مواضيع اليوم

سوريا والتطبيع مع الحرب الأهلية في العالم العربي

جمعة الشاوش

2012-04-22 13:41:06

0

 

لا اختلاف أنّ نظام الحكم لبشار الأسد هو نظام استبدادي وأنّه آيِل إلى الزوال لا محالة،رغم كلّ ما برهن عنه من قدرة على الصمود والمناورة مدعوما بقوى خارجية إقليمية ودولية ترى في دعمها له تأكيدا لحضورها كطرف فاعل ومؤثر في لعبة الصراع العالمي بين القوى التقليدية المهيمنة والأخرى الصاعدة التي بدت قادرة على التكشير عن أنيابها مثل الصين وروسيا وإيران...من المفيد التذكير،أيضا،أنّ النظام السوري القائم هو سليل الأنظمة العربية التقليدية القمعية وامتداد لها،وهي أنظمة ما تزال،إلى اليوم،تفرض نموذجها المتخلف في إدارة شعوبها وإذلالها وتستميت من أجل الإبقاء على منافع الأقليات الإقطاعية المستفيدة منه بمصوِّغات لم تعد قادرة على الإقناع،خصوصا،بعد الموجة الأولى من الثورات العربية التي شملت تونس ومصر وليبيا واليمن...
في ظلّ هذا الواقع الإقليمي الملتبس والمتفجّر والمشرَّعة أبوابه على أكثر من احتمال تتسارع الأحداث وتضغط على سوريا ذات الموقع الاستراتيجي الحساس المسكون بالعفاريت والألغام والفخاخ ليدفع الشعب السوري،وما يزال ،ثمن ثورته ومناشدته لحرّيته باهظا كما توثقه مشاهد الفواجع قتلا وتدميرا ودموعا ورعبا وتشرّدا على امتداد أكثر من سنة كاملة خلت يتزايد تأجيج لهيبها،راهنا،تمهيدا لدخول فصل جديد مرشح ليكون أكثر هولا وكارثية إن استُدرج للتدخل الأجنبي السافر المحكوم بقوّة السلاح تشريعا لحرب أهلية سورية سورية،لا تبقي ولا تذر وقد تستَغلّ كحقل تجارب متقدّم للإيذان بحرب أهلية عربية عربية تصطفّ فيها قوى متأدلجة بالفعل الثوري وأخرى منحازة للولاء للسلطان الحاكم ...
من الأخبار الطازجة التي تناقلتها وسائل الإعلام التونسية والتي لا تلقى اهتماما مقارنة بسعير النار المسعورة في سوريا خبرٌ مفاده أنّ تونسيين من مدينة واحدة بلغ عددهم الستة قد سقطوا ضحايا في المعارك الدائرة رحاها في سوريا.ويُرَجّح أنهم ذهبوا إلى حيث لقوا حتفهم منذ أشهر قليلة لغاية نصرة إخوانهم الثوار السوريين...اللافت في هذا الخبر أنّ نصرة الأشقاء العرب لبعضهم البعض بحافز "تلقائي" كان يحدث في الماضي للمساندة من أجل مقاومة عدوّ خارجي أو لغاية نصرة القضية الفلسطينية أو بتخطيطٍ من أنظمة حكم عربية تستقوي على شعوبها باستجلاب مرتزقة عرب وغير عرب كما فعل نظام القذافي المطاح به في تصدّيه لثورة شعبه...من هذا الخبر العيّنة ما يدعو إلى التأمّل والاعتبار للقول بأنه قد يكون من الأخبار التي يُعتّمها الدخان الكثيف في ساحة المعركة السورية ما هو جدير بالاهتمام والتمحيص لنستشرف خفايا تبدو للوهلة الأولى هامشية ومتجنّيّة ومشوّهة لطبيعة الصراع الذي يخوضه ثوار سوريا ضد نظام حكمهم القمعي الغاشم...
نكرّر القول بأنه ليس ثمّة جدال في حق الشعب السوري الثورة ضدّ حكم بشار الأسد بالطرق التي يراها محققة لأهدافه النبيلة في الحرية والكرامة والديمقراطية،غير أنّ هذا لايحول دون الانتباه إلى المخاطر التي تتهدّد الثورة السورية لتحوّلها إلى حقل تجربة يؤسس للحرب الأهلية العربية العربية ويُشرّع لها ومن ثمة تطبيعها واقعا وجب قبوله والتعايش معه كجرثومة لعينة استفحلت بجسد منهك بلا مناعة فذهبت ريحه في الوقت الذي كان يُرَوَّج إلى حقنه بأسباب القوّة والتعافي....

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !