برزت الذكرى الأولى لثورات العرب، سموها الربيع العربي، و سمتها قناة الحوار الإنتفاضة العربية الكبرى، عام على إنتحارالبوعزيزي، سموه شهيدا، لعل صنيعته تشفع له، حصاد الثورة يمضي قدما في تونس و من ثم مصر، يبدو متعثرا و ضبابي الأفق في ليبيا، كذا اليمن، لعله التدخل الأجنبي، كم كان فاضحا هذا التدخل و سلبيا، شاب ثورات ليبيا و اليمن السعيد، و هاهو في سوريا، هل ثارت سوريا؟
ما نراه ضوضاء إعلامية، مظاهرات ليلية، بيانات ضباط و شباب مجند، صور و مقاطع لتعذيب و تقتيل و كلام شهود عيان......لا يمكن أن تجزم بصحتها، من كلا الجانبين، من الإعلام الرسمي و من جهات إعلامية خارجية لكنها فوضت لنفسها أن تتحدث بلسان الثورة، فغابت الحيادية و المصداقية.
ألاعيب الإعلام عكرت المشهد، و فزع المتتبعون، هؤلاء كانوا أوفياء لأجزاء مسلسل الثورة العربية، منذ أن سقط بن علي، لم يكن المشاهد العربي يظن أن حاكما عربيا قد يسقط لمجرد أن الشعب خرج في مظاهرات طالما تقمع، لكنها وقعت، تجرأ الناس و اندثر حاجز الخوف، خرجت الملايين في مصر، ملايين أو آلاف أو مئات في الأخير سقط الخالد، و جلس أيضا أمام الشاشات ناس أخر هم أكثر خوفا أو أقل ظلما يتابعون حلقات نادرا ما تجسد في التاريخ...
سبق الناس الأبرياء مخططات الغرب و تطلع البعض للقيادة و التأثير، سبق لم يدم، ليُسخر الإعلام والضغط الدولي و السلاح في رسم ليبيا جديدة بدون قذافي، تحمسنا للمشهد، شباب يحمل السلاح بعد أن أمطره النظام رصاصا من أول وهلة، لا عصي و لا رصاص مطاطي و لا غازات.......السلاح و الويل و الثبور لمن يخرج ضد القائد محبوب الملايين، استغل الغرب و قوى عربية و داخلية غباء النظام و عنفه المفرط، أوجد لهم المبرر و الوسيلة للدخول إلى ليبيا، يجب إنقاذ الشعب الليبي، تم ما تم و سلحت الجموع و تقدمت... إلى انتهى المشهد بسحل جثة القذافي في موقف مشين، فشوهت صورة الثوار الأبرياء المحتجين ضد الظلم، و كيف لعب الإعلام لعبته، هنا الدلالة، إعلام يصور الثائر بأنه طالب ترك الصفوف ليحمي العرض و يشارك في طلب الحرية، و يصور الثائر بأنه مهاجر دكتور أو طبيب ترك رغد العيش في أوربا ليقدم إلى صحراء ليبيا ليواجه الكتائب بسلاح لا يعرف عنه شيئا، و نفس هذا الإعلام يتحدث الآن عن ميليشيات مسلحة و عن متطرفين.، و انظر كيف انتهى المشهد المعد، صور لتعذيب و ضرب ثم قتل للقذافي، فمن له المصلحة في نهايته سريعا؟
ما حصل في ليبيا، و ما يحصل الآن في سوريا و اليمن، غيب تلك الصورة الوردية عن تغيير سلمي شعبي، لنجد أمامنا مخططات لفرض واقع سياسي يخدم الغرب كما في سوريا أو دول الجوار كما في اليمن، فما لم تفعله أمريكا ما بحصارها للنظام السوري منذ أعوام هاهو الآن يتحقق، و يبقى الخاسر هو المواطن الذي خرج يريد التغيير، فقمعه النظام و تاجر بصوته و صورته سياسيون يرون أنفسهم معارضة أو بديلا محتملا للنظام.
و في مربع الثورة، حضرت الطائفية و الصراع العربي الإسرائيلي، و التوجس الغربي الخليجي من النفوذ الإيراني و التوجس العربي من إمتداد الثورة إلى بلدان أخرى تنفس زعماءها الصعداء بعد أن تعثرت في سوريا و انتهت بنهاية مرضية للنظام اليمني، عندما حضرت كل هذه الأجندات كسب بشار نقاطا أكثر و كسب إعلامه مصداقية تقابل ولو نسبيا مصداقية القنوات العربية الأخرى ذات شعبية كبرى، لأجل ذلك لم تعد الثورة السورية ثورة، و أصبحت يومياتها بشكل روتيني متشابهة، لأن من حورها و أدخلها نفقا مظلما يرغب إما في الاستنزاف أو التسوية أو جر أطراف أخرى لمستنقع أكبر.
لهذا يبدو لي و أنا المشاهد المتتبع السلبي و للأسف أن الثورة في سوريا مملة و مشوهة و أن أخبار منصف المرزوقي أكثر تشويقا.
التعليقات (0)