سيمفونيةُ
ما بعدَ انتصافِ الليلِ
بعدَ انتصافِ الليلِ
تنتفضُ الحروفُ
وتستشيطُ نُقاطُها شوقاً
إلى معنىً جديدٍ
يمتطي سِحرَ القصيدةِ
مثلَ تعويذاتِ عرّافٍ
قضى من ألفِ عامٍ
في بلادِ الهندِ
حيثُ لمحتُهُ في القدسِ يمتهنُ العِطارةَ
يختفي...
فأراهُ في بغدادَ يُلقي
شعرَ بشارَ بنَ بُردٍ
في الهوى الحسّيِّ
ثمَّ أراهُ في بيروتَ يمتهنُ الكتابةَ
ناقداً شعراءَ ما بعد الحداثةِ
يختفي...
وتضيعُ أركانُ القصيدةِ
حيثُ أبدأُ من جديدْ
من أينَ أبدأُ ؟
لستُ أدري
ورأيتُ أن أجترَّ أجملَ لحظةٍ كنا قضيناها معاً
حين ارتوَتْ عينايَ من عينيكِ
فاندلقَ النبيذُ على الشّفاهِ
وشهقةُ الشوق ِ المحرّمِ
تحرقُ الّلحظاتِ ،
تفصلُ بيننا تلك التضاريسُ التي
تعوي وتطلقُ صرخةً :
" هل من مزيدْ ؟! "
........................
ونغوصُ في تأويلِ أسبابِ النبوءةِ ،
والرحيلِ
وعودةِ النّدينِ للأحلامِ والأملِ الكبيرِ
وسبرِ أغوارِ السؤالِ السرمديِّ :
" لِمَ التقى ذكرٌ وأنثى عندَ منتصفِ الطريق ِ
وحطّما كلَّ القيودْ ؟ "
بعدَ انتصافِ الليلِ
تحتضنُ الحواسيبُ الحنونةُ بوحَنا
شعراً ونثراً
ثرثراتٍ من أغاريدِ المساءِ
وآهةً من هاهنا
أو ضحكةً تنسلُّ من أنفاسِنا السّكرى
فتجعلُني جريئاً حينَ أسألُ قاصداً
عن كلِّ أشكالِ اللدونةِ
حينَ تغمرُ جسمَها الغضَّ الجميلَ
على سماعِ قصائدي
فتُفضّلُ الإبحارَ هاربةً من النيرانِ
للشّطِّ البعيدْ
بعدَ انتصافِ الليلِ
قالت مرةً :
أغويتَني
فسبيتَني
وجعلتَني أهذي بأشعاري الجميلةِ
رُغمَ أني
ما حلُمتُ بأن أخطَّ قصيدةً يوماً
ليوغلَ فيَّ حبُّكَ
قبلَ ما أصبحتُ شاعرةَ البلاطِ لديكَ
ولا أرى إلاكَ
في هذا الوجودْ
بعدَ انتصافِ الليلِ
أبحثُ بين " موزياتِ سافو "
عن فتاةٍ
نافَسَتْ " فينوسَ "
في استنهاضِ أسبابِ الجمالِ
فأيقَظَتْني من سُباتٍ
كان يقضمُ ما تبقى من حياتي
فاستوتْ روحي على "جوديِّها "
وكأنني " شيخُ الطّريقةِ "
هامَ في حبِّ " المُريدْ "
قبلَ انبلاجِ الفجرِ
يختمُ ليلتي القمراءَ
جؤذُرُ مهجتي
يغفو على صدري
يمدُّ الجيدَ بين أناملي
مستسلماً للذّبحِ في أفياءِ حِجري
حيثُ أمنحُهُ الفداءَ
بلثمِهِ ....
حتى يصيحَ الديكُ
يعلنُ موعدَ التحضيرِ لِلَّحْنِ الوليدْ
التعليقات (0)