سلطان القحطاني.. ليبرالي يتصحون من جلسة واحدة
بقلم: فؤاد الفرحان
( المسلّم به أن جريدة إيلاف التابعة للأستاذ (عثمان العمير) هي صحيفة إلكترونية جريئة تجاوزت كل “حواجز المحافظة” المعروفة عند غالبية المجتمع السعودي (المرأة، الجنس، النقد الديني.. إلخ). وعلى الرغم أن مؤسسها سعودي، وتمويلها سعودي، وهي صحيفة تهتم بالسعودية، إلّاأن موقعها كان محجوباً بالسعودية حتى وقت قريب بسبب محتواه.
أشهر ما تتميز به إيلاف من وجهة نظري موجود في الركنين: نساء إيلاف، وركن الثقافة الجنسية. قرأت اليوم في مفكرة الأستاذ (سلطان القحطاني)، وهو -بالمناسبة- مدير تحرير إيلاف، أنه قام بزيارة الأمير (عبد العزيز بن سطام) في منزله وقضى معه وقتاً ممتعاً. وعبدالعزيز بن سطام هو أمير شاب مثقف معروف بأنه “محافظ”.
لم يلفت انتباهي لقاء إعلامي بأمير، فهو ليس بأمر جديد. ولم تلفت إنتباهي عبارات التبجيل التي كتبها الأستاذ سلطان في الأمير وما رأه في منزله حتى أخبرنا مشكوراً عن حاسوب الأمير العجيب المذهل الذي “يصنف، ويعطي، ويرشد”! فهذه نغمة معروفة نقرأها من كل صحفي سعودي بعد لقاءه بأمير.
ولكن الغريب والملفت للإنتباه هو ما كتبه الأستاذ سلطان بعد تلك الزيارة في مفكرته:
“ليت بعضاً من دعاة الإصلاح في هذه البلاد، يعرفون، أن الإصلاح ليس امرأة تقود سيارة، أو فتاة تدرس جوار شاب آخر، أو هجوماً صحافياً على أبن تيمية، أو أبن حنبل، بل هو حزمة من الأفكار، والأحلام، لا تقفز على الحقيقة، والدين، والمجتمع، بل تتواءم معها، وتسير بتناغم حذر.”
أحّه! بل أحتين!! هل أقرأ لمدير تحرير إيلاف أم لسليمان الدويش؟
ليست عندي مشكلة مع ترديد نغمة تدرج الإصلاح إذا ما رأينا خطوات مقنعة تشعرنا بأن الحاجة للإصلاح أصبحت واقعاً مسلماً به عند الجميع من مواطنين ومسؤولين. ولكن عندي مشكلة في تصديق أن يخرج هذا الكلام من مدير تحرير أشهر صحيفة عربية تحررية: إيلاف، وهو المسؤول عن السماح بكل ما ينشر فيها مما يعتبر في وجهة نظر أغلبية المجتمع السعودي “خروجاً عن المحافظة”، ليبدأ في إلقاء الوعظ علينا وإعطائنا محاضرة في خطوات الإصلاح وما يصلح وما لا يصلح، ويبدأ في تلقين “دعاة الإصلاح” دروساً في هذا الشأن !!!
كل يومين ينقلب علينا واحد ويبدأ في ممارسة الوعظ على رؤوسنا؟ لو بدأنا في حصر ما تم نشره في إيلاف حول كل هذه الملفات “المرأة في السعودية، التعليم المختلط، نقد ابن تيمية والسلفية، نقد التيار المحافظ،..” لما انتهينا ولوجدنا كلام الأستاذ سلطان يرتد عليهم في إيلاف لأنهم أول من يمارس ما سمّاه “بالقفز على الحقيقة والدين والمجتمع” بسبب محتويات موقعهم.
إمّا أن يكون الأمير المحافظ عبد العزيز بن سطّام قد “قرأ” على الأستاذ سلطان القحطاني و “رقاه” من المسّ التحرري الذي به، وبالتالي فإن على الأستاذ سلطان العمل جاداً على تهذيب موقع إيلاف من كل ما يتصادم مع “محافظة المجتمع السعودي” حتى يكون صادقاً في كلامه.. أو أننا سنرى أن كلام الأستاذ سلطان يؤكد مرة تلو أخرى بأن أغلبية الإعلاميين السعوديين لا يكفّون عن ممارسة التملق و “الدحلسة” كلما قابلوا شخصية مهمة!
المجتمع السعودي حالياً أقرب ما يكون لتقبل حق المرأة الشرعي والمنطقي والعقلي لقيادة السيارة من أي مرحلة سابقة، ولسنا “ناقصين” الآن أن يأتي ليبرالي متصحون ليركب الموجة ويحاول إقناعنا بتهميش هذا الحق!
رأينا ناساً دخلوا السجون ثم خرجوا منقلبين على مبادئهم وأطروحاتهم، و يمكن أن نتفهم حالهم. وقرأنا لناس ينقلبون على مبادئهم ومواقفهم بسبب قراءاتهم اللتي صححت أفكارهم، وهؤلاء ممكن نتفهم وضعهم. ولكن لا أعرف شخص دخل جلسة وهو ليبرالي ليقابل شخصية أياً كانت، ثم خرج بخطاب صحوي يبدأ يمارس من خلاله وعظ “بعض دعاة الإصلاح”).
التعليقات (0)