تغيير موازين القوى في العراق أحدث تغييراً جذرياً في التركيبة السياسية التي رسمت ملامح العراق الحديث في العقد المنصرم. فقضايا السقوط المدوّي للمدن العراقية الشمالية واحدة تلو أخرى بيد المعارضين- رغم تعدد مشاربهم و استغلال الإرهاب لثورتهم إلا أنها مازالت تعدّ ثورة ضد تدخل إيران بشؤون العراق- لحكومة المالكي الموالية للنهج الإيراني يعتبر التغيير الكبير الذي طرأ على الشرق الأوسط والذي يوحي بانتكماش الدور الإيراني في المنطقة العربية.غيّر الحراك الشعبي في شمال وغرب العراق الخريطة السياسية للتحالفات بين القوى السياسية بصورة مضظردة. فقد تغيرت بوصلة التحالف الشيعي الكردي المقرب من طهران الى تحالف سني كردي أقرب الى طموحات أنقرة التي لديها صلات حميمة بالدول العربية المتبعة لنهج الإعتدال.اليوم باتت إيران على مشارف خسارة أكبر حليف لها في المنطقة – المالكي- بعد أن تضرر نفوذها في سوريا- الأسد- و فقدانها للجمهور العربي نتيجة دعمها لتلك الدول المستبدة.
تحاول طهران استعادة دورها السابق بين العرب بعد أن شوّه صورتها الدعم الخاطئ للأسد و تدخل حزب الله في الحرب الدائرة في سوريا تحاول أن تستعيد دورها من خلال افتعال حرب ينوب عنها فصائل فلسطينية متحالفة تسير في خطى النهج الإيراني مستخدمