بقلم : د. رشيد بن محمد الطوخي
لا شك أن الأزمة الشديدة التي تعيشها سورية حاليا أوجدت تحولا شديدا لدى الدبلوماسية السورية وموظفي السلك الدبلوماسي عموما حيث بات التخبط وعدم الاتزان هو السائد في معاملة تلك الشريحة من الموظفين الرسميين للمواطن بل زد على ذلك أسلوب التهديد وعدم الاهتمام من ردود الفعل المتوقعة من الخارجية بسبب الانفلات الأمني والتسيب الوظيفي وما شابه ، فالثورة السورية التي دخلت عامها الثالث أوجدت شريحة من الدبلوماسيين أقل ما يقال عنهم أنهم منتفعون من الوضع الراهن فلا هم أحسنوا الأداء وكسبوا الرهان وأثبتوا أن أزمة الداخل السوري لا تنعكس سلبا على أخلاق الدبلوماسي في الخارج ولا هم تركوا مناصبهم لمن هم أحسن حالا وألطف معاملة وربما أجدر وظيفيا .. وما ذاك إلا لانشغال الوزارات والجهات المسؤولة في سورية بالقتال الدائر هناك وترك تقدير الأمور الخارجية للموظفين الدبلوماسيين كل في موقعه ، وهنا لابد أن ندرك أن تصرفات الدبلوماسي تجاه المواطن السوري خاصة في ظل الأزمة تعكس نفسية الاول وتعبر عن شعور الاخر ، فهي تعكس نفسية الموظف الذي وجد فرصة في عدم المساءلة ليزداد بطشا وظيفيا ويزداد سوءا على سوء ، وثانيا شعور المواطن الذي ازداد قناعة أكثر من ذي قبل أنه لابد من الثورة طالما أن هذه هي أخلاق ومعاملة الموظفين الرسميين في الخارج وبهذه الحالة يكون الدبلوماسي قد أساء لوطنه ومواطنيه ولحكومته التي يخدمها من حيث يدري ومن حيث لا يدري . وقد قابلت عشرات المواطنين السوريين في دول المنطقة فلم أجد شخصا واحدا أثنى على الموظفين الدبلوماسيين ولو بكلمة مجاملة بل العكس تماما فلكل مراجع منهم قصته الأليمة مع السفارة ، ولنأخذ اندونيسيا على سبيل المثال فالمعروف أن القنصل ومعه القائم بالأعمال استخدما مؤخرا أسلوب التهديد والوعيد ضد كل السوريين المقيمين هناك واعتمدا في ذلك على بعض الشبيحة السابقين للسفارة والمعروفين لأبناء الجالية حتى ان بعض السوريين في اندونيسيا عالقون منذ اشهر طويلة بانتظار منح جواز سفر او انجاز معاملة لاتستغرق في اكثر احوالها عن ساعتين فقط ، وزد على ذلك أن السفارة في جاكرتا أصبحت هي المسؤولة عن تسيير شؤون السوريين المقيمين في أستراليا بعدما أغلقت الخارجية الاسترالية السفارة السورية لديها مما جعل دائرة تسلط القائم بالاعمال ومعه القنصل تتسع اكثر واكثر . وأما في ماليزيا حيث القانون هو السائد ولا مجال للشبيحة أو النبيحة فقد مارست الموظفة المسؤلة أسلوب تعطيل المصالح والإضرار بالمراجعين من خلال تكليف المواطن بطلبات أقل ما يقال عنها أنها تعجيزية معتمدة على صلاحيات مستمدة من خلفيتها الطائفية فهي تمارس عمل القنصل الغائب الذي انشق مؤخرا رغم عدم كفاءتها أكاديميا لهذا المنصب وحتى الآن لا أحد من المقيمين في ماليزيا يعلم من هو صاحب الكلمة في السفارة إذ أن جميع التقارير تفيد أنها تفرض سيطرتها بحكم الطائفية والعلاقة الجيدة مع الأجهزة الأمنية في سورية . ولنتحدث عن الصين أيضا ؛ فمنذ إعلان الملحق الدبلوماسي "هدى أورفلي" انشقاقها وموظفو الأمن في السفارة السورية ببكين يراقبون كل صغيرة وكبيرة وكل شاردة وواردة تخص الدبلوماسيين وزد على ذلك أنهم يتحكمون في المعاملات ويرفضون حتى تنفيذ أي أوامر تصل من دمشق لصالح أي مواطن لا يكونون هم أنفسهم راضون عنه كمنح جواز سفر أو تمديد أو إعطاء كتاب بعثة طلابية أو ما شابه ، ومؤخرا تم تهديد عدد من الطلبة السوريين في عدد من الجامعات الصينية بقطع كل ما يمت لهم من صلة مع سورية وإلغاء المنحة أو الابتعاث الرسمي والطلب من السلطات الصينية إبعادهم في حال نظموا أية مهرجانات أو تجمعات مؤيدة للثورة السورية . والسفارات السورية في الهند وباكستان وروسيا وكذلك الملحقات الدبلوماسية والقنصليات في الفلبين وتايلند وغيرها ليست أحسن حالا مما ذكرنا ، ويبدو أن الخارجية السورية أدركت ذلك مؤخرا وحاولت جمع الأوراق وترتيب الأمور من جديد إلا أن الوضع الفعلي داخل سورية له تأثير واضح وكبير على تصرفات السلك الدبلوماسي ، ومؤخرا أصدرت الخارجية السورية تكليفات رسمية لعدد من سفاراتها بالخارج لتسيير شؤون المواطنين في دول أغلقت فيها السفارات السورية بسبب الأحداث إلا أن الخارجية السورية لا تزال عاجزة عن السيطرة الفعلية على تصرفات الموظفين الفردية والتي تمس مصالح المواطن السوري رغم كل القرارات التي صدرت ولا تزال تصدر يوميا بشأن إتمام معاملات المواطن السوري بغض النظر عن أفكاره وميوله السياسية وطائفته وهي الأهم .
التعليقات (0)