سيكون صـــــوتاً واحـــــــــداً
في غمرة مشاغلنا بالليل والنهار، تتداخل العديد من الأصوات بين ثنايا حياتنا اليومية، كلٌ منها لداعي يدعونا للالتفات إليه، فهذا داعي هموم الأسرة، وذلك داعي هموم العمل، وتلك دواعي نوازغ النفس وشهواتها، وآخر لدواعي المعارف والأصدقاء، وبين كل هذه الأصوات يتردد صوت هذا الداعي الحزين، الذي تعمد الشيطان إخماد صوته في نفوسنا وآذاننا، بل وأصم آذن الكثير منَّا وأغلق قلوب الآلاف عن مجرد الاستماع أو الإنصات إليه، إنه داعي الله والدار الآخرة . .
إنه الصوت الذي علت عليه أصوات غفلاتنا وشهواتنا!!
إنه الصوت الذي طالما قيدنا له داعي التسويف في نفوسنا!!
إنه الصوت الذي لم يفتأ يدعونا في الليل والنهار للمصالحة على ربنا!!
إنه الصوت الذي طالما تقطع حزناً وألماً على إفراطنا في أمرنا وبعدنا عن ربنا!!
إنه الصوت الذي بغفلتنا عنه تقاطعت أرحامنا!!
إنه الصوت الذي صرنا بالبعد عنه نتقلب في ألوان الحيرة وهموم دنيانا لإهمالنا هم آخرتنا!!
إنه الصوت الذي دفعنا تجاهلنا له إلى التجرأ على أكل الربا وعدم المبالاة بحرب ربنا!!
إنه الصوت الذي صرنا بنسيانه نستهين بالصلاة؛ فنؤخرها ولا نسارع للقاء ربنا!!
إنه الصوت الذي حرمنا تجاهلنا له تذوق حلاة الإيمان والأنس بربنا!!
إنه الصوت الذي ستتلاشى دونه سائر الأصوات في لحظة مباغتة، ليصرع أسماعنا في مشهد يومٍ عظيم "يومئذٍ يتبعون الداعي لا عوج له، وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً (108) يومئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً (109) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً (110) وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً (111)" سورة طه فهلا أرهفت سمعك رحمك الله لهذا النداء من الآن وأنت على ظهر هذه الحياة، بدلاً من أن يكون هذا الصوت هو الصوت الوحيد الذي ستسمعه دون غيره من الأصوات التي أشغلتك عن آخرتك، ولكن سيكون إنصاتك له حيينها في وقت قد فاتت فيه منك فرصة الحياة دون أدنى أمل في رجوعها!!
فأنصت له من الآن في أسرتك برعاية الله فيها، وأنصت له الآن في تجارتك بتقوى الله فيها، وأنصت له الآن في معاملتك للناس بمراقبة الله فيها، وأنصت له الآن في كل شؤون حياتك بمراعاة الله فيها، فسارع لصلاتك في جماعة، وطهر أموالك وتحلل من حقوق العباد قبل قيام الساعة، وكن داعياً للخير تؤجر، قبلما يدعوك أهل الشر فتؤزر، واعلم أن تعظيمك لأوامر الله في قلبك، حصن لك من الذنوب في الدنيا، ورفعة لدرجتك في الآخرة، لأنها دليل على استجابتك لهذا الصوت في دنياك، فأمنك الله به في آخرتك..
تلك النهاية التي سيكون فيها هذا الصوت صوتاً واحداً
التعليقات (0)