أثيرت في الأيام القليلة الماضية قضية الهبة الأمريكية لقوى الأمن الداخلي اللبناني , الكل مهتم في لبنان بهذا الاتفاق الأمني ( الهبة)لما فيه من تدخل سافر في عمل جهاز امني مهم في لبنان و بالتالي اعتداء واضح على سيادة و استقلال لبنان بحجة الهبة الأمريكية
أمريكا و بعد سلسلة الإخفاقات في حروبها و منها حرب لبنان تموز 2006 الحرب التي شنت بالواسطة (إسرائيل) أثبتت عجزها من تحقيق أهدافها من تلك الحرب كما بقية الحروب التي شنت في عهد واحدة من أسوء الإدارات الأمريكية، ألا وهي إدارة جورج بوش الابن السابقة وتحاول اليوم خليفتها الوصول إلى هذه الأهداف بالهبات و الأعمال التدريبية المهنية والمساعدات وما إلى ذلك من متطلبات للعمل حسب مفهوم خارطة العمل لفريق المحافظين الجدد خارج الإدارة والتي تعتمد على نقاط جوهرية ثلاث:
أ- القضاء على استقلالية الدول و إنهاء حالة الشعور و الانتماء الوطني , وهذا ما عمل عليه المحافظون الجدد خلال إدارتهم وروجت له وزيرة الخارجية السابقة كوندليسا رايس من ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي أريد للعراق أن يكون منطلقاً له
ب- حل النزاعات القائمة على الطريقة الأمريكية عن طريق المفاوضات بالشروط الأمريكية و إنهاء الشعور المقاوم و القضاء على فكر المقاومة بالتالي إيجاد حالة جديدة و بديلة من العجز الكامل أمام كل القضايا المصيرية (فلسطين نموذجاً) و ما دعوة دول ( الاعتدال العربي ) من تخل عن السلاح و وقف المقاومة و إنشاء مبادرة للسلام العربية إلا نموذج حي و دليل على عجز الأنظمة العربية أمام الإدارة الأمريكية المتصهينة
ج- الدخول إلى الدول عن طريق مؤسسات و جمعيات و مراكز و هيئات و حتى شركات تحت تسميات المنح و الهبات و المساعدات و برامج التدريب، و هذه الفقرة تعد الأخطر إذ تكمن خطورة هذه النقطة في أن هذه المؤسسات و الجمعيات و المراكز ليست إلا واجهة لنشاطات استخباراتية و معلوماتية، إذ إن أمريكا اكتشفت مدى عجزها في مجال الاستخبارات و جمع المعلومات في الحربين التي خاضتهما في أفغانستان و العراق وقد تجلت صورة العجز هذا بصورة أكبر في حرب العدو الصهيوني على لبنان في تموز من العام 2006، إذ مع كل القدرات التكنولوجيا التي تملكها أمريكا و التي سخرت لخدمة العدو الصهيوني بدا حجم الفشل ألاستخباراتي و ألمعلوماتي واضحا في الحروب الثلاثة الآنفة الذكر و باعتراف المخابرات و وزارات الحرب الأمريكية و الإسرائيلية بأنه ينقصها العنصر البشري و على الأرض لجمع المعلومات
إذا في المحصلة و بالعودة إلى لبنان، فما لم تستطع أمريكا فعله عن طريق إسرائيل في حربها على لبنان تحاول اليوم فعله عن طريق الهبات والمساعدات بأن تتدخل في سياق العمل التنظيمي لقوات الأمن و الجيش اللبناني و بالتالي بالعقيدة القتالية لهذه القوات بخلق عدو مفترض و إلغاء العدو الفعلي الموجود ( إسرائيل) من تفكير و حسابات هذه القوات بخلق مجاميع تعمل لمصلحة أمريكا و الكيان الصهيوني في جمع المعلومات و تنفيذ ما يطلب منها من أعمال قذرة من اغتيالات و تفجير و تخريب إذ أن كلفة الاجتياح العسكري اكبر بكثير من الهبات و المساعدات!!!!!!!!!!
المهم هنا انه إذا كان الوضع كذلك في بلد غير محتل و ذي سيادة و فيه مقاومة بطلة فما الذي يمكن أن يقال عن العراق الذي يرزح تحت الاحتلال المباشر و يدار عن طريق المستشارين الأمريكان ( الحكام الفعليين) بوجوه عراقية غير قابلة على اتخاذ أي قرار دون الرجوع إلى أولياء الأمر !!!!!!؟؟؟؟؟
الأيام القادمة ستكشف المزيد من حقائق بشاعة الاحتلال في العراق و تدخلاته في كل مكان في العالم ووضاعة وضعف من ارتضى للاحتلال أن يكون وصياً عليه وعلى بلده
التعليقات (0)