شكسبير
من سونيتات شكسبير
(1564 - 1616)
السونيتة 18
هل أشبّهك بنهار صيفي؟
أنت تفوقه فتنة واعتدالا.
الرياح العاصفة تهز براعم أيار الحبيبة،
وعقد الصيف قصير الأجل.
تشرق عين السماء أحيانا بحرارةٍ شديدة،
وغالبا ما يعتم محياها الذهبي؛
وكل جميلٍ يبارح جماله ذات يوم،
سواءٌ بالعرض أو بتغير سير الطبيعة الدائم.
لكن صيفك الأبدي لن يذوي،
ولن يفقد هذا الجمال الذي تملكه،
ولن يزهو الموت لتطوافك في ظله
عندما، في أبياتي الأبدية، سيحفظك الزمن؛
ما دام الناس يحيون، والعيون ترى،
فإن قصائدي باقية لتجدد لك الحياة.
•••
السونيتة 30
عندما، في جلسات التأمل العذب الساكن،
أستدعي ذكريات الحوادث الماضية،
أتحسر على فقدان أشياء كثيرة نشدتها،
وبتجديد أشجاني القديمة، أنتحب لضياع عمري الثمين.
آنذاك، هل أدع عيني تغرورق بدمعٍ لم تألفه
على أصدقاء أعزاء هاجعين في ليل الموت اللانهائي،
وأبكي من جديد على أشجان الحب المندثرة منذ زمن،
وأتحسر على خسارة مشاهد عديدة متلاشية؛
آنذاك، هل أقدر أن آسى على الضيم الماضية،
وبثقلٍ أحصي، من بلاءٍ إلى بلاء،
حساب الأحزان السابقة المحزن
الذي أدفعه من جديد كأنه لم يدفع من قبل.
في أثناء ذلك، عندما أفكر فيك، يا صديقي العزيز،
كل الخسارات تعوّض، وكل الأحزان تزول.
•••
السونيتة 60
كما تنداح الأمواج صوب الشاطئ المرصوف بالحصى،
هكذا تهرول دقائقنا إلى نهايتها،
كلٌّ منها تحلّ محلّ سابقتها،
بعناءٍ مستمر تتنافس كلها إلى الأمام.
عندما يأتي الوليد إلى عالم النور،
يدبّ نحو البلوغ، حيث به يتوّج،
بينما تقاتل تألقه خسوفاتٌ مقوّضة.
والزمن الذي وهب، يتلف الآن هباته
طاعنا الازدهار المنصب فوق الشباب،
حافرا الأخاديد على جبين الجمال
متغذيا من ندرات كائنات الطبيعة الكاملة.
لا شيء يصمد أمام منجله الذي يحصد:
ومع ذلك آمل أن يستمر شعري في الزمن الآتي
مطريا قدرك رغم يده القاسية.
•••
السونيتة 98
كنت غائبا عنك في الربيع،
حين نشر نيسان المزدهي بشتى ألوانه، والمتشح بكل زينته،
نشاط الشباب في كل شيء
حتى راح زحل الثقيل يضحك معه ويثب.
ومع ذلك، لا أناشيد العصافير ولا نفح الزهور الفواحة
المتنوعة عطرا ولونا
تحثّني على البوح بأي حكاية صيف،
أو أن أقطف الزهور، وهي تنمو، من كنفها الفخور.
ولن يثيرني بياض الزنبق الناصع،
ولن أمدح لون الوردة القرمزي القاني؛
كانت هذه عذبة، لكنها مظاهر بهجةٍ فقط
منقولةٌ عنك، أنت مثالها كلها.
لكن يلوح لي، وأنت بعيد، أن الفصل ما برح شتاء
كأنني مع طيفك لهوت مع هذه الأشياء.
•••
السونيتة 116
لا تدعني أرضى بعائقٍ لاقتران العقول الراجحة.
ليس الحب حبا
إن يغيّر ما يستدعي التغيير،
أو يخضع للهاجر فيهجر.
آه، لا! الحب صورةٌ ثابتةٌ أبدا
تحدق إلى العواصف ولا تتزعزع بتاتا؛
الحب نجمٌ لكل سفينةٍ ضالة،
جوهره مجهول رغم ارتفاعه المعلوم.
ليس الحب خدعة الزمن رغم أن الشفاه والخدود الوردية
تحت حد ليّ منجله تلتوي؛
لا يغير الحب بساعاته وأسابيعه الوجيزة،
فهو صامدٌ أبدا حتى شفا الدينونة.
إن كان ذلك خطأ - وقد ثبت عليَّ -
فلا أكون قد كتبت قط، ولا يكون إنسانٌ قد أحب قطّ.
(ترجمة: مرسيل الشاويش شعشع)
عن النهار 15/04/09
التعليقات (0)