مواضيع اليوم

سوريا والتحديات بين اللغلط واللغط

تركي الراشد

2011-11-19 20:49:47

0

قبل ان اسمع رِشق قلمي وانثر حبره احرص كل الحرص ان اتيقن مما يسطره واعي ما يخطه , لكي يُحسب لي لا علي امام الله , متجنبا قدر المستطاع ان اكون ممن ينطبق عليه (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏) حقا العين عدسه والاذن بريد ولكن التمييز ومعرفة الحق من الباطل محوره يكمن في العقل . وعندما نتحدث عن الثورة السورية فإن بدايتها لا تختلف عن غيرها وليس هناك ما يعزبها عن اخواتها من الثورات العربية الاخرى , سواء في تونس او مصر مرورا باليمن وليبيا وحتى البحرين . خرجت كلها تطالب بحقوق نُزعت منها كما نزعت من شعوب لم تتحرك بعد . ومن يجعل الفقر شرطا لها فقد ابعد النجعة وتاهت منه الفكرة . ومختصر ما اعتقده انها عقوبة الاهيه ستطال جميع الدول العربية دون استثناء لأنها غمطت الحق كثيرا وبطرت اصحابه عقودا طويله , وتخلّفت وخلّفت الامه وجعلت منها ذليلة مهينه جل همها ارضاء الغرب والتسابق في تامرها على بعضها في سبيل التزلف وتحقيق درجة الامتياز بالعمالة .

قد لا اهتم للنظام السوري ولا احاجف عنه كما اهتم بالأرض والشعب السوري خوفا عليه وخشية من مستقبل تصبح فيه الويلات والانين هي الصوت , فما يلوح امام عيّنيّ في الأفق سحب سوداء محمله برياح مغبره ونسيم موت , ومستقبل ينذر بتفكك وصراعات اقليمية وحروب اهلية . ولا بد للكل ان يعي ديمغرافية الشعب السوري والجغرافيا التي يعيش عليها والتحديات التي تواجهه , مستقبل لابد ان يُقرأ جيدا والرؤية المبصره لا بد ان تفكر وتتمعن فيما ينتظر الشعب السوري من ماسي والام . وتحديات جمة , ولا اخفي ان ما فاجأني حقيقة تصريحات المعارضة الخارجية التي بدأت تنادي من البداية بنبذ التعامل مع المقاومات الإسلامية التي تنعتها بالمليشيات والعناصر المسلحة الارهابية , بزعمها تتزلف وتتغزل بالدول الغربية , طمعا في تأييد الدولة الصهيونية والدول الاوربية .

ومما لا شك عندي فيه ان الشعب السوري تحمل القمع بكل اشكاله والوانه مثله مثل شعوب المنطقة برمتها وتجرع الدكتاتورية بتنوعها وتعددها وعانا الامرين من تقلبات السياسة وفصولها . حتى نُهِش اللحم وحُطِّم العظم وهُشمت جمجمته . وله ان يعيش اسوة بإخوته العرب  فصل الخريف املا وحلما في ربيع مزهر وشمس تشرق بعد طول مغيب . ولا شك ان النظام السوري والمتنفذين فيه وازلامه وجلاوزته قد احتكروا السياسة في حزب واحد . واجحف المتسلطون في حق الشعب بكل فئاته واطيافه . وخنقوا انفاسه حتى غرغر  واوشكت روحه على الانسلال من جسده , كما انه لا يختلف كثيرا عن العربيات التي لم تؤمن على مدى عقود بتعدديه ولا بديمقراطية ولم تؤمن يوما بسلطة شعب , ومشاركته الرأي فيما يخص مستقبله وبناء دولته , كما اختزل الحزب كغيره من الانظمة العربية جميع المناصب العليا لتتمحور في فلك حيتانه المستحوذة على كل منبر سياسي واعلامي و اقتصادي وعسكري . بات ينشد الحقوق التي باتت تنشدها جميع الامم في كل الاصقاع والبقاع العربية . بات ينشد الحقوق التي باتت تنشدها جميع الامم في كل الاصقاع والبقاع العربية .

ولكنني اختلف اختلافا جذريا من جهة الزاوية التي تُقرأ , والتجرد والموضوعية التي تُتُبع , حسب مضمون الثورة وكيفية عملها . وأهدافها وما الامل المرجو من ورائها , وماذا ستقدم ومن يمثلها . وقد اسلفت بداية الثورة في نصف مقال احذر فيه الاخوة في مجتمعنا الخليجي من العزف على وتر الطائفية ولكن هيهات ان تحذر شعوبا مؤدلجه لا تجيد سوى الرقص على وقع ما يقرع لها , دون تمييز بين الجيد والرديء ومعرفة الغث من السمين .

