سياسة الكيل بمكيالين بعد الثورة المصرية..!!
لا ننكر فضل المجلس العسكري في حماية الثورة ، ولا يستطيع مصري أن ينكر التأثير الإيجابي لهذا الموقف الوطني على تطورات ومكتسبات الثورة فيما بعد وعلى اقتناع المصريين بأن لهم سند وظهر قوي و حائط أقوي يمكن الاعتماد عليهما وقت الشدة ، لكن كل هذا لا يبرر توجيه النقد المناسب لسياسات المجلس العسكري حيث أنه يقوم بدور رئيس الدولة في هذه الفترة ، وهذه وظيفة سياسية قابلة للنقد كأي وظيفة وأي عمل سياسي مع كامل احترمنا للقوات المسلحة بكل أفرادها وقياداتها.
لكن يجب أن نتحدث بمنتهى الشفافية والوضوح دون خجل أو خوف لنضع أيدينا على السلبيات والأخطاء حتى نستطيع معا إيجاد العلاج المناسب والحل المناسب لها قبل فوات الأوان ، وهذا كله حرصا على مصلحة البلاد والعباد ، ولأننا وبفضل الله جل وعلا لا نبحث عن جاه ولا منصب ولا وزارة أو سفارة.
وبالطبع كلنا بشر ، وطالما اتفقنا أن أي عمل سياسي قابل للنقد والمناقشة والمراجعة فلابد للمجلس العسكري كبشر يؤدى وظيفة سياسية أن يقع في بعض الأخطاء ، وهنا أتوجه بأسئلة مشروعة للمجلس العسكري الذي نثق فيه ونتمنى أن تكون هناك إجابات شافية وإجراءات عملية سريعة تبين حرص هذا المجلس وخوفه على مصر وعلى شعبها وثورتها السلمية.
منذ بداية الثورة حدثت أمور كثيرة ومتكررة أظهرت المجلس العسكري وكأنه يكيل بمكيالين في تعامله مع المصريين ، وهناك ازدواجية واضحة في التعامل مع المصريين ، وسوف أضرب أمثلة واقعية على هذه الازدواجية:
أولا: قامت الدنيا ولم تقعد على حركتي كفاية و 6 أبريل وغيرهما من جمعيات المجتمع المدني وعلى جميع النشطاء السياسيين ، لدرجة وصلت لبلاغات للنائب العام تطالب بالتحقيق في تمويل هذه الجمعيات والحركات ، وهذا الإجراء لا غبار عليه ، لكن يجب هنا مقارنة الإمكانات المالية لتلك الحركات والمؤسسات مع نفس الإمكانات للتيارات الدينية بكل أنواعها ، وتوضيح الهوة السحيقة بين هذه الإمكانات ، فقد نجح أرباب التيارات الدينية في تأسيس الأحزاب في وقت قياسي ، ومنهم من فكر في إنشاء فضائية وجرائد يومية ، وأعتقد أن تأسيس حزب يحتاج لتمويل كبير وإمكانات مالية معروفة ، ورغم كل هذا لم ينطق مسئول عسكري بكلمة واحدة تمس هذه التيارات الدينية بأن يقول لهم من أين لكم هذا.؟ ، ولكن استطاع أحدهم أن يتهم صراحة حركة 6 أبريل بأنها تتلقى أموال من الخارج لتنفيذ أجندات خارجية ، وغفل هؤلاء جميعا عن أقبح أجندة سيقوم الوهابيون بتنفيذها في مصر لمحو الهوية المصرية واغتصاب السُلطة وقتل كل من يخالفهم الرأي وكل من يحاول الوقوف في طريقهم حتى لو كان المجلس العسكري نفسه.
