الضابط السوري المنشق المقدم حسين الهرموش قال جملة مفيدة في اطلالته عبر التلفزيون السوري وهي ان قيادات المعارضة السورية في الخارج، من الاخوان المسلمين، الى عبدالحليم خدام وولدية، اتصلوا به وقدموا له الكثير من الوعود حول الدعم الذي يحتاجه هو وجنوده الا أن تلك الوعود لم تنفذ، وترك هو وجنوده لمصيرهم الى أن سلم أو استسلم للنظام السوري. بدا لي المقدم هرموش وهو يتكلم عن هذا الموضوع كمن يناشد المعارضة لرص الصفوف، والوقوف خلف متظاهري الداخل الواقفين بصدور عارية في الشارع ويواجهون أعتى الدكتاتوريات في المنطقة، ودعم أولئك المتظاهرين فعليا وليس بالكلام.
النظام السوري تمرن على قتل شعبه وابادته وذلك من خلال سجله الحافل بانتهاكات حقوق الانسان ابتداء من مجزرة حماه عام 1982 ومرورا بالاعتقال والتعذيب المستمر لاصحاب الرأي من الكتاب والصحفيين والحقوقيين والمدافعين عن حقوق الانسان وعائلاتهم وزجهم في سجون النظام السرية، الى انتهاكات حقوق الانسان التي يمارسها النظام يوميا، امام انظار المجتمع الدولي باسره وتتولى بعض الانظمة الدفاع عنه معتبرة ذلك شأنا داخليا و مشددة على ضرورة اعطاء النظام المزيد من الوقت للبدء بالاصلاحات، في ظل ما سبق لا بد من أن تنظم المعارضة السورية صفوفها لتستطيع مواجهة النظام، وقد يكون اعلان المجلس الوطني للمعارضة السورية عشية جمعة ماضون حتى اسقاط النظام، بداية تنظيم لصفوف المعارضة السورية لمواجهة النظام وبلورة الرؤية لسوريا المستقبل. فتحت مدارس سوريا الا ان المدارس هذا العام تعج بالمعتقلين بدل التلاميذ وفيها مقاعد خالية هي للأطفال الشهداء الذين سقطوا صارخين حريه حريه حريه.
على جبهة أخرى يبدو ان النظام السوري، لم يقض ثلاثين عاما عبثا في لبنان. البطريرك الراعي صدم الجمهور العريض الواقف خلف الكنيسة المارونية باعتبارها أحد أعمدة الحرية والسيادة والاستقلال عندما أطلق من باريس، موقفا يتماهى مع مواقف التيار الوطني الحر، وحزب الله، وسوريا، بطلبه اعطاء فرصة للرئيس بشار الاسد للاستمرار بالاصلاح، وتخوفه من أن يؤدي التغيير في سوريا الى تحالف سني سني في سوريا ولبنان على حساب الأقليات. وأطلق مواقف مشابهة لتلك المواقف الباريسية في بعلبك والجنوب، ولتكتمل الصورة وتتظهر خلفية هذه المواقف، لا بد من قراءة موقف مفتي سوريا الذي قال للنهار " هنأت الراعي على مواقفه وسأزور لبنان لإخراج المنطقة من التطرّف" هذا الانحياز الكامل من قبل البطريرك الراعي لقوى 8 آذار وسوريا، دفع أحد الأصدقاء الصحافيين لسؤالي عن اذا ما كان البطريرك الراعي مرشحا وسطيا للرئاسة باعتبار الوسطية هذه الايام في لبنان هي انحياز كامل لسوريا. مما لا شك فيه ان البطريرك الراعي قد وقع بالتباس اوهمه ان حماية مسيحيي سوريا يكون بالنظام، وسيحتاج الى وقت طويل لمعالجة هذه الغلطة واعادة كسب ثقة الناس من جديد خاصة وأن البطريرك مارنصرالله بطرس صفير قد كرس خطا وطنيا يتناقض مع طروحات البطريرك الحالي. يعد البطريريك الماروني المستقيل نصر الله صفير من أكثر الشخصيات اثارة للجدل في لبنان، والرجل الذي لعب دورا محوريا في تطورات الوضع الداخلي على الساحة المسيحية الداخلية، وعلى المستوى الوطني ايضا.
