شهدت دول مغاربية و لا تزال كما هو حال تونس و ليبيا اضافة الى دول"عربية" كمصر واليمن و وسوريا زلازل سياسية عنيفة أودت بسلطان قادة كانوا يظنون أنهم خلقوا لاعتلاء كرسي العرش مدى الحياة في شخص سعادة زين العابدين بن علي الهارب و حسني مبارك المخلوع في انتظار ما ستسفر عنه الايام القادمة في ظل الكوارث والمآسي التي لا يستحيي الحكام الباقون من مضاعفتها وتعميقها في حق مواطنين عزل لا يملكون غير ارادتهم في التغيير،ارادة لا يتوانى القادة في مواجهتها بالحديد و النار في سبيل كرسي متلاش تحت غطاء "الشرعية الدستورية" كما يقول علي عبد الله صالح.
هذه الثورات التي كان وقودها الآلاف من المواطنين جعلت دولا عربية أخرى من مجلس التعاون الخليجي تتوقع و تنظر لمستقبل غير مأمون،لتطل علينا بدعوة غريبة ان لم نقل ملغومة للأردن و المغرب قصد الانضمام لتعاونها الخليجي.و اذا كان انضمام الاردن المرتقب الى هذا الحلف الاقليمي له من المبررات ما يجعله مقبولا فانه بالعكس من ذلك تظل الدعوة الموجهة الى بلدنا غير مؤسسة و تفتقر الى سند استراتيجي،جغرافي أو تاريخي رشيد ترتكز عليه.
ان الوضع يستوجب تناول العرض الخليجي و مناقشته بشكل أوسع لا يقتصر على "المسؤولين" وان كان الرد الرسمي المغربي لحد الساعة " يكرر تمسكه الطبيعي وغير المعكوس بالمثال المغاربي وبناء اتحاد المغرب الكبير الذي هو خيار استراتيجي اساسي للامة المغاربية" بل باشراك كل القوى السياسية و المجتمعية المغربية لما تنطوي عليه هذه الدعوة من مصير شعب بأكمله، فالمغرب له أولوياته السياسية والأمنية والاقتصادية و الدعوة لا يمكن اعتبارها بريئة بشكل كلي و لايجب أن تنسينا "الاغراءات" الاقتصادية أمورا أخرى تبدو أولى و أخطر.
ان الدول المغاربية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى نبذ كل الخلافات السطحية و المفتعلة التي تعيق عملية تكتلها واتحادها بغية إقامة حلف قوي في هذه المنطقة الإستراتيجية والتي تتوفر فيها امكانات كبيرة للتنمية ،ان الوضع الجديد و التحديات القائمة من قبيل التربص الخليجي يضع الأقطار المغاربية أمام ضرورة مُراجعة حساباتها.فالمسألة تستدعي نوعا من الشجاعة السياسية و السرعة في التقرير تفاديا لسقوط أطراف شقيققة في مستنقع دويلات لا تبحث لنفسها الا عن مطارح لأزماتها المتوقعة، فقد وصفها بعض المحللين بأنها "خطوة ضد الحراك الثوري في العالم العربي" في حين يرى آخرون أنها جاءت "لمواجهة التهديد الإيراني"بل هناك من يرى فيها بحثا مشرعنا عن قوات لقمع الشعوب الخليجية آجلا، كما يتوجب على الدول المغاربية الاخرى خاصة الجزائر و تونس الاسراع بالرد على المقترح الخليجي بخطى شجاعة تستطيع ثني المغرب عن الاستجابة أو على الاقل التريث في قبول الدعوة.ان الانسحاب من الجامعة العربية يجد مايبرره في كون هذه الجامعة لم تعد تجمع أحدا،فالخليجيون يحاولون تطوير و تقوية مجلسهم، و غيرهم من الدول المكونة ل"الجامعة" تعيش أحلك أيامها بل أن قياداتها فاقدة للشرعية الشعبية، و للتاريخ،فقد سبق للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أن حذّر منها دول المغرب الكبير من السقوط في هذا الفخ الصدأ. ان الوقت قد حان للقيام بهذه الخطوة التاريخية، فشعوب المنطقة، يتوجّب عليها أن تصنع التغيير كما تُريده هي لا كما تريده دُويلات الخليج، ان المغرب الكبير له خصوصيات عديدة تُميّزها عن دول المشرق فديموقراطيتنا رغم ما تحتمله من نواقص تبقى أحلاما لمواطني دُويلات الخليج، نحن نؤسس لاصلاحات عميقة، عبر نضال شعبي مسؤول و واع يستوجب تحليله من جانب القادة و التعامل معه بايجابية و عقلانية.ان مشروع منطقة مغاربية متحدة متكتلة و قوية ليس صعب التنفيذ كما يخيل للبعض،انه مجرد لغط دوغمائي مبيت النية وعلى المغرب ان لايضحي بالاتحاد المغاربي الذي سيستجيب لا محالة لتطلعات المغاربة وغيرهم من شعوب المنطقة المغاربية.
نداؤنا الى أمة البترول انكم بدعوتكم هذه تسيئون الى خصوصيتنا،صحيح أننا نتقاسم أشياء لكن الوحدة كما تنشدونها لن تجلب لنا غير المشاكل و المآسي،نحن أغنياء بقيمنا و ديمقراطيتنا وتلاحمنا...لا نحتاج الى شيء منكم الا الوقار و أن تدعونا في سلام،انكم تهددون تسامحنا واختلافنا،ابحثوا لكم عن أحلاف خارج منطقتنا، ان اتحاد المغرب الكبير حتمية تاريخية لأن شعوبنا المغاربية كانت ولا تزال موحّدة رغم انشقاقات سياسية بين الحُكام ستبقى مجرد سحابة صيف عابرة في سماء التاريخ الموحد والمصير المشترك.
التعليقات (0)