وما يزعج في الامر ان الغالبية من اخوتنا اصبح يمتطي موجة التكفير التي اعتدنا توجيهها ضد ممانعي التوسع الصهيوني والهيمنة الأمريكية . وحصر الاسلام في عملاء الغرب ومنفذي المارب الصهيونية . فلا عجب في زمن تغلغلت فيه السنة الأمريكية وعلت فيه سنة عبدالله بن ابيّ بن سلول واقتفي اثره في ولائه وحبه لبني قريضه وبني النضير وبني قينقاع . التي وصلت بمفهومها الجديد وتلبيسها وتدليسها خاصة في هذه الايام الى الاستحواذ على قلوب غالبية الشعوب الإسلامية حتى العلماء منهم والمثقفين والمفكرين . كما كان الحال في تكفير صدام حسين رحمه الله وتمهيد احتلال العراق وتسليمه على طبق من ذهب لامريكا وايران , وكما لحقه قريبا القذافي ايضا رحمه الله وان كان شعبه ينعته بالظالم يظهر لي والله اعلم ان شعبه اظلم منه . ولا زلت اتمنى ان ينعم الشعب الليبي بالأمن والامان وبناء حياة جديده مع ان القراءة لا تبشر بخير ..

 مع سبر بسيط يبدو النظام السوري قائم في اغلبية بنوده على اسس اسلاميه . والاسد حسب ما ارى مسلم في ظاهره . علماني في توجهه ومنهجه . ليس كما يروج الكثير وينعته السواد الاعظم بالنصيري والصفوي وغيرها من النعوت التي يخشى على قائلها ان يسلب ايمانه . فالكلمة امانه والاتهام بالكفر يفتقر الى دليل وتعدّ على اختصاص لله جل وعلا ولرسوله عليه افضل الصلاة والتسليم , اما ترديد الاقوال فهي للبغاء فقط . ولا يعفي الترديد من الذنب . ولعلي ارى اصحاب هذا القول مطلعون على خفايا العقائد ويسمعون ما ظهر من القول وما خفي وقد يكون اخواننا لهم علم في قراءة الغيب واطلاع باطني وقدرة على شق القلوب ومعرفة ما فيها ..

ومن وجة نظري ان الرجل عروبي القلب تترجم ذلك أفعاله واقواله . ومحور مهم في دعم المقاومات الإسلامية على حد سواء فيكفيه احتضانه للمقاومة الإسلامية حماس . ومن يقول غير ذلك مجحف مؤدلج لا يرى الا ما تروج له بعض وسائل الاعلام التي تقوم على المتاجرة بتحطيم الاسلام وزرع الفتن بين معتنقيه ....

ولكن معضلته تكمن في سياسته الداخلية التي اجحف فيها وتجاوز الحد بحق شعبه واعترى نظامه الكثير من الظلم العظيم . والتلاعب بحقوق الشعب وتعدٍّ فاضح على ارواح الضعفاء والمساكين , وليس بالضرورة ان يكون الفعل للاسد بعينه ولكن هذا لا يعفيه من المسألة (وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم ) يظهر لي ذلك جليا من خلال زياراتي المتكررة لسوريا قبل الثورة , وتجولي في ازقتها ورساتيقها واطلاعي بنفسي على مدى معاناة الشعب السوري واضطهاده من قبل المتنفذين . ومدى صبر هذا الشعب المثقل كاهله بالضرائب والمكوس الحكومية , اضف اليه الحرمان من ممارسة الحياة السياسية والتنافس على المناصب الرئاسية . ولا شك انه تألم كثيرا جراء القمع السياسي والفساد الاداري ومصادرة الحقوق وتجميد الأدمغة والعقول . فاقل ظلم فيه ان يؤخذ حقه ويلطم خده ويسحب من أي دائرة حكومية ويلقى في الطرقات على ظهره دون ان يتنفس . ولنا ان نتخيل بمجرد معارضة سياسية او شكوى على طبقة متنفذه قد تحرمه الهواء وقد تنزع روحه وقد تخفيه عن انظار ذويه سنين .