ثانيا: من حق كل مصري أن يعتصم ويتظاهر بصورة سلمية وقتما شاء حفاظا على الثورة وحرصا على تحقيق جميع مطالبها ، كذلك من حق كل مصري أيضا الإصرار بصورة متحضرة على محاكمة مبارك وأعوانه على جرائمهم ضد الشعب المصري ، خصوصا إذا كان أهالي الشهداء ضمن المعتصمين و المطالبين بتحقيق مطالب الثورة وفي مقدمتها المحاكمات العادلة للمتهمين ، وهذا ما حدث من المعتصمين في ميدان التحرير تضامنا مع أهالي الشهداء ، وكذلك الأمر يوم الخامس من رمضان حين تجمع حوالي ثلاث مائة مصري بين طفل وشاب وفتاة وسيدة عجوز وشيخ كبير ، كان حلمهم أن يفطروا معا في ساحة مسجد عمر مكرم بجوار ميدان التحرير بمنتهى الهدوء ، ولكن ما حدث لهم ومعهم هو نفس ما حدث عصر أول أيام رمضان هجوم من الشرطة العسكرية وقوات الأمن وأمن الدولة بالعصي والهراوات والصواعق الكهربائية مع وصلات من الضرب والسب والقذف والإهانة والترويع والاعتقال وكانت حادثة الخامس من رمضان هي نموذج مصغر جدا لما حدث يوم فض اعتصام التحرير بالقوة وطرد أهالي الشهداء وتكسير الخيام واعتقال العشرات أو المئات العلم عند الله ، وعلى النقيض تماما نرى نفس الشرطة العسكرية تتعامل بمنتهى السلبية والتراخي مع البلطجية ومع جميع المسجلين الذين لا يحتاجون لدليل يدينهم ويثبت التهمة عليهم أكبر من حملهم السلاح الأبيض وزجاجات المولوتوف ، وهذا تلبس يقتضي القبض عليهم فورا ، وكذلك ما فعله قلة من المصريين يؤيدون مبارك ويرفضون محاكمته وهذا حقهم وليس من حقنا أن نعترض عليهم ، لكن عندما يقوم هؤلاء بالهتاف أمام أكاديمية الشرطة حيث قاعة المحاكمة مرددين بتهديدات واضحة (ها نهد السجن ونولع فيه لو حسنى مبارك حكموا عليه) و (غصبا عنهم حسني مبارك هو الريس حسني مبارك ـ غصبن عنهم حسني مبارك ـ أشرف منهم حسني مبارك) بالطبع هذه الهتافات تحمل تهديدا واضحا وعلنيا ومكررا ، بالإضافة إلى سب كل من ثار وساهم وشارك في خلع مبارك ووصف مبارك بأنه أشرف منهم جميعا ، وأن مبارك هو الريس وهو الشرعية ، وأعتقد بعد هذه التهديدات على الأقل كان لابد من القبض على هؤلاء الناس والتحقيق معهم وسؤالهم لماذا تهددون بحرق السجن.؟ ، لكن هذا لم يحدث وعلى النقيض كان التعامل مع الناس البسطاء المسالمين باعتقالهم وضربهم وترويعهم وصعقهم بالكهرباء رجالا ونساء وطردهم من الميدان لأنهم يطالبون بتحقيق مطالب ثورتهم.
http://www.youtube.com/watch?v=SzJfX0o_7zM&feature=player_embedded#at=78
والأخطر من هذا هو تصريح مواطن مصري بأن العسكر سيحكمون مصر ولن يحكم مصر غيرهم وحوله قلة لحمايته من أي مواطن يحاول معارضته.
http://www.youtube.com/watch?v=T_rEvh35nFE&feature=related
ثالثا: من المؤكد أن هناك أخطاء كثيرة في أداء المجلس العسكري في تعامله مع عموم المصريين وتناقض واضح في تعامله مع المتهمين في قضية قتل المتظاهرين ، وظهر هذا جليا على وجوههم لحظة خروجهم بعد انتهاء الجلسة الأولى وهم يضحكون ويتصافحون مع ضباط الشرطة العسكرية وضباط الداخلية وأداء التحية العسكرية لهم وأياديهم حرة طليقة يلوحون بها كما يشاؤون ، وهذه مخالفة للقانون وكان يجب ربطهم جميعا لأنهم متهمون في قضية واحدة ، لأن هذا ما يحدث مع عموم الناس ، حتى لو كانوا متهمين في سرقة كوز درة أخضر.
هذه مجرد لفتة بسيطة جدا تبين أن المجلس العسكري حتى هذه اللحظة لا يتعامل مع البلطجية بنفس القسوة التي يتعامل بها مع الثوار وشباب مصر النبيل ولا حتى مع النساء والفتيات ، حتى مع أسر الشهداء الذين وقعوا ضحية للبلطجية أمام أكاديمية الشرطة يوم الثالث من أغسطس في أولى جلسات قضية قتل المتظاهرين ، وهجوم البلطجية عليهم بالحجارة كان ضمن خطة لمنعهم من دخول قاعة المحاكمة.
نريد جدول زمني وموعد واضح يقرر فيه المجلس العسكري بأنه سيتم التعامل مع المصريين جميعا بنفس الطريقة والأسلوب وبنفس الاحترام والتوقير ، ويتساوى المواطنون الشرفاء مع البلطجية والمسجلين ، من العار أن نطالب بهذا المطلب بعد ثورة 25 يناير أن يعدل المجلس العسكري في تعامله مع أسر الشهداء ومع شباب مصر وشعبها الذي فجر هذه الثورة ، كما يتعامل بسلبية وحنية وتراخي تام مع البلطجية ومن يخرجون عن القانون والشرعية ويهددون بحرق السجون ،هذه حقائق واقعية ملموسة موثقة بالصوت والصورة ، لا نفتريها على أحد ، بكل أسف جاء الوقت الذي نطالب فيه بأن يعدل أفراد الشرطة العسكرية في تعاملهم بين المواطن المسالم الشريف كما يتعاملون مع البلطجية والمخربين.
وأخيرا : أسأل : هل هذا التعامل القمعي للمسالمين هو عقاب مقصود لكل من يؤمن بالثورة حتى الآن .؟ ، وهو عقاب لمن أسقط رأس النظام ولكل من يظهر تأييدا للثورة ويطالب بتحقيق مطالبها.؟ ، وهو أمر مقصود لتخويف الناس.؟ من لديه إجابة فليتفضل مشكورا ..
التعليقات (0)