فى الساحة المصرية الآن سوق كبيرة للأفكار والآراء , أغلب المعروض فى هذه السوق أفكار رخيصة , لأنها تخدم مصالح أرخص وأبعد عن نفع الناس وتحقيق كرامة وأمن حياتهم . فى مقدمة هذه الأفكار أن من حق التيار الدينى أن يفعل ما يشاء لأنه وصل الى السلطة بطريقة ديموقراطية وبانتخابات نزيهة بريئة من التزوير , وينسى دعاة هذه الأفكار أن ذلك يحدث حينما يصل الى الحكم حزب سياسى بينه وبين بقية الأحزاب خلافات فى الرؤى السياسية أو الاقتصادية و الاجتماعية و ا لسياسية التى بها تتقدم البلاد كما يحدث فى كل الدول التى سبقتنا فى مضمار الحضارة . ولكن حينما يكون الخلاف حول أمور هى من صميم خصوصيات الانسان , ومن مكوناته الذاتية , أمور ليست كيف تسير عجلة الاقتصاد , ولا كيف يمكن أن نخفف من الدين العام , ولا كيف نقرب من الفوارق الطبقية , ولكن الخلاف هو هل يصح أن تجلس النساء مع الرجال فى أماكن العمل أم لا ؟ بل هل يصح للمرأة أن تكشف عن وجهها وهى أمام القاضى فى لجنة الانتخابات أم لا ؟ حينما يكون المطروح هو سن قوانين تفرض الحجاب على جميع النساء , أو تقيم حد الجلد على سيدة لأنها ارتدت المنطال , أو القاء القبض على انسان ضبط متلبسا بتناول الطعام فى نهار رمضان أيا كانت عقيدته . هنا لا يصح الحديث عن أغلبية وصلت الى الحكم عن طريق الديموقراطية , لأنه لا يصح لأية أغلبية أن تتحكم فى خصوصيات الآخرين أو أن تنتهك حقهم فى اختيار عقيدتهم , وممارسة شعائرهم , وانتقاء ثيابهم طالما أنهم لا يخرجون عن الآداب العامة ولا يضرون أحدا . ما يحدث فى مصر ليس ديموقراطية اذا كان ضد حرية أى انسان ولو كان فردا واحدا . يجب غلق سوق الأفكار الرخيصة وتحدثو ا في ما ينفع الناس ويجعل حياتهم أكثر أمنا وكرامة وترابطا وانسانية واجعلوا الدين علاقة خالصة بين الانسان وخالقه
التعليقات (0)