منذ نشأة الحركة الصهيونية وعينها مشرعة على شرق أوسط تكون اسرائيل أحد أهم مكوناته، واللاعب الأبرز في تحديد سياساته، وهذا ما جاء في مؤتمر بازل عام 1897 عندما تحدث تيدور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية عن تصوره بقيام كومنولث شرق أوسطي، وأكد على ذلك الرئيس الاسرائيلي الحالي شمعون بيريز في كتابه الشهير: الشرق الأوسط الجديد.
وكشف عنه المحافظون الجدد في عهد الرئيس الامريكي جورج بوش في خطابه الشهير أمام الأمم المتحدة في 21 سبتمبر/أيلول 2004، فيما بات يعرف بالشرق الاوسط الكبير، حيث قادت الولايات المتحدة واسرائيل العديد من الحروب من أجل رسم معالمه وخارطته السياسية، ولحتى اللحظة التي نحياها نستطيع القول بأن نظرية الهيمنة الصهيو أمريكية سقطت في وجه أبطال المقاومة اللبنانية في حرب تموز، والمقاومة الفلسطينية في حرب الفرقان، والمقامة العراقية، والأفغانية والباكستانية، حيث أعادت ثقافة المقاومة والممانعة في الشرق الأوسط الكرامة والعزة للشعوب العربية، والتي انتفضت لتزلزل أركان الحكم، وتسقط أعتى الدكتاتوريات في المنطقة، والتي سيتمخض عن رياح التغيير مرحلة جديدة من العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي يؤسس لبناء شرق أوسط إسلامي منفتح على كل الحضارات والثقافات.
فالشرق الأوسط الإسلامي يعبر عن الوجه الحقيقي للمنطقة، فجل الدول التي تعيش في كنف الشرق الأوسط هي دول إسلامية، مع وجود أقليات مسيحية ويهودية وغير ذلك، وحرية المعتقد مصانة للجميع، كما هي حرية الرأي والتعبير، وهنا سيواجه الشرق الأوسط الإسلامي المشكلة الأبرز في طريقه متمثلة في دولة احتلالية وعنصرية وغير إسلامية وهي إسرائيل، ولذلك سيكون أمام إسرائيل خيار الانكماش والإنصياع لواقع المنطقة الجديد، أو أن تدخل اسرائيل في حرب شاملة وواسعة وهنا ربما تبدأ ارهاصات نهاية الدولة العبرية...
ولكن ما سبق يتوقف على مسار التغيير السياسي في المنطقة، فلربما هناك دول من الضروري أن تسقط الأنظمة الحاكمة فيها أو يتم تعديل السياسيات، ولعل من أبرز الدول التي تمثل مركز ثقل سياسي وجغرافي في المنطقة هي العراق، فهي تمتلك ثروة بشرية متميزة وثروة نفطية هائلة، وكما يتحدث الخبراء أن آخر بقعة جغرافية ينضب بها النفط هي أرض العراق، أضف إلى ذلك بأن محور الممانعة والمقاومة في المنطقة في حال سقط النظام السياسي في العراق يصبح يسيطر على الهلال الخصيب، وربما يساعد التقارب التركي الايراني من تذويب التنافس المذهبي بين السنة والشيعة في هذه المرحلة الحساسة.
فالمنطقة مقبلة على تحديات كبيرة من الغرب وإسرائيل، لأن ما نتحدث به يمثل تهديداً للمصالح الجيو استراتيجية للغرب، ومن هنا نرى رغبة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها العديد من الدول الغربية لاحتواء ثورات الشعوب بما يحقق مصالحها في المنطقة، وللصمود أمام تلك التحديات وتجاوزها ينبغي الإبتعاد عن الصراعات المذهبية، مقابل تبني الأفكار الراديكالية المعتدلة التي تسعى الى الاصلاح التدريجي والسلمي كوسيلة للتغيير.
نستطيع القول بأن جماعة الاخوان المسلمين نجحت إلى ترجمة ذلك من خلال حسن تنظيمها، وتفاعلها مع الجماهير الثائرة، وكذلك رؤيتها لشكل الدولة، كونها تطالب بدولة مدنية تحتكم لإرادة الشعب، وهذا المنهج الوسطي من شأنه أن يعم في القريب العاجل ويؤثر على سياسات الكثير من الدول.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)