سوسيولوجية السقوط الحضاري
بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا يذكر ابن خلدون ومقدمته في طبائع الامم ونشوءها واسباب زوالها والذي سمي عند الغرب بالسوسيولوجي اي علم الاجتماع ولعل ابن خلدون من اوائل المنظرين لهذا العلم والمؤسسين له بشكل علمي وعقلاني لتفسير تطور المجتمعات واختلال التوازن بين مكوناتها من مبدا ان كل مجتمع يحمل في طياته نقيضه الذي سيؤدي الى زواله في النهاية وتطوره الى مجتمع جديد ضمن السنن الكونية في نشوء المجتمعات
ومن ثم هل العولمة تحمل قي طياتها نقيضها وهل الفوضى الخلاقة التي يتكلم عنها الكثير هي من مظاهر النقيض الذي سوف يؤدي الى زوالها في نهاية المطاف وما هو النظام العقلاني المتوقع قدومه بعد ذلك وماهي التحديات المستقبلية ومدى خضوعها الى قوانين صيرورة الامم والمجتمعات والذي سوف نطلق عليه الدولة الكوكبية المفترضة.
الا انه مايميز عالم الدولة الكوكبية المفترضة هو التجدد في مظاهر المجتمع والعلاقة بين مكوناته ووجود ظواهر اجتماعية جديدة من قبيل العولمة وصراع الحضارات والاستنساخ والهندسة الوراثية، وتعزز مقولة الحوار ونهاية التاريخ والهامشية والاقصاء وأزمة الفراغ من جانب، والتنمية الشاملة وثقافة السلم والحرب وتحرر المراة ودولة الرفاه، فضلا عن نزعة الأنسنة من جانب آخر.
بالاضافة الى وجود دولة المعلوماتية وشيوع التجارة الرقمية المتعددة الجنسيات في العالم الاجتماعي "القديم - الجديد "،
والمهتم اليوم بدراسة هذه الظواهر الاجتماعية في المجتمعات الكوكبية المعاصرة يدرك من أول وهلة في الجانب الاول حجم التقلص و الانهيار في الخصوصيات المحلية والانا ومن الجانب الثاني تزايد حجم الانفتاح على العموميات والآخر، إن لم نقل اغتيال جوهر خصوصيات الاخر ثم المحاولة الدؤوبة في تغيير خريطة العالم، بفسح المجال امام صعود وهبوط مستوى القيم المجتمعية والعادات والتقاليد الموروثة عن الآباء والأجداد، تلك المتأصلة منذ القدم لصالح عادات وقيم واخلاق جديد مكتسبة، بدت وكأنها غريبة وبعيدة وشاذة عن أصولها وفضاءها الاجتماعي المنتمية إليه، باعتبار أنها باتت تدق ابوابها أذهان الافراد والمجتمعات لتحاربهم في عقر دارهم.
ومن ثم ليقع التساؤل عن مخرجات هذه الظواهر الاجتماعية من الناحيتين الايجابية والسلبية وتأثيرها عليهم. من هنا نستطيع أن نتحدث عن المقولات المعرفية المتجددة كي نتمكن من فهم سوسيولوجية السقوط الحضاري كواقع اجتماعي بنيت عليه حركة تطور الأمم.
والسؤال الذي يطرح في هذا السياق ماذا يريد الإنسان ككائن اجتماعي من الدولة الكوكبية المفترضة؟ أنحن أمام عقلانية جديدة أم تخطينا حالة العقلانية بالاستمرار في بناء إمبراطورية الفوضى؟وإذا كنا نعتقد بوجود إمبراطورية الفوضى فبماذا يفكر الجنس البشري في ما بعد مجتمع العولمة ؟ ثم من هو المستفيد من سقوط الأمم ودخول مجتمع الفوضى حيّز العقلانية الجديدة ؟
ولفهم هذالموضوع يجب بحثه من وجهتين :
الاولى: تناول ظاهرة السقوط الحضاري من واقع التجربة الإنسانية والتحولات التاريخية التي واكبت مراحل السقوط وانحطاط الأمم والتي صاحبتها انماط مختلفة من الفوضى المجتمعية.
والثانية هي : طبيعة السقوط ومراحل تقدمه وتمدده أو انحساره نحو الدولة الكوكبية المفترضة .
هذا ماسنبحثه في المقالات القادمة نسأل الله التوفيق.
التعليقات (0)