مواضيع اليوم

سلطة "الجزر"

مالك الحزين

2009-12-10 03:05:02

0

سلطة " الجزر"

في فلسطين اليوم صراع واضح على السلطة ، و بعض أولئك الذين يتصارعون كانوا يسمونها فيما مضى سلطة غير شرعية أو سلطة أوسلو ، لكنها اليوم في نظر ذلك البعض سلطة تستحق التضحية بعشرات الأبرياء من أجل بلوغ كراسيها و اعتلاء عرشها. والحق الذي يجب أن يقال في مثل هذه الأوضاع التي لا تسر العدو قبل الصديق ، أن من وكلوا هؤلاء المرضى النفسيين أمورهم هم المخطئون ابتداء ، و إلا فأين هذه السلطة أصلا؟ و أين الدولة و كيانها؟و أين حدودها؟بل أين هو شعبها؟
إن المأزق الفلسطيني لا يكاد يكون إلا صراعا داخليا على سلطة وهمية ، و أغلب الظن أن من يجرون وراء هذه السلطة قد فقدوا الأمل في تحرير فلسطين ، أو على الأقل في إنشاء دولة فلسطينية على حدود (1967) . والذين ينتظرون من اتفاقيات اليمن و قطر و مكة و القاهرة التصالحية بين حماس و سلطة عباس شيئا فليراجعوا أنفسهم ، فكأنما ينتظرون كائنا خرافيا لا وجود له ، وكأنما ينتظرون عصا سحرية تغير عقول هؤلاء السلطويين ، فلا فتح ستترك السلطة في رام الله ، و لا حماس ستتنازل عن حكم غزة ، و بالتالي تحول بوصلة الصراع من مواجهة العدو – إن صح أنه مازال يعتبر كذلك في أبجديات الفريقين – إلى مواجهة داخلية خاسرة ، هدفها السيطرة على سلطة مزيفة لا وجود لها على أرض الواقع .
لا بد من إعادة صياغة نظرة شمولية لقضية فلسطين حتى لا تبقى القضية قربانا يسلخ على أبواب معابد طهران أو واشنطن ، أو معابد أخرى في الشرق و الغرب سواء . هذه النظرة التي يصوغها جيل مؤمن بثوابت الأمة ، عاكس لطموح المستضعفين في الأرض ، و أن تبتعد هذه النظرة كل البعد عن البحث عن السلطة كغاية ، بل جعل السلطة تحت أقدام الشعب الفلسطيني الصابر و جعلها أداة للتحرير، و ليس أداة للإثراء و الشهرة.
فلتعود القضية الفلسطينية إلى قلوب الأمة ، لا بد أن تتحرر أولا من قيود سطوة أمراء الحرب في غزة و الضفة ، و أن تجفف منابع الفرقة بين الإخوة . وبعد هذا التحرر الأول تكون قد قطعت شوطا من الوعي لمجريات الصراع الإقليمي على ترى فلسطين ، عند ذاك يصح القول أن الحرية غاية الشعب الفلسطيني ، أما و إن بقيت الأوضاع كما هي فما الفائدة من المكوث تحت سيطرة الأجنبي بسلطة مزيفة؟ ثم ما الحكمة وراء بقاء فلسطين مختبر تجارب لنظريات سياسية و فلسفية ؟و جلها من أبجديات أجنبية ، فلا حسها فلسطيني ، و لا معدنها عربي ، و لا أصلها إسلامي .
ومن المعاني المنتقاة من الحياة اليومية كلام يقال عن" الجزر" ، فهو في أعين الناس ملك الخضر بلا منازع ، لكن تبقى تلك السلطة و الملكية شيء لا قيمة له ، فكل الخضر مصيرها الطهي في أخر المطاف ،أو سلة القمامة في أسوأ الأحوال . نفس الشيء بالنسبة لصراع الفرقاء السياسيين في فلسطين على مشروع الوصول إلى المقام العالي في السلطة ، فمثلهم مثل الجزر ينعث بالملك ، لكنه مع رعيته من الخضر في طريقه إلى أواني الطهي .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !