لميدخل وزير الخارجية الفرنسي، عقب اجتماع وزراء خارجية الحلف الأطلسي فيبروكسل أول من أمس، في تفاصيل «الرد العسكري الفوري» للأسرة الدولية علىاستخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية التي يملكها في الحرب الدائرةحاليا بين النظام ومعارضيه لا من جهة الأطراف التي يمكن أن تقوم به ولالجهة شكل التدخل والمواقع التي يمكن أن يستهدفها. وكان لافتا أن فابيوس لا يعتبر أن الأخبار التي تحدثت عن بدء السوريينلعملية المزج بين العناصر المكونة للأسلحة الكيماوية وتحديدا غاز السارينالبالغ السمومة ثابتة ونهائية، بل إنه أشار إلى وجود «عناصر ناتجة عنعمليات الرقابة التي يمكن أن تفيد بوجود شيء من هذا النوع». لكنه أردفقائلا إن «هذه المعلومات لم يتم التحقق منها وهي ليست مؤكدة تماما»، مايعني أن باريس تريد أن تتحقق بنفسها من المعلومات التي جاءت من واشنطن ولميصدر عن أي جهة أخرى ما يثبت صدقيتها.
وربط فابيوس بين ما يمكن أن يكون النظام السوري بصدد القيام به كيماوياو«تراجع قوات النظام ميدانيا، واحتمال اللجوء إلى السلاح النووي لمواجهةالصعوبات التي يعاني منها».
رغم ذلك، جدد الوزير الفرنسي القول إن بلاده تلتزم موقفا «متشددا للغاية»إزاء موضوع الكيماوي السوري، وإنه في حال تأكدت المعلومات الأميركية، فإنذلك «يستدعي ردا فوريا» من الأسرة الدولية. ولدى سؤاله عن المقصود بتعبيرالأسرة الدولية، قال فابيوس إن ذلك يعني الأمم المتحدة، الحلف الأطلسي أو«دولا يمكن أن ترد بشكل انفرادي» من غير أن يحدد هويتها أو أن يقول ما إذاكانت فرنسا من بينها.
وليس سرا، كما تقول مصادر فرنسية دفاعية، أن مجموعة من الخطط العسكرية تتمدراستها منذ عدة أشهر للرد على السيناريوهات الكيماوية في سوريا؛ إن فيإطار الحلف الأطلسي أو في إطار مجموعة من الدول تتشكل لهذا الغرض وتقررالعمل معا أو حتى من طرف دول بصفة فردية. والسؤال الذي لم يطرح حتى الآن،والذي تثيره مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية، هو: هل سيناريو التدخل،في حال ارتكب النظام السوري المحظور، سيحتاج إلى قرار من مجلس الأمنالدولي؟ وإذا كان أمر كهذا صعب الحصول بسبب تركيبة المجلس والدور الروسي -الصيني، فما هو عندها الأساس القانوني الذي يمكن أن يجيز هذا التدخل؟
وأمس، نشر موقع مجلة «لو بوان» الإلكتروني موضوعا يتحدث بإسهاب عنالتحضيرات العسكرية ويفهم منه أن اتصالات تجرى في الوقت الحاضر لقيام تحالفدولي عماده ثلاثي الأضلاع غربيا ويتشكل من الولايات المتحدة الأميركيةوبريطانيا وفرنسا، مع دور لتركيا والأردن، وربما دول عربية أخرى لم يسمها.وبحسب «لو بوان»، فإن الخطة تقوم على القوات الخاصة، مدعومة بالطائراتالقتالية والطوافات، التي يفترض أن ترسل ميدانيا للسيطرة على المواقعالكيماوية وإخراج المكونات منها بعد تعطيل أنظمة الدفاع الجوي و«تحييد»القوات المكلفة حراس المواقع المستهدفة. ومن هذا المنطلق، فإن العملياتالمنتظرة يفترض أن تتم على ثلاث مراحل: استهداف المواقع القيادية ذاتالعلاقة بالأسلحة الكيماوية، بواسطة الصواريخ والطائرات المقاتلة، السيطرةعلى المواقع الكيماوية وضمان أمنها وأخيرا إخراج المواد الكيماوية منالداخل السوري.
وتعتبر المصادر الفرنسية أن عملية عسكرية من هذا النوع يمكن أن تكون«استباقية»، إذ ليس من المنطقي أو من المقبول انتظار أن يعمد النظام إلىاستخدام مخزونه الكيماوي قبل أن يحصل التدخل العسكري. وبحسب المجلةالفرنسية، فإن عبارة الناطق المساعد باسم الخارجية الفرنسية يوم الثلاثاءعن عزم الأسرة الدولية على «تدارك» لجوء دمشق إلى الكيماوي أو «محاولةاستخدامه» تدفع باتجاه توقع ضربة استباقية.
وتذهب المجلة أبعد من ذلك عندما يؤكد كاتب المقال أن «تحالفا لا يظللهالحلف الأطلسي» سيقام لهذا الغرض، وسيتولى القيام بضربات وغارات انطلاقا منالأردن وتركيا قبل أن تراود النظام الرغبة في استخدام الكيماوي. وبحسبالمعلومات المنشورة، فإن قوات خاصة فرنسية وضعت في حال التأهب في الأردنالذي ستشارك قواته الخاصة كذلك في العمليات المتوقعة. وفي هذا السياق، تذكرالمصادر الفرنسية أن تمرينات جرت قبل أشهر في الأردن على عمليات من هذاالنوع.
غير أن هذه السيناريوهات تثير أكثر من سؤال سياسي وعسكري على السواء، ليسأسهله تحديد القاعدة الشرعية التي يمكن أن تجيز التدخل. فهل ترى الدولالغربية أن وجود نية للنظام السوري لاستخدام الكيماوي يكفي للضغط على زرالتدخل؟ ومن هي الجهة التي تعطي إشارة الانطلاق؟
أما من الناحية العسكرية، فإن السؤال يتناول الأهداف التي يتعين تحييدهاوأولها المواقع القيادية والدفاعات الجوية وسلاح الطيران السوري الذي يمتلكعدة مئات من الطائرات المقاتلة والقاذفة روسية الصنع. ويجمع الخبراءالعسكريون على القول إن الطيران الحربي السوري لا يمكن مقارنته أبدا بسلاحالجو الليبي لا عددا ولا تجهيزا ولا تدريبا. ولذا، فهل الغربيون جاهزونلتحمل وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوفهم؟ وأخيرا، هل سيستخدم التحالف الذيسيقوم بحجة الكيماوي و«شرعية» منع استخدامه توجيه الضربة القاضية التي منشأنها إسقاط النظام؟
التعليقات (0)