصا وسنار .. إلخ .
ربما نشاهد شبابا من أبناء الجهات المهمشة يتسكعون في أطراف العاصمة المثلثة بلا عمل فنحسبهم نازحين أو جنوبيين ذهبوا للجنوب ثم عادوا بعد أن فوجئوا بأن الحياة هناك مستحيلة بالنسبة لهم ..... إن بعض الظن إثم .... ولكن البساطة في السبر والتفسير والأريحية في التقبل ديدنان للعامة والبسطاء الكرماء من سكان العاصمة ربما .. ولكن لا نرجو أن تشمل هذه "البساطة" و "الأريحية" الأجهزة النظامية الأمنية والإستخباراتية كذلك. فلربما يكون الأمر مرسوم بدقة ومؤقت لساعة صفر مــا.
ونتوقع حال رصد مثل هذه الظواهر أن تسارع الأجهزة المعنية بالتساؤل عن اسبابها والإستقصاء العلمي والمنطقي؟ هل هناك رصد لتحركات هؤلاء إن وجدوا ؟ وما هو تفسير ونتائج تحليل مسببات تواجدهم . ومن يأويهم ؟ ومن أين يحصلون على النقود وينفقون؟ وما هي طبيعة المناطق الإستراتيجية التي يتجولون بين الحين والآخر متسكعين حولها وجوارها؟
إن على قيادات أجهزة الإستخبارات والأمن في كل مكان من دول العالم الثالث والمتخلف أن تدرك بأن قناعات المدرسة الإشتراكية العتيقة المستوردة من رومانيا ويوغسلافيا لم تعد صالحة لكل نظام وزمان ومكان . وبالتالي عليها أن تعمل بحكمة أنه ليس بالقبض والإعتقال والتحري والتعذيب والسجن والمحاكم الصورية وحدها يحيا الأمـن ويستتب الحال ويعم الإستقرار ....
بالأمس في عام 1976م ربما لم يشتبه الأمن والإستخبارات في تواجد المرتزقة وسطهم لأن هؤلاء كانوا يتخفون على هيئة بائعي الترمس والكبكبيه يحملونه في جرادل الطلس الزرقاء والخضراء والحمراء تلك الجرادل الشهيرة ويتجولون بها في أزقة العاصمة بلا حسيب ولا رقيب لغرض التعرف على جغرافية المكان ..... ربما ظنت عناصر الأمن والإستخبارات أنهم مثل غيرهم ممن إعتاد الناس في المدن السودانية الكبرى على رؤيتهم ممتهنين بيع الترمس. فظنوا أن الأمر لا يعدو كثرة أعداد وافدة ونازحة منهم بحثا عن لقمة العيش ... ربما ... أو ربما كان إنعدام الخبرة والتجربة القدح المعلى. ثم ولتكاسل ضباط الصحة العامة والمجالي البلدية أثره الكبير في تمرير هذه الظاهرة دون مساءلة..... والشاهد أنه وبعد أن جرى ما جرى عاد الناس يسترجعون شريط الذكريات ؛ فكان من بين ما تذكروا أن هؤلاء المرتزقة كانوا ينفقون ببذخ لم يعتاده الناس في بائعي الترمس العاديين .... وتذكروا أيضا أنهم كانوا يحملون في أيديهم نقودا ورقية جديدة . ويستبدل بعضهم دولارات في السوق السـوداء .. ومع ذلك غاب كل هذا عن مخيلة وعيون أجهزة الأمن .. وهو ما يشير إلى أن هذا الجهاز الذي نشأ على عهد نميري إنما كان يفتقر إلى موهبة وقدرات الرصد والتحليل والإستقراء والإستنباط . وموجها كل جهوده وقدراته للقبض على من هو معروف بنشاطه السياسي أو مشتبه به من طلاب الثانويات والجامعة . إضافة إلى ساسة وكوادر ونشطاء الشمال من شيوعيين وأخوان وديمقراطيين وكان الله يحب المحسنين .... أو بما معناه أنه ظل جهاز قمعي ليس إلا ؛ يتعامل فقط مع الحدث بعد وقوعه كرد فعل أمني ؛ دون أن تكون لديه قدرات المبادرة وإستباق الأحداث والتنبيه لما هو محتمل وما قد يكون ..
لقد كان الأمر أسهل وأبسط مما يكون إذ المطلوب هو إنشاء قسم أو إدارة تعنى بهذه المهام . وليس المطلوب أن تتحول كل الأجهزة الأمنية والإستخباراتية المعنية بأمن الوطن والمواطنين ومستقبل البلاد إلى مجرد جهاز راصد وتحليلي للمعلومة ....
وسيظل السودان في ظل التحديات والتجاذبات العنصرية والجهوية والأطماع الخارجية من حوله في خطر كامن ملازم . مالم يتم السعي بجدية لإستقطاب وتعزيز قدراته الإستخباراتية من واقع المعطيات المحيطة به وطبيعة المشاكل التي يعاني منها ....
السودان بحاجة إلى ملاءة أمنية تفصيل محلي . وليس ملاءة مستوردة جاهزة من ركام الإتحاد السوفيتي والدول الإشتراكية أو جمهورية مصر العربية .... فمشاكل هؤلاء تختلف إختلافا جذريا عن مشاكلنا .. وأقرب مثال على ذلك مصر التي أول ما تختلف فيه عننا أنهم في رباط إلى يوم القيامة. ولا يعانون "على أقل تقدير" من سلبيات جوهرية إجتماعية وقبلية وجهوية وعنصرية يعاني مجتمعنا السوداني منها ومن تجذرها في كيانه ووجدانه . ولا أمل منظور في الفكاك منها.
فلتكن معالجاتنا إذن من واقع حالنا ....
من مواطني دولة جنوب السودان
الآن .. وفي ايامنا هذه ذهب البعض إلى نفس المنحى في التفسير المعيشي الإنساني .... فها هم البعض يظن أن هؤلاء الشباب المتسكعين من أبناء دولة جنوب السودان قد عادوا للشمال وانتشروا وسط الأزقة وفي الأنحاء والجوار لسبب عدم وجود مقومات للحياة السهلة المريحة في بلادهم .
والذي يغيب أكثر عن تفكير وتحليل وتفسير البعض بمن فيهم الأجهزة الأمنية والإستخباراتية أن الحركة الشعبية لتحرير السودان ويعد إتفاق نبفاشا كان لها تواجد أمني كثيف (وربما لا يزال) داخل العاصمة .. وأنها إستفادت من علاقة الشراكة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم فأستقطبت طابورا خامسا من أبناء الشمال بمن فيهم العرب ، يعاني هذا الطابور الغبن بعد أن سدت في وجهه كافة الأبواب بما فيها ابواب الرزق . فبات على قناعة لسبب أو لآخر من أن لا فكاك له إلا بإزالة النظام القائم حتى لو تحالف مع الشيطان.
مِني أركـو مِنـّاوي ... قائد فصيل مسلح من دارفور. ومساعد سابق لرئيس الجمهورية عمر البشير
فصيل مساعد رئيس الجمهورية السابق "مني أركو مناوي" يظل هو الأخطر بل والخطر الداهم واليد القوية الطولى في أية تحركات من داخل العاصمة المثلثة تواكب الزحف الجهوي المرتقب ولو بعد حين. ..... فهذا الفصيل أدخل الكثير من الأسلحة . ودفن الأكثر منها طوال تمتعه بغطاء منصب قائده كمساعد لرئيس الجمهورية.
خطورة فصيل مني أركو مناوي تظل أكثر جسامة من قوات العدل والمساواة لأن قواته الضاربة هم مواطنون من حقهم أن يضربوا بأرجلهم في طول أرض السودان وعرضها ؛ دون أن يجرؤ أحد على إستنكارهم أو مساءلتهم ، على العكس من قوات العدل والمساواة التي تظل خليطا من المواطنين والأجانب من تشاد وأفريقيا الوسطى ... وكذلك حال الحركة الشعبية قطاع الشمال التي سرعان ما سيتكشف أمرها حال إستعانتها بالجنوبيين لا محالة لتعزيز قدراتها.
لكن الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحاكمة في دولة جنوب السودان الآن) كان لها فيما مضى تواجد عسكري مريح داخل العاصمة المثلثة ..... وأنها حتما قد إستغلت تلك الأوضاع فأدخلت العديد من الأسلحة والذخائر على متن سيارات النقل التابعة لها والتي لم تكن تخضع للتفتيش الدقيق .... هذه الأسلحة والذخائر حتما هي مدفونة الآن تحت الأرض وداخل بيوت طرفية وسراديب متعددة متناثرة تنتظر يوما موعودا وغفلة معتادة .....
ولا نشك مطلقا أن هناك خلايا نائمة وطابور خامس للحركة الشعبية قطاع الشمال ... وقد أثبتت أحداث الأسابيع الماضية مدى عمق وقوة الجاذبية بين أقطاب الحركة الشعبية الثنائي الموتور (عقار / الحلو) ..... وكون أن عقار يغضب لأجل الحلو في جنوب كردفان هذه الغضبة ، ويفور بسببه هذه الفورة ؛ فلابد أن هناك ما يجب أن يؤخذ في الحسبان.
شرطة سودانية تنشئ نقطة تفتيش مؤقتة على شارع رئيسي يخترق قرية
كنا ولا نزال نؤكد أن لا مجال لضبط الأمن والإستقرار ومنع الإنفلات الأمني والسياسي . والقضاء على ذبابة التمرد العسكري في بقاع السودان الشاسعة سوى بتكريس مسألة البطاقة الشخصية الألكترونية على نحو لا يقبل المساومة ..... بل وأن يكون شعار المرحلة هو أن لا مواطن ولا مواطنة بلا بطاقة تعريف شخصية الكترونية .......
لقد قطع السودان شوطا لا بأس به في مسألة إصدار البطاقة الشخصية .. ولكن من الضرورة بمكان الآن ليس مجرد تعميم إصدار البطاقة الشخصية وربطها بكافة الخدمات التي تقدمها الدولة من صحة وتعليم وأمن وبيع وشراء وتملك وتوظيف في القطاع العام والخاص . وتلك الخدمات المالية التي تقدمها البنوك والصرافات والشركات الخدمية العامة فحسب ... بل بات يتحتم الآن الإعلان بمرسوم عن "تجريم" عدم إستخراج المواطن والأجنبي لهذه البطاقة أولاً ؛ و تجريم عدم حملها ثانياً . بحيث يتعرض عدم حاملها في حالات التفتيش عند مداخل العاصمة والمدن الرئيسية أو في الأسواق والطرقات العامة داخل المدينة إلى الحجز التحفظي في نقاط ومراكز الشرطة إلى حين حضور من يكفله أو من يحمل إليه من بيته بطاقته التي نسي حملها معه.
مسألة إدمان الإعتماد على قدامي رجال التحري في التعرف على الشخص من خلال إستجوابه عن المنطقة التي يزعم أنه نازح منها ، أو من خلال لهجته لم تعد مجدية الآن .. كان ذاك ممكنا في سنوات حكم إبراهيم عبود وسيطرة الإدارة الأهلية ... كما كانت تنصب على معالجة ومكافحة الهجرة الغير شرعية من دول الجوار إلى السودان ... كان أمثال هؤلاء الوافدين والنازحين مجرد باحثين عن لقمة العيش ...
الآن أصبح هناك مهددات أمنية إستراتيجية لأمن الوطن والمواطن وإستقرار البلاد ؛ قد تجابهها مدن القلب ومجتمعاتها المستقرة على يد هؤلاء حالما تلقفوا بأيديهم السلاح ليحيلوا قرانا وبوادينا ومدننا والعاصمة المثلثة إلى خراب .. ولأجل ذلك يجب التنبيه لأخذ الحيطة والحذر في هذا الجانب الحساس.
كما يجب توعية المواطنين عبر جهاز التلفزيون والراديو على شكل ندوات تتوخى الحرص على عدم ترويع قلب المواطن بقدر ما تحرص على إيصال المعلومة الأمنية إلى عقله بكفاءة وأسلوب هادي.
غداً إذا أفلحت هذه المليشيات المسلحة الغير منضبطة في إحتلال منطقة القلب من أرض السودان . فلا محالة من أنهم سينقلبون بعد فترة وجيزة لقتال بعضهم البعض على الطريقة الصومالية واللبنانية والأفغانية ؛ لأن واقع الخلافات والتباينات بينهم أعمق بكثير مما نظن . ولكنها مغيبة الآن ومعطلة لسبب أنهم يوحدهم عداءهم لحزب المؤتمر الوطني الحاكم أولاً . ثم محفزاتهم الشعوبية تجاه العرب ثانياً.
غداً إذا إستولت المليشيات الزاحفة من الجهات على منطقة القلب ؛ فمن يا ترى سيترك له منصب الرئيس؟ .... ومن سيكافأ بمنصب النائب الأول ؟ ومن سيرمى له بمقعد النائب الثاني ؟.. ومن با ترى سيوسم بشلوخ المساعد؟
هل نتوقع مثلا أن يغني خليل المساواة لحلو الجبال :- "حبيناك من قلوبنا وإخترناك يا.. حلــو؟
أو أن يغني مناوي الفور لعقار النيل الأزرق:- "حباني هوي الريد منو البابا"؟
......
إذا كان مناوي بأنف من أن يكون مساعدا لعمر البشير. فهل يرضى أن يكون مساعداً لعقار أو الحلو أو خليل ؟
وإذا كان خليل ينفر من منصب النائب الثاني المثير للشفقة . فهل يرضى بوطـأته تحت مالك عقار؟
وإذا كان عقار والحلو (مجتمعان) لابد أنهما على قناعة بأن الحركة الشعبية قطاع الشمال تمثل العمق الجنوبي لجمهورية السودان وعلى طول إمتدادها حتى أقصى الشمال. ولديها في صحاري الغرب وشعاب الشرق أكثر من مغان ؛ فمعنى ذلك أنهما غداً سيستدعيان "الأمين العام المسكين" ياسر عرمان ؛ لتكريسهما بلسان عربي مبين ملكان على سائــر جهـات وقبائـل جمهورية السودان... وهو ما لن يرضي ولا يلبي أماني و طموحات حركات دارفور ، وطموحات عموم أهل الشرق ؛ ناهيك عن إشباع غرور بدو كردفان ورعاة الغرب ، ورعايا حضارة نبتة قبل أعراب القـلب.
وبالتالي فلن يكون من حل سوى تجاذب وتنافر. وتحارب وتناحر بين المليشيات تحكم كل منها ما يتيسر لها من منطقة على أرضية لا غالب ولا مغلوب . وتدخلات أجنبية تستمر عشرات أو مئات السنوات.
كل هذا سيجري في وقت تكون فيه قوات الشعب النظامية من جيش وشرطة وحدود إلخ . قد تفككت وتلاشت وأصبحت في خبر كان ؛ ومن قبيل ماضي الذكريات.
وهناك أكثر من دولة مجاورة تشتهي تحقق ما نخاف عليه . فأرتريا تحلم باليوم الذي تتمكن فيه من إحكام الحصار على غريمتها أثيوبها ، وحرمانها من الواجهة البحرية التي تتمتع بها في ظل السودان الحالي .... وعن منافع تشاد عامة وإدريس ديبي خاصة حدث ولا حرج ... ومصر لا يغيب عن البال فرصة تمتعها هي الأخرى من فوائد تتعلق بضمان مليارات فائضة أكثر من مياه النيل تغنيها شر وتكاليف التسول على موائد اللئام من دول المنابع البعيدة عن متناول يدها القوية ، وقدراتها الإستخباراتية والعسكرية.
ولأجل ذلك فليعلم القاصي أنه ليس دفاعا عن حكومة المؤتمر الوطني التي لن تدوم ابد الدهر ؛ بقدر ما هو حدبٌ على الصالح العام . وحرصٌ على وحدة تراب السودان الدائم من قبل ومن بعد وحتى يرث الله الأرض وما عليها .
ثم أنه إذا كان الشعب يرغب بالفعل في التغيير فهو ليس بالهش ولا الجبان . وقد كانت لثوراته الشعبية من قبل في أكتوبر 64م و أبريل 85م المثال الذي يحتذى به في الكيفية التي يغير بها الشعب أنظمة حكم لا يجد مبرراً مقنعا لبقائها وإستمرارها على كراسي السلطة. وحيث لا يعقل أن يستبدل عاقل سلطة قومية قائمة بسلطة مليشيات متنافرة ليس لديها برنامج ديمقراطي واضح معلن سوى كلمات براقة معسولة لغرض الإستهلاك المحلي . مليشيات تزحف من جهات متفرقة الأنحاء لايجمع بينها سوى طمع الإستيلاء على السلطة في العاصمة الخرطوم.
(يتبع سيناريو رقم 3) إنشاء الله.
التعليقات (0)