سلطان الغلة "الهندية" تنافس أشهى الفواكه الصيفية في العاصمة المغربية

سلطان الغلة "الهندية" تنافس أشهى الفواكه الصيفية في العاصمة المغربية

عبـد الفتـاح الفاتحـي

    "الهنـدي والمـوس مـن عنـدي" عبارة تتردد على مسامعنا خلال كل فصل صيف، وفاكهة التين الشوكي فاكهة صيفية بامتياز" يشتهيها المغاربة كثيرا، حتى صارت تنافس أشهى الفواكه الصيفية الأخرى.
    تختلف تسميات هذه الفاكهة بحسب مناطق المغرب وجهاته، فهناك من يسميها بـ: "التين الهندي" أو "الهندية" أو "كرموس النصارى" أو "الزعبول" أو "التين البربري"، أو "الصبار الهندي"-، وإذا كان البعض ينظر إلى هذه الفاكهة على أنها فاكهة الطبقة الفقيرة فإن "شعبيتها" وشهرتها اتسعت لتشمل الجميع، فالأسر المغربية اليوم باتت تقشر "الهندية" وتخزنها في الثلاجة لتزين به موائد العائلة باعتبارها فاكهة أساسية.
    وتحتل هذه الفاكهة مكانة مميزة في الغذاء المغربي، ذلك أن بعض الجهات من المملكة كجهة دكالة والشاوية والحوز تلقبها بـ: "سلطان الغلة"، مكانة تعزز الإقبال الكبير للمواطنين على تناولها، هذا الإقبال هو الذي يترجم نمو العربات الصغيرة المحملة بالهندي كالفطر في كل زاوية من زوايا شوارع وطرقات المدن الكبرى، يحترفها باعة معظمهم من الأطفال والشباب لا يتجاوز سنهم الثلاثين، يجوبون كل الطرقات مرددين "الهندي والموس من عندي" تعبير على جاهزيتهم في تجريد الفاكهة حتى تجهز للأكل. ويتحلق الزبناء حول العربات في الصباح كما في المساء، منهم من يتناولها بعين المكان ومنهم من يأخذها معه مقشرة في أكياس بلاستيكية إلى المنازل.
    لتجهيز فاكهة الهندية ذات الأصول الاستوائية يحتاج البائع إلى قفاز بلاستيكي يحميه من الأشواك الدقيقة وإلى سكين صغيرة، وسطل صغير من الماء يرش به الهندية بين الفينة والأخرى لوقف تطاير أشواكها، ويتحدد ثمن الهندية بحسب كل حبة من حيث الحجم والجودة والعدد.

حقول التين الشوكي في المغرب

     يؤكد الباعة الذين يحترفون تجارة الهندية أنها نبتة عشوائية تنمو في المناطق المقفرة والمهجورة كالمقابر وتباع في الأسواق للمواطنين. ولتبيان الأمر سألنا عددا من باعة الهندية الذين نفوا هذه الشائعة مؤكدين على وجود زراعة خاصة بالتين الشوكي في مختلف المناطق المغربية، منها منطقة الصحراء ودكالة والشاوية والرحامنة....، وبالنظر إلى الحوار الذي أجري مع العديد من الباعة توقفت على أن لكنة الباعة تختلف من واحد إلى الآخر، وهو ما يدل على أن باعة الهندية كلهم ينتمون إلى قرى الجهات المختلفة من المملكة.
     وعن المتاجرة في التين الشوكي يقول خالد وهو شاب، التقيناه بالمدينة القديمة بسلا: "ليست لي أي فرصة لتأمين مصروفي يومي يساعدني بداية الدخول المدرسي المقبل على شراء الأدوات والكتب المدرسية، وأردف قائلا إن بيع الهندي يعد تجارتي في كل صيف، فهذه هي سنتي الثالثة التي أتاجر فيها بحبات التين الشوكي.
    ويقر على وهو طفل لا يتجاوز عمره 14 سنة "بدأت بيع الهندي بتشجيع من والدي الفقير لأساعده على المصروف، وحول مدخوله من هذه التجارة، قال: المدخول لا بأس به قد يتجاوز 100 درهم من الربح الصافي، معترفا بأنها تجارة متعبة ومؤذية خاصة من جهة الشوك، والاستيقاظ الباكر ومطاردة رجال الشرطة.
    ويعترف مسعود رجل في الخمسين من العمر أن ما يجنيه من تجارته هاته، تعوضني فقر سنة كاملة، وقال أن مدخوله في الفترة الصباحية فقط قد يتجاوز 100 درهم في اليوم، أي بدخل يصل إلى 3000 درهم للشهر.

التيـن الشوكـي ينصـح بـه الأطبـاء مرضـى السكـري

     أكدت الدراسات العلمية أن فاكهة الهندية ذات الأصول الاستوائية منعشة في الصيف لكونها غنية بالمياه والسكريات لتي تقدر مسبتها بـ 6, 14% و1 في المائة من نسبة البروتينات، إضافة إلى الفيتامينات (أ - ب - ج)، ومقادير متوسطة من الأملاح المعدنية، كما نمد هذه الثمرة مستهلكيها بربع ما يحتاجونه من البوتاسيوم والمنغانسيوم الذي يقي من التوتر وينظم درجة الحرارة ويساعد على بناء وتقوية العظام.
     كما أن التين الشوكي مفيد للأشخاص المصابين بقرحة المعدة، يحمي الأغشية المخاطية للجهاز الهضمي بتأثير الأعراض الجانبية لبعض العقاقير، كما يقلل من شعور الفرد بالظمأ في جو الحر، كما احتواءه على نسبة عالية من البوتاسيوم تساعد على انقباض العضلات وإحداث حالة من التوازن والهدوء العصبي، بالإضافة إلى إمداد الجسم بعنصر الحديد وفيتامين "س" و"ب1"و"ب2". كما يحافظ التين الشوكي على رشاقة الجسم باحتوائه على نسبة ضئيلة من السعرات الحرارية، بحيث تعطي الحبة الواحدة من التين الشوكي 30 سعرة حرارية ونسبة ضعيفة من أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنسيوم والحديد والنحاس والفوسفور واليود.
     التين الشوكي يزيل حموضة الجسم سبب الأمراض، ويغسل وينشط الكلي، ويساعد على إنقاص الوزن والسمنة وتخفيض نسبة سكر الدم والكولسترول. وهو ما أكدته نتائج دراسة حديثة، من أن المرضى المصابين بداء السكري غير المعتمدين على الأنسولين والذين صاموا لمدة 12 ساعة عندما تناولوا سيقان النبات انخفض لديهم السكر بشكل ملحوظ وارتفع معدل الأنسولين في دمهم.
     التين الشوكي نبات من الفصيلة التوتية، نبات ينتمي إلى المناطقة الحارة والجافة، تكون أزهارها صفراء ثم يتغير لونها إلى اللون البرتقالي قبل أن تسقط إذانا بنضج حبة التين الشوكي، وتتميز هذه التمرة بلون لبها الأصفر، وهو ما يجعلها من الفواكه الغنية بفيتامين س، كما تتميز بتعدد حباتها الصلبة، والتي تستعمل اليوم في صناعة زيوت التجميل.

Elfathifattah@yahoo.fr