ان مايجري في البلاد العربية هو تسونامي الشباب العربي الثائر والذي لن يقف في طريقه اية حاجز اوعائق كما ان هؤلاء الشباب ليسوا من صناعة اجيال النكبة او عصر القوميات والايديولوجيات العربية التي اثبتت فشلها ,انه ماركة مسجلة لتطورات العولمة والانطلاق نحو الافق اللامحدود فهم تجاوزوا الحدود والممنوعات ليعبروا عن انفسهم بحرية تليق بمشاعرهم بعيدا عن عجزنا نحن الجيل السابق لعصرهم, وخارج كونترول الاجيال السابقة الايديولوجية والتقليدية.
في سورياً يختلف الأمر, وعلى إثر انتصار كل ثورة أو بدئها كان السوريون يسألون أنفسهم متى؟ هذا السؤال المرتجف والمشوب بالحذر. وبدا أن طريق الحرية أصبح سالكاً أمام شعبها.
وإن ما حدث في الدول الاخرى قدم للشعب السوري طاقة أوسع من الأمل. كما انه لم يعد السؤال هل سيثور البلد الفلاني أم لا؛ بل متى؟ بل اصبحت المسألة تتعلق بالوقت، و بالظروف الموضوعية المتشابهة والمهيأة منذ عقود
اسباب الثورة.
وللعلم ان طبيعة هذا التغيير في هذا العصرهي الثورة وليس الاصلاح وان هؤلاء الشباب لايقف وراء ثورتهم اية نظم رجعية فهؤلاء الشباب كلهم نشئؤوا بعد احداث الثمانينات وانهم لم يعرفوا مشاكل الطائفية والارهاب التي يريد النظام تحميلهم اياها رغما عنهم بسبب الخوف والجهل ودفن الرؤوس في الرمال.
ولفهم اسباب الثورة يجب فهم طبيعة التغيير في حياة الشباب فمشكلتهم ليست مشكلة اقتصادية او فرص عمل وانما مشكلتهم الحاجة الى الحرية والتعبير الحقيقي عن الواقع الذي يريدونه من خلال مشاركة حقيقية في اتخاذ القرار وازالة الانسداد السياسي الحاصل في اغلب النظم العربية والذي يعبر عنه الوضع المتردي لاجتماعات جامعة الدول العربية والذي اسس له الرؤساء العرب تاسيسا وهم جماعة فكيف لو كانوا فرادى وهم يبحثون عن وجودهم اللاطبيعي في عصر قد تجاوزهم قبل ان يقذفوا في مزبلة التاريخ.
ان عدم فهم طبيعة الثورة ونشاتها سيكون السبب في تطورها والناتج بسبب انسداد الشرايين التي تحمل التغيير ومنعها من ايصال دم التغيير الى الراس
بالاضافة الى ان الشباب التي تدرك و تحمل فكر الانفتاح والعولمة يمكن ان تكون عونا على احداث التغيير بشرط ان تفتح لهم الامكانيات وتطلق لهم حرية التصرف واتخاذ القرار بعيدا عن مخلفات الماضي
هل التغيير يحل المشكلة
ان التغيير على استحياء لاينفع في مثل هذه المواقف وانما يجب على الانظمة الانتقال الجذري والفوري ان كان باستطاعتهم والذي يحمل معنى التغيير الحقيقي الى مرحلة متقدمة من متطلبات الشباب ولااظن ان باستطاعتها فعل ذلك لانها لاتعرفه والانسان عدو مايجهل
السؤال الجدير بالذكر هو من الذي يريد التغيير , اذا كان الذي يريد التغييرهو الشعب فعلينا ان لاننسى ان النسبة الغالبة من الشعب هم 65% من الشباب الذي تتراوح اعمارهم تحت سن الثلاثين وهي اجيال لاتحمل الولاء للسلطات بسبب تجاوزها لحدود اليكتاتوريات المحصورة ضمن عقولها ومفاهيمها التي لم تعد لها صلة بالواقع.
ولعل الفشل في التغيير ياتي من عدم فهم طبيعة التغيير المطلوب والذي يجعل الشخص الذي يقوم به لاينفع في عملية التغيير لانه لايدركه بسبب العقلية التي يملكها فهو خلال عشر سنوات من حكم الرئيس بشار لم يستطع حتى تجاوز مرحلة انجاز المصالحة الوطنية والتي يتجاهلهاو يريد ان يدفن راسه في الرمال ولايعلم انها قنبلة موقوتة على شرف جار يمكن ان ينفجر في اية لحظة والتي ليس لاحد في سورية مصلحة باعادة تفجيرها فضلا عن محاولة تاجيجها ليخدم مصالح الحرس القديم
وهل الوضع في سورية يختلف عن ليبيا ومصر وهل يمكن للتغيير ان يتم في في استمرار النظام القائم, الجواب بنعم و ضمن شروط اعتقد ان معناها هو ان يثور النظام على نفسه وتحقيق مطالب ثورة التكنولوجيا المعرفية. كما ان الشعب السوري من اوعى دول المنطقة وفتح المجال امامه للعمل والانطلاق هو من مصلحة المواطنين جميعا وليس من كصلحة النظام فقط.
كما ان على النظام ان يسبق الشباب قي تحقيق مطالبهم وفتح المجال امام تحقيقها لكي يتقدم الشباب الى مرحلة متقمة في خدمة المجتمع ودرهم وقاية خير من قنطار علاج, كما يجب فهم طبيعة الثورة الشبابية وحقبقتها لاستيعابها وعدم الجري وراء الاسباب الوهمية ودفن الرؤوس في الرمال. او بمعنى اخر نسيان الاصلاحات الترقيعية التي لاتنفع في استيعاب حركة الشباب وانما يجب ان تكون البداية في اصلاحات جذرية ثورية
ان سوريةامامها المجال لاختصار عامل الزمن في التغيير الحتمي لاسباب اهمها
ان هناك محاولات من الرئيس السوري بشار الاسد في الاصلاح منذ ان استلم السلطة وان كانت بطيئة وانه اول رئيس سوري غير عسكري يصل الى الرئاسة وهو لا يحمل النفسية العسكرية التي يحملها بقية الرؤساء العرب وعنده الجرأة على بداية التغيير ويعيه , بالخلاف من بقية رؤساء الدول العربية. ولعل الفرصة قد جاءته على كاس من ذهب للبدء في تغيير النظام بعيدا عن الايديولوجيات وفزاعة الارهاب التي يستعملها من لايريد الخير لسورية ويريد دمارها , كما ان المتابع لخطابات الرئيس يجد فيها احيانا عندما يكون خارج سلطة السياسة العربية المريضة والمزمنة والمرتبطة بالعقليات من النظم الايديولوجية المتعقنة الموروثة, يجد في خطاباته جزء من الخطاب العقلاني والمنطقي الذي كان السبب الرئيسي في تجمع نخبة من الشباب المقتنعين بالتغيير بشرط ازالة العقبات امام محاولات التغيير التي سيقف امامها الحرس القديم.
واول خطوة يجب ان تكون بتغيير الحرس القديم اراديا قبل ان يتغيروا قسرا وهذا الموضوع يحتاج الى وقفة صحيحة وصريحة مع النفس لاجراء هذا التغيير والاعتماد على الشباب الواعي المثقف
. ان الرئيس هو اول من طرح فكرة الراي الاخر كاساس للتعامل في المستقبل ولكن علينا جميعا ان نفهم منطق الراي الاخر بطريقته لابطريقتنا فقط .كما انه اول من اتقن فن السياسة الواقعية البراغماتية التي ادت الى استمراره طيلة العشر سنوات السابقة, كماانه بخبرته الحالية هو اكثر من يستطيع ان يقود عملية التغيير بشرط ان تكون جدية تحمل التطلعات الحقيقية التي يريدها الشباب.بالاضافة ان هناك من حوله بعض الرؤساء الذين لديهم تجربة في التغيير كتركيا وايران وان علينا ان نستفيد من تجاربهم.
اما البداية فيجب ان تكون بعدة نقاط انتهت اليها الثورة المصرية واعتمادها بخطى جريئة تحفظ للرئيس مكانته وتجعله قائدا جيدا للثورة الثورية
عزل سيطرة الاجهزة الامنيةعلى مؤسسات الدولة وتحييد الجبش لبقاء وظيفته في حراسة امن البلاد فقط والانتهاء من فزاعة الارهاب وامن الدولة فالكل حريص على مصلحة البلاد وحب سورية ليس حكرا على الاجهزة الامنية فقط
- ازالة العواقب امام المصالحة الوطنية مثل قانون 49 زقانون حرية الصحافة والاعلام وقانون تشكيل الاحزاب ورفع حالة الطوارئ
تعيير قانون الاحزاب وحل حزب البعث وخروجه من نطاق حماية الدولة لكي ياخذ بعده الحقيقي في المجتمع وفتح باب الحريات السياسية
فتح المجال امام التداول السلمي للسلطة والذي هو من اولويات الدولة المتحضرة.
- رفع الوصاية الفكرية على الفئات الاخرى والادعاء بالفهم والغيرة على مصلحة البلاد فالكل يحب سورية والكل حريص عليها
- نسيان الاسباب التي ادت الى حدوث الفتن وعم حمل الحقد والتحول الى مرحلة المسامحة والتي يعلم النظام انه اول من يجب ان يبداها وانه اول من يغذي دماء هذه الفتن بعدم فهم حقيقة الامور والخوف من الاخرين, بالاضافة الى ازالة الكمائن التي زرعت في طريق الوحدة الوطنية وليس لاحد مصلحة في استمرار التفرق واعادة شحن النعرات القومية والطائفية.
واخيرا هذه هي اهم الافكار التي توفر لسورية الزمن وهدر الطاقات والبدء الحقيقي في عملية التنمية والانتقال الى عصر دولة التكنولوجيا بعيدا عن دولة الايديولوجيات.
التعليقات (0)