سنة العراق والدرس اللبناني
ما زال بعض الحالمين من أهل السنة يحلمون بالعيش في ظل بلد واحد موحد يحكمه وطنيون عراقيون.تسوده الأخوة والمحبة وغيرها من الأفكار الأسطورية التي أكل عليها الدهر وشرب. وهؤلاء لو طرقت رؤوسهم بمطرقة حديدية لتيقظهم من أحلامهم ومن نومهم فأنك قد تكسر حجرا لكنك لن تيقظ هؤلاء الحالمين الذين ما زالوا يعيشون في الماضي ويخدرون عقولهم بترسبات الماضي التي لا يفرقون بينها وبين الواقع المرير الذي ضاع فيه أهل السنة . فاليوم يعيش أهل السنة في تيه وضياع هو أضل من تيه بني إسرائيل في صحراء سيناء. فلا قيادة تقودهم ولا طريق واضح يسيرون عليه، بل ما زالوا هم الطرف الأضعف في العراق ليس لأن الآخرين أقوياء بل لأنهم يفتقدون لرؤية واضحة ولقراءة واعية لواقعهم وهو أنه لا مفر من حمل الراية السنية والهوية السنية في مواجهة الحملة التكفيرية الشيعية والتكفيرية القاعدية على حد سواء، إضافة لافتقادهم للوعي السياسي والانتخابي الذي تكلمت عنه في مقالة سابقة بخصوص ثقافتهم الانتخابية والسياسية وغيرها من النقاط التي تناولتها في مقالتي(الربيع السني في العراق).
واليوم أهل السنة بحاجة لقيادة سنية قوية وحكيمة تعرف الطرف الآخر معرفة خبرة، وهي كذلك تستطيع الاستفادة من نماذج كثيرة في المنطقة ومنها النموذج اللبناني الذي انتهى إلى صيغة توافقية طائفية بين جميع الأطراف لكن كل الطوائف اللبنانية لديها أحزابها التي تمثلها وتدافع عنها وتتحدث باسمها ولا تحاول أن تلعب دور الأخ الكبير والأب الحنون على لبنان كما يحلو لبعض السنة في العراق أن يلعب هذا الدور، فكل أحزاب لبنانية أحزاب طائفية لذلك استطاعت أن تثبت وجودها وان تدافع عن طوائفها ومناطقها لذلك من المستحيل أن نرى طائفة تعتدي على طائفة أخرى لأن جميع الطوائف لديها رجالها وقيادتها وأحزابها التي هي بمثابة سياج امني يمنع الآخرين من التجاوز على طائفته.
ونحن مدعوون لاستفادة من التجربة اللبنانية عبر تشكيل جبهة سياسية سنية يكون همها وهدفها الأول هو الدفاع عن سنة العراق قبل العراق وقبل لعب دور الوطنيات ودور الأخ الكبير الحنون على بلده، وكذلك على الشارع السني أن يدعم هذه الجبهة وقيادتها بكل أنواع الدعم المعنوي عبر المظاهرات والتجمهر والإعلام وكذلك الدعم المادي. فلا خلاص لنا ولا سبيل لنا إلا برفع الراية السنية ونعلنها أننا سنة وان من يعتدي على أي سني هو يعتدي على جميع السنة ونفرض حماية سياسية وعسكرية إذا اقتضى الأمر ونحكم مناطقنا بأنفسنا ولا نسمح لأي كان أن يزعزع مناطقنا أو أن يتجاوز عليها، وهذا كله ليس بعيد المنال إذا كان هناك وعي سني وثقافة سنية تطابق الواقع الذي نعيشه والذي هو ليس في صالحنا.
التعليقات (0)