في موقف مفاجئ، الملك عبد الله بن عبد العزيز يطلق النار على القيادة السورية، ففي خطاب له قال العاهل السعودي " إن ما يحدث في سوريا غير مقبول وأن السعودية تقف أمام مسئوليتها التاريخية، وتطالب بوقف إراقة الدماء بحق المدنيين في سوريا، منددًا بالإصلاحات التي تغلفها الوعود ولا تتحقق على أرض الواقع". كما طالب الملك عبد الله الحكومة السورية بإختيار سبيل الحكمة وعدم الإنجراف وراء الفوضى. الموقف السعودي اشتمل أيضا على استدعاء سفير الرياض لدى دمشق للتشاور في المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين.
رسالة سعودية جاءت قبيل وفادة وزير خارجية تركيا إلى دمشق، والتي قال عنها رئيس وزراء أنقرة بأنها تحمل رسالة حازمة للنظام السوري، فهل توجد علاقة بين الرسالتين السعودية و التركية؟
المسئولية التاريخية التي تحدث عنها الملك السعودي، يمكن قراءتها من زاوية أن أغلب المدنيين المستهدفين هم عرب سنة، و بالتالي فالسعودية تخاطب بذلك ملايين السنة العرب المتأثرين بهذه المجازر، إنه كسب لتعاطف الشعوب العربية في هذا الشهر الكريم و نصرة لطائفة السنة التي يرى البعض أنها مستهدفة في سوريا....، خاصة مع الصورة السلبية التي صورها الإعلام عن الموقف السعودي من ربيع الثورات العربية، يمكن أن نُذكرفقط بالموقف الإيراني المماثل إبان أحداث البحرين.
المسئولية التاريخية تأتي أيضا من مكانة السعودية عربيا واسلاميا كقوة إقليمية تتزعم محور الإعتدال العربي ويعتبر ملكها خادما للحرمين الشريفين...و هي بالتالي في سباق ضد دول إقليمية مجاورة كتركيا مثلا للعب دور الوصاية و الريادة معا.
هذا الموقف السعودي، لا محالة سيثير غضب النظام الرسمي السوري، وستتحرك الماكينة الإعلامية الرسمية و الشبه الرسمية السورية ضد السعودية وأمراءها، كما شاهدنا في السنوات الماضية حين شهدت العلاقات السعودية السورية فترات توتر كان آخرها إبان حرب لبنان و ملف إغتيال الحريري.......، سيتحدث الإعلام السوري عن المؤامرة، و عن بث روح الطائفية و التدخل في الشؤون الداخلية، و سيتحدث أيضا عن مخطط يرعاه الغرب و أمراء الخليج لإحتلال سوريا أو ضرب نظامها كما حصل للعراق وليبيا.......
قد يرفع البيان السعودي من لهجة التصعيد لدى الغرب اتجاه النظام السوري، وقد يكون بداية لقرارات أكثر جرأة و فاعلية ضد دمشق، وقد تتحرك دول عربية أخرى للحديث بنفس اللهجة السعودية، مما يعني أن الجامعة العربية ملزومة بموقف أكبر من التنديد يوازي هذا الحراك الرسمي العربي و الشعبي ( للتذكير البيان السعودي سبقه موقف أردني مماثل وبيان للجامعة العربية)، وهنا سيقف أمين الجامعة العربية كما حدث بشأن ليبيا أمام ثلاث تكتلات : السعودية و الأردن دول خليجية أخرى، دول محايدة كمصر مثلا، دول ضد أي قرار تنديد كالجزائر مثلا.......
الأيام القادمة كفيلة بالجواب عن سؤال التداعيات، و عن ماهية القرار السعودي و في أي اتجاه يصب، هل سيكون عامل ردع إلى جانب الموقف التركي يجنب المنطقة أي تدخل غربي آخر، هذا أمر مرده في الأخير إلى القيادة السورية .
التعليقات (0)