حادثة تفجير مقر الأمن القومي السوري والتي راح ضحيتها وزير الدفاع السوري داوود راجحة ونائبه آصف شوكت ورئيس إدارة الأزمة حسن التركماني، وإصابة وزير الداخلية محمد الشعار وآخرون من قادة الفرق العسكرية والأمنية تثير تساؤلات عديدة حول عملية التفجير نفسها، وأيضاً مدى انعكاسها على مستقبل النظام السوري.
فيما يتعلق بعملية تفجير مقر الأمن القومي هناك سيناريوهان:
السيناريو الأول: أن تكون معلومات أمنية خاصة وصلت الرئيس السوري بشار الأسد تفيد أن فريق إدارة الأزمة يخطط لعملية انقلاب عسكري ضد نظام بشار الأسد، وبذلك قام النظام السوري بتصفيتهم جسدياً، ويحمل أيضاً هذا السيناريو احتمالية ضلوع أجهزة استخباراتية روسية أو صينية أو إيرانية –سنوضح أسباب ذلك- في عملية التصفية دون علم النظام السوري لو ثبتت صحة سيناريو الانقلاب.
السيناريو الثاني: عملية استشهادية قام بها الجيش السوري الحر، وهذا مؤشر بالغ الأهمية وله دلالات أمنية وعسكرية كون العملية بالغة التعقيد، ودلالة على قوة اختراق الثوار داخل الجيش السوري النظامي، وله قيمة معنوية ايجابية للثوار والشعب السوري وسلبية للنظام السوري وحلفائه.
أنا أرجح السيناريو الثاني، وسبب ترجيحي لهذا السيناريو على غيره من السيناريوهات حجم المجازر والمذابح والظلم والاستبداد الذي مارسه نظام بشار الأسد ضد أبناء شعبه، وطبيعة الشخصية السورية التي نشأت على الشهامة والقوة ورباطة الجأش ورفض الظلم والقهر كل ذلك من شأنه أن يدفع بجنود وضباط الجيش السوري النظامي من أن يتحولوا لقنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة أمام قياداتهم العسكرية والأمنية والسياسية.
أما انعكاس عملية تفجير مقر الأمن القومي على مستقبل النظام السوري فأعتقد أن مستقبل النظام السوري بات في مهب الريح، ولكن هذا لا يعني أنه سيسقط خلال أيام أو أسابيع، لأن هناك جهات عديدة لا تسمح بسقوطه، وستساند النظام السوري على تجاوز الأزمة، وسيعمل النظام السوري على تجاوز تداعيات العملية الاستشهادية، وبالفعل أصدر بشار الأسد بعد ساعات من عملية التفجير مرسوماً رئاسياً بتعيين العماد فهد جاسم الفريج وزيراً للدفاع، أما الجهات التي لا تسمح بسقوط نظام بشار الأسد فهي على النحو التالي:
1- روسيا والصين: سوريا بالنسبة لروسيا والصين هي قضية أمن قومي، فقد تجاوزت نسبة صادرات روسيا العسكرية لسوريا خط إلـ 9%، بالإضافة إلى وجود قاعدة بحرية روسية في مدينة طرطوس الساحلية التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، وهذا بعد استراتيجي هام لروسيا في ظل الهيمنة الأمريكية والغربية على منطقة الشرق الأوسط، وتكمن أهمية القاعدة البــحرية في طـــرطوس كــــأحد الـــركائز الإستراتيجية في البحر المتوسط والتي وصفها الأميــــرال الروسي إيغور كاساتونوف بأنها تمنح القوات الروسية الوصول السريع إلى البحر الحمر والمحيط الأطلسي.
2- إيران: ترتبط إيران بسوريا بعلاقات إستراتيجية، وتربطهما معاهدات دفاع مشترك، بالإضافة إلى الالتقاء المذهبي الأيديولوجي مع النظام السوري، وأيضاً تشكل سوريا المزود الأول لحزب الله اللبناني بالسلاح والمال والدعم السياسي والأمني، كل ذلك يدفع إيران وحزب الله لتقديم كل أشكال الدعم لنظام بشار الأسد من أجل بقائه في سدة الحكم.
3- إسرائيل: الموقف الإسرائيلي يتأرجح بين الدعم الخفي لنظام الأسد، والدعم المعلن للثورة السورية، فسقوط بشار الأسد يخدم إسرائيل في تقويض قوة حزب الله اللبناني، وتقليم أظافر إيران وبرنامجها النووي، ولكنه قد يضرها في مستقبل الأسلحة الكيميائية الموجودة لدى الجيش النظامي السوري، وشكل النظام السياسي الجديد في سوريا، ومستقبل الهدوء في منطقة الجولان المحتل.
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
التعليقات (0)