فالبطريريك الماروني مار نصر الله بطرس صفير اطلق عام 2000 وبعد اشهر على انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان شرارة المطالبة بخروج سورية من لبنان يوم كان هذا المطلب من التابوهات. شكل البطريريك صفير بموقفه حالة ضغط تدفع باتجاه تحقيق مطلبه "بخروج سورية ووضع حد لوصايتها " ورعى اجتماع القوى والشخصيات المسيحية التى اعلنت دعمها لمطلبه وشكلت برعايته تجمعا عرف بلقاء قرنة شهوان. لم يكن موقف البطريريك صفير الداعي الى خروج سورية من لبنان، أول موقف معترض على أدائها. فقد سبق له ان اعترض على دورها في لبنان في السنوات التى تلت انتهاء الحرب مطلع التسعينات. وصولا الى مطلب اسقاطها. رفع البطريرك السقف ضد سورية، ورفع في ما بعد السقف ضد حزب الله وسلاحه فاتهم الحزب بانه يأتمر بأوامر من الخارج وان سلاحه غير شرعي وصولا الى حد وصفه بالحالة " الشاذة ".
سعادة البطريرك الراعي لقد أفرزت الثورة السورية جيلاً جديداً من الشباب في مختلف الأصعدة، الميدانية والسياسية والإعلامية، وهم من يقودون عملية التغيير، ويصرون على الحرية، ومستعدين للموت في سبيلها، ولن يقبلوا بأقل من اسقاط النظام. وعلى السياسيين ورجال الدين التقليديين أن يدركوا هذا الأمر، ويتعاملوا معه بوعي فسوريا لشعبها بتعدد طوائفه وقومياته، ولن يقبل من قلعت حنجرته لأنه نادى بالحرية، بأن ينكل بأخيه المواطن بسبب دينه أو قوميته
لنقرأ معا ما قاله البابا بنديكتس السادس عشر في المانيا لدى استقباله الجمعة 23/09/2011 في برلين مندوبين عن الاسلام في المانيا، انه على المسلمين والمسيحيين احراز تقدم في "الحوار والاحترام المتبادل". وقال البابا ان "الكنيسة تلتزم التزاما ثابتا في سبيل تأمين الاعتراف الصحيح بالبعد العام للانتماء الديني"، مشيرا الى ان الاهمية التي يوليها المسلمون لهذا الاعتراف "يفسر احيانا على انه تحريض في مجتمع يميل الى تهميش هذا الجانب".
واضاف "اعتقد ان تعاونا خصبا بين المسيحيين والمسلمين امر ممكن وبصفتنا رجال دين، نستطيع انطلاقا من قناعاتنا المتبادلة، ان نعطي شهادة مهمة في عدد كبير من القطاعات الاساسية للحياة الاجتماعية".
واعطى البابا مثالا على ذلك العائلة التي تقوم على الزواج واحترام الحياة والعدالة الاجتماعية. وقال ان "معرفة فضلى وتفهما متبادلا" يتطلب التزاما ثابتا من هذا الطرف وذاك.
وذكر البابا بأنه دعا مندوبي كبرى الاديان الى "يوم تأمل وحوار وصلاة" في 27 تشرين الاول/اكتوبر المقبل في اسيز بايطاليا
وشدد البابا على القول "نعترف بضرورة ... احراز تقدم في الحوار والاحترام المتبادل". لنتعظ سيادة البطريرك الراعي من رأس الكنيسة ولنتحاور باحترام دون الخوف على مستقبل الأقليات فحمايتهم تكون بالحوار والأرضية المشتركة وليس بالتحالف مع الدكتاتوريات
كتبه: مسعود محمد - بيروت أوبزرفر
التعليقات (0)