فمن الاجحاف ان اخط ما يظلم الشعب السوري الذي تجرع مرارة الالم وانشج قلبه عقودا على ابنائه وامطرت عينيه دموع الاسى والحزن على ما يرى من الفساد في بلاده , فمن حقه تداول السلطة والمطالبة بالتغييرات الجذرية والمطالبة بإصلاحات في حياته السياسية والاقتصادية والمشاركة في بناء وطنه والمطالبة بحقوقه الإنسانية ومعاقبة منتهكي انسانيته وسالبي حقوقه .ولكن وفق الاصلاح والحوار لا الفوضى والدمار ...

قد تابعت طويلا هذه الثورة عبر جميع القنوات الفضائية , ولم اصل الى نتيجة ترضي الضمير, وتجعلني اكتب بطمأنينة , فعشت الصراع المرير مع النفس فلا القلب قادر ان يُدين الشعب ولا العقل يبلع ما يذاع من قتل . ولا استطيع ان اجزم بصحتها وسلامتها من الشوائب . فالشكوك حول ما ارى مؤرقة والصور والمقاطع والاحداث تكتنفها الغرابة .ويتقنعها امر مريب . ولا بد لي ان اتساءل ؟

كيف بالجيش المدرب بارتكاب جرائم انسانيه يقوم بتوثيقها بنفسه على نفسه وعلى نظامه بهواتفه النقاله لتتسرب تباعا للقنوات الفضائية , وكيف بالأمن ان يعذب المعارضين ويمثل بجثث الاطفال والنساء ويبعث بها الى ذويهم لتكون بينة على قمعه ومدى بشاعة جرمه , وكيف بنظام يقتل المعارضين ويترك الجثث مكبلة الايدي ملقاة على قوارع الطرق عرضة لتسابق العدسات وكيف به يقتل عمال ورق ليس لهم لا في ثورة ولا في شعارات, ويترك الجثث ملقحة في معملها لعدسات القنوات . وكيف بجيش غالبيته يدين بالإسلام يصور نفسه وهو يتخذ من المساجد ملهى ومسلى , وكيف به يرتكب جرائم بشعه وتمثيل بجثث قتلى ويروج لهذه المشاهد التي لا تخدمه سياسيا ولا اعلاميا ولا تسهل في استمرار نظامه , هذا ان لم  تعجل في هلاكه وزواله . ويُعرّض في الوقت ذاته نفسه وقيادته للإدانة الدولية والتجريم من قبل المنظمات الحقوقية والانسانية , وكيف بشخص موالي لنظامه ان يجبر شخصا على تاليه سيده ثم يقوم بترويج المشهد عبر القنوات الفضائية .

تساؤلات كثيرة وامور غريبه لم اجد لها تفسير ولا حتى شطر اجابة , تلج العقل وتطمئن القلب . فالمنطق واقل فهم بالسياسه تدفع بالنظام واتباعه ومواليه ومريديه على العمل بجد وجهد في اخفاء الجثث وستر الجرائم التي تُدين النظام وتخلخل اركانه وتقض مضاجعه وتعجل بمجملها بزواله . والعقل ينطق بان الحرص على عدم اراقة الدماء وازهاق الارواح وتغطية الجرائم من شانها ان تحافظ على ابقاء النظام وتسهم في اقناع الشعب السوري في جدية الاصلاح وتؤدي  الى تهدئة الاوضاع التي تصب في نهايتها في مصلحة النظام .

هناك شيء مريب وليس بغريب ولا مستبعد ان تحاك ضد سوريا المؤامرات شعبا وارضا . للموالي والمعارض كلاهما بالأمر سيان , وليس غريبا ان يتكالب عليها العدو والصديق , خدمة لاكينه خارجيه , لا يهمها الشعب السوري , ولا يهمهما ان يحيى او يموت , بقدر ما يهمها له الهلاك والدمار, وجل ما تتمناه ومهمتها الاساسية كيفية القضاء على قوة سوريا العسكرية وتدمير بنيتها التحتية والقضاء على مؤسساتها ومقدراتها . ولا استبعد ان هناك خطط ممنهجه وجدت لها ظهرا منحني لتمتطيه وبابا مشرعا تلجت فيه , لتخترق المطالبات الشعبية المحقة وحقوق شرعيه منتهكه , تطالب بها فئات من شعب مل الجور والظلم , بل اكاد اجزم ان هناك اطراف اخرى تطبل على دف المعارضة , عاثت في البلد فسادا وخربت الديار وفتكت بالعباد , واوهمت الشعب السوري والعالم اجمع ان النظام السوري جزار , كما اعتقد من خلال القراءة المتأنية ان هناك شبحية ولكن ليست بشبيحة النظام كما يورج لها الاعلام , بل شبيحة تابعه لأطراف خارجيه عدو للشعب والنظام اتخذت من هذا المسمى وهذا النعت شماعة تعلق على النظام وعلى الجيش وعلى الامن كل الجرائم التي ترتكبها , وكل الدماء والارواح التي تزهقها .املا في جر البلاد الى الفوضى ..


وما اقرأه في تسلسل الاحداث ان هناك سيناريو قديم اعيدت صياغته بعد سقوط مبارك مصر يهدف لتعويض الخسارة الأمريكية والاسرائيلية وتعزية لها بسوريا جديده ونظام موالي يكون تابعا , وخادما للصهيوصليبية , ولا يمكن ان يحدث هذا من خلال انتخابات حرة واوضاع مستقرة . فلابد من تاجيج الصراع وادخال البلد في فوضى عارمة ودراما مأساوية , تبدأ بإسقاط النظام وادخال البلد في معمعه  وحروب اهليه  وصراعات تطول على الحكم والرئاسة . حتى يتسنى لخطط تلك القوى القضاء على القوة السورية وتدميرها وانهاكها والقضاء على مواردها , ومن ثم الولوج في صراعات عشائرية او طائفية يترك فيها الشعب السوري يطحن بعضه بعضا ويفكك بيده وحدته , حتى تحكم قبضتها على الشعب والبلد وتعين من تريد ومن تراه يخدم مصالحها في المنطقة , لتشرع في اعادة بناء الشرق الاوسط الجديد الذي هدم من قبل بايدي المقاومة ...

وباعتقادي .. ليس هناك حل يجنب سوريا ذلك النفق المظلم والوقوع في المستنقع الموحل والحروب الاهلية الطاحنة التي ليس لها نهاية على المدى القريب , لا يمكن الا بالجلوس على طاولة الحوار نظاما ومعارضة فهو الحل الانسب والاسلم لجميع الاقطاب المتنازعه ولسلامة الاراضي السورية والمحافظة على وحدة الشعب وحقن دمائه , والتي يتم فيها وضع كل القضايا والرؤى والافكار والمطالبات الشعبية وفق اطر الجامعة العربية وتحت مضلتها وانشاء بروتكول سريع لانتخاب فئات تمثل المعارضة التي تتظاهر على الارض وقدمت الضحايا من اجل الاصلاح والتغيير طوال فترة الثورة ,

ولا بد للجامعة العربية ان تتخذ قراراتها بنفسها دون ان تخضع للقوى الخارجية المعادية لسوريا , كا يجب عليها التمسك بوحدة سوريا ارضا وشعبا لتجنيبها مصير كمصير العراق وعليها البدء عاجلا في الاستعانة بخبراء عرب ودوليين على ان تستثني امريكا والدول الأوربية التي لا تريد الخير لكل الشعوب العربية , وكذلك عليها تستثنى روسيا والصين التي تقف مع النظام كخطوة لتطمين المتظاهرين السوريين , وعليها ايضا ان تنتهج مبدأ البحث والتحقيق والحوار حتى تتجلى حقيقة الوضع وتتضح الرؤية في كشف اعمال القتل ممن تصدر ولصالح من تنفذ  . ولا بد لها من العمل وتقديم خطوات من شانها تطمين النظام السوري والمتظاهرين والمعارضين وكافة اطياف الشعب وحتى الشعب العربي  , بان الحقيقة من تدخلها الاصلاح وجمع الكلمه وتجنيب سوريا المهالك , وان الحيادية شعارها والتجرد مطلبها ..

وعلى الجامعة العربية الحذر من ان استمرار الوضع بهذه الطريقة وان تلفظ بصراحة تدخلات الغرب في شؤون الشعوب العربية , فان الاستمرار في هذا النهج والاستماع الى قوى الغرب قد يسفر الى ما لا تحمد عقباه ويؤدي بسوريا الى منزلق لن تسلم منه الامه برمتها مون شانه اعادة تكرار السيناريو العراقي بكل صوره . فان التدخل الخارجي والمطالبين بغطاء وحماية دوليه هم اعداء الشعب وهم اعداء الارض الحقيقيين وهم من سيحرق سوريا ويطفؤوها على ويلات النساء وصيحات الثكلى . فان دماء الشعب السوري في عنق الجامعة العربية وجميع الاقلام الإسلامية . ولا بد في البداية من معرفة حقيقة القتل قبل الشروع باي خطوة من شانها ان تظلم طرف على طرف وترمي بسوريا في نار مستعرة ..............

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !