أخيرا و جد النظام السوري ضالته في من يقف وراء الأحداث الأخيرة التي عرفتها و مازلت تعرفها مدن الشام ، أنه تمرد مسلح تقوده عناصر سلفية، الإعلام السوري و منذ بداية الأحداث حاول دائما إلصاق تهمة العنف المسلح بما يجرى في كل من درعا و بنياس و من ثم اللاذقية و باقي المدن التي عرفت مظاهرات لوقيت بعنف أمني وصل إلى حد إطلاق الرصاص، فقد تحدثت وزارة الداخلية عن عصابات مسلحة اعتدت على رجال الأمن و على الجيش، و بالتالي فالضحايا حسب الإعلام السوري غالبا هم من الأمن و الجيش، كما أظهرت اعترافات لأشخاص معينين متهمين بالتورط و أظهرت سلاح و أموال قيل أنه تم العثور عليها، تحدثت عن مؤامرة فرسانها أطراف لبنانية و إسرائيلية......
تزامنا مع الأحداث التي تشهدها البحرين و الأردن و مصر، و المواكبة الإعلامية لبعض القنوات المحسوبة على التيار السلفي ( وصال، الأثر، صفا......) لتغطية الأحداث في البلدين سوريا و البحرين ببعد طائفي، ربما وجد النظام السوري طريقه إلى شماعة يعلق عليها أسباب ما يجري في مدن سورية، غطاء إعلامي يبرر إدعاءات وزارة الداخلية السورية، أحداث لعنف في الأردن قادتها أطراف محسوبة على السلفية الجهادية، ضجيج سياسي في مصر أحدثه دخول التيار السلفي للمشهد السياسي بعد الثورة: حادثة كنيسة افطيح، قطع أذن القبطي و حديث غزوة الصناديق و خروج التيار السلفي بحملة للتصويت بنعم لتعديل الدستور حفاظا على المادة 2 " الإسلام مصدر للتشريع في مصر" و ما ترتب عن ذلك من حملة قادتها أحزاب ليبرالية و علمانية و أخرى متوجسة من صعود نجم السلفية في مصر، إضافة إلى ما يحدث في العراق، و الصراع الخفي بين النظامين السوري و السعودي.
بيان وزارة الداخلية جاء فيه "أن مجريات الأحداث الأخيرة كشفت أن ما شهدته أكثر من محافظة سورية من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والتمثيل بأجسادهم والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإطلاق النار لترويع الأهالي وقطع الطرقات العامة والدولية، إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية، ولاسيما في مدينتي حمص وبانياس، حيث دعا بعضهم علنا إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد مطالبين بإقامة إمارات سلفية." و هي بالتالي أصدرت قرارها بمنع جميع الإعتصامات و المطاهرات، بالمقابل أقر المجلس مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، إضافة إلى إقرار مشروع مرسوم تشريعي يقضي بتنظيم حق التظاهر السلمي للمواطنين، بوصفه حقاً من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها دستور الجمهورية العربية السورية، وفق نواظم إجرائية تقتضي حصول من يرغب بتنظيم مظاهرة على موافقة وزارة الداخلية للترخيص بتنظيمها، حسب ما أوردته وكالة الأنباء السورية سانا، فكيف يمكن الجمع بين القرارين قرار المنع و قرار الترخيص؟ و هل ستمكن قرارات وزارة الداخلية رأس الجهاز الأمني الحاكم فعليا في سوريا و قرارات المجلس الوزاري الحديث العهد و المتطلع لكسب الثقة الجماهيرية، من تهدئة الأوضاع في سوريا؟ أم أن الأمر بات محسوما لصالح مزيد من التصعيد من طرف الشارع السوري التواق نهاية مصرية أو تونسية بامتياز.
التعليقات (0)