عندما وصل داود عليه السلام إلي سن الشيخوخة، عاش مع مزاميره وعبادته لربه، مما أطمع ابنه (أدوينا) أن يتطلع إلي الحكم، إلا أن داود آثر أن يكون خليفته سليمان لما كان يتمتع به من ذكاء وحكمة، فأمر الناس قائلا لهم:
- اركبوا سليمان البغلة التي هي لي، وانزلوا به إلي جيعون، وليمسحه هناك صادوق الكاهن، وناثان النبي، واضربوا له البوق وقولوا: ليحيي الملك سليمان«.
و.. أصبح سليمان وريثا لوالده داود.
كان داود يتسم بالذكاء والحكمة حتي سجن سليمان الحكيم، وقد جربه والده في كثير من القضايا التي أظهرت مهارته وقدرته علي الحكم السليم، من ذلك مثلا أن جاءت امرأتان تدعي كل منهما أن الطفل الذي تحمله إحداهما هو طفلها.. وذكر سليمان في الأمر، ثم طلب من السياف أن يضرب الطفل بالسيف، وليقسم جسده بين المدعيتين.. هنا صاحت الأم الحقيقية بالا يقتلوا الطفل ويتركوه للمرأة الأخري، فحكم لها سليمان عليه السلام بأن يعود إليه طفلها..
ومن هنا فقد آثر داود عليه السلام أن يخلفه سليمان لما عهده فيه من الحكمة والتردي والصبر، وأن لايصدر حكمه إلا بعد تفكير وتدبر.
>>>
وسليمان ولد في مدينة أورشليم، وأحبه والده لذكائه وطاعته له حتي أنه كان يجلسه معه عندما كان يحكم في القضايا التي تعرض عليه ويأخذ برأيه، وكان سليمان أبيض اللون.. جميلا.. كثيف الشعر، وكان يتسم بجانب ذكائه بتواضعه وحبه للمساكين، وكثرة عبادته.. وقد وهبه الله العديد من المزايا.. منها أن علمه منطق الطير، وسخر له الريح والجن.
وورد في القرآن الكريم
- وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير، وأوتينا من كل شيء، ان هذا لهو الفضل المبين.
وقال تعالي:
ولسليمان الريح تجري بأمره إلي الأرض التي باركنا فيها.
وقال تعالي:
: ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك، وكنا لهم حافظين«.
>>>
كان سليمان عليه السلام ملكا قويا أوتي العديد من المزايا والصفات التي مكنت له في الأرض، وجعلته ملكا ونبيا مهابا..
قال تعالي في سورة النمل:
: ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين، وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين«.. وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون، حتي اذا أتوا علي واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون«.
هذه الآيات الكريمة تبين فضل الله علي سليمان وداود.. ويفسر هذه الآيات صاحب (صفوة التفاسير) محمد علي الصابوني بقوله:
احذروا أيها المكذبون لمحمد، الجاحدون لما جاء به من ربه، أن يصبيكم مثل ما أصابهم بطريق الأولي، والأحري، فإن محمدا أشرف وأعظم من موسي، وبرهانه أول وأقوي من برهان موسي عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم،
: ولقد آتينا داود وسليمان علما« هذه هي القصة الثانية في السورة الكريمة، وهي قصة (داود وسليمان) والمعني والله لقد أعطينا داود وابنه سليمان علما واسعا من علوم الدنيا والدين، وجمعنا لهما بين سعادة الدنيا والآخرة.
وقال الطبري:
وذلك علم كلام الطير والدواب وغير ذلك مما خصهم الله بعلمه.
: وقال الحمد لله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين« أي وقالا شكرا لله.. الحمد لله الذي فضلنا بما آتانا من النبوة، والعلم، وتسخير الإنس والجن والشياطين، علي كثير من عباده المؤمنين.
: وورث سليمان داود« أي ورث سليمان أباه في النبوة أو العلم، والملك دون سائر أولاده.
قال الكلبي:
كان لداود تسعة عشر ولدا فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه: ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاده سواء. : وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير«.
أي وقال تحدثوا بنعمة الله: يا أيها الناس لقد أكرمنا الله فعلمنا منطق الطير وأصوات جميع الحيوانات.
»وآتينا من كل شيء«
أي أعطانا الله من كل شيء من خيرات الدنيا يعطاها العظماء والملوك.
»إن هذا لهو الفضل المبين«.
أما أن ما أعطيناه وما خصنا الله به من أنواع النعم هو الفضل الواضح الجلي، قاله علي سبيل الشكر والمحمدة لاعلي سبيل العلو والكبرياء.
»وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير« أي جمعت له جيوشه وعساكره، وأحضرت له مسيرة كبيرة فيها طوائف الجن والإنس والطير، يتقدمهم سليمان في أبهة وعظمة كبيرة.
: فهم يوزعون«
أي فهم يكفون ويمنعون عن التقدم بين يديه. قال ابن عباس:
جعل علي كل صنف من يرد أولاها عن آخرها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك.
: وحتي اذا أتوا علي وادي النمل« أي حتي وصلوا إلي واد بالشام كثير النمل
: قالت نملة يا أيها النمل ادخلو مساكنكم«
أي قالت احدي النملات لرفيقاتها ادخلوا بيوتكم، خاطبتهم مخاطبة العقلاء لأنها أمرتهم بما يأمر به العقلاء.
: لايحطمنكم سليمان وجنوده«.
أي لايكسرنكم سليمان وجيوشه بأقدامهم.
»وهم لايشعرون«
أي وهم لايشعرون بكم ولايريدون حطمكم عن عمد حذرت، ثم اعتذرت لأنها علمت أنه نبي رحيم.
ويقول القرآن الكريم عن رد فعل سليمان:
: فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين«.
>>>
ونمضي مع قصة سليمان عليه السلام، وكيف وطد دعائم ملكه، وكيف آتاه الله ملكا عريضا واسعا، وكيف جاءته بلقيس ملكة سبأ مستسلمة لما رأت من معجزات، وإعلانها اسلامها علي يد نبي الله سليمان عليه السلام
عن: مأمون غريب .
جريدة الحوادث المصرية
التعليقات (0)