مواضيع اليوم

سوء استخدام اللغة

nasser damaj

2009-05-23 09:17:21

0

فضاء الكلمة.

بقلم: خليل إبراهيم الفزيع.

           

سوء استخدام اللغة ..

 

كثيراً ما نسمع أو نقرأ صيغ التفضيل في الأخبار الرسمية والمناسبات السياسية وما يدور في فلكها من أقوال وأفعال تتعلق بهذا المسئول أو ذاك من أصحاب المراكز الرسمية الرفيعة، فهذا المسئول يلقي أفضل خطاب أو يفتتح أكبر مشروع، أو يضع حجر الأساس لأضخم مبنى، أو يتفقد تنفيذ أوسع شارع، أو يزور أجمل حديقة، وأفضل وأكبر وأضخم وأوسع وأجمل وغيرها من صيغ التفضيل، تتوالى وتهدر دون حساب، ودون التفكير فيما يمكن أن تؤدي إليه من تضخم في الذات المعنية بهذا التبجيل الإعلامي المقترن بالمبالغة، والمختلط بالنفاق والرياء بشكل مكشوف وواضح.

وهذا التلاعب باللغة وتسخيرها لخدمة أي مسئول يشير إلى خلل واضح في استعمال الكلمات في مكانها المناسب، وهو هنا استعمال مسيس لفلان من الناس أو لمؤسسة من المؤسسات، دون الأخذ بعين الاعتبار المعنى الحقيقي للكلمة ذاتها.

صيغ التفضيل قلما كانت تستخدم في لغة الأقدمين إلا بالقدر الذي يفرضه الواقع، دون مبالغة أو إسراف في هذا الاستخدام، لكن في هذا العصر، وفي ظل استباحة اللغة وانتهاك حرماتها، وتشويه معانيها.. أصبح من السهل علي المستمع أو القارئ أن يصطدم سمعه أو نظره بمثل هذه الصيغ التي تجعله في حيرة من أمره بين ما يسمع أو يقرأ وبين الواقع الذي يعيشه.

لقائل أن يقول إن صيغ المبالغة قد تستخدم للتحفيز والحث علي التفوق في مجال ما، فنحن نقول لأصحاب المواهب من صغار السن مثل هذه العبارات التشجيعية، لنصف أعمالهم بشيء من المبالغة أحيانا، ورغم أننا لا نصل إلى استخدام صيغ التفضيل في هذه الحالة، لكن المبالغة في هذا التشجيع قد تكون نتائجها عكسية، لأنها زادت عن الحد، وكما يقال ما زاد عن حده انقلب إلى ضده ومع ذلك فعلينا أن نفرق بين عبارات التشجيع، والمبالغة ذات الصيغة التي يمكن القول عنها أنها (كاريكاتورية) والعامل المشترك بينهما هي المبالغة، فالكاريكاتير يستخدم لإبراز عيوب موجودة في الواقع، بينما صيغ المبالغة تستخدم لإبراز حسنات غير موجودة في ذلك الواقع، وما أوجدتها سوى صيغ المبالغة التي قد تصل بالأفعال أو الأقوال إلى درجة الكمال والكمال لله وحده لا شريك له.

الغريب أن هناك من يستسيغ مثل هذا الاستخدام السيئ للغة، ويتعود على ذلك إلى درجة الاعتقاد أن هذا من حقه الذي لا يجوز لأحد أن ينازعه عليه، وهذا لون من الأنانية وحب الذات التي تتجاوز حقائق الأمور لتعيش في عالم من الوهم لا ينتمي للواقع من قريب أو من بعيد، والخطأ في ذلك ليس خطأه بل خطأ من يضفي عليه أو علي أفعاله وأقواله هذه الصيغ من التفضيل الذي يفوق طاقة البشر، والمسئول عن سوء استخدام اللغة هم رجال الإعلام الذين لم تعد العناية باللغة تحظي باهتمامهم.

الإسراف في المديح، والإكثار من صيغ التفضيل لن يقدم شيئا لأي مشروع إصلاحي، فهي تحول مشاريع الإصلاح إلى فقاعات، لا يستفيد منها الوطن أو المواطن، والمستفيد الوحيد منها هو ذلك المسئول ـ أي مسئول ـ الذي تهمه نفسه أكثر مما تهمه مصلحة الوطن والمواطن.

فمتى نتجاوز هذا الخطأ في استخدام اللغة كما يجب أن يكون الاستخدام وعلى وجهه الصحيح؟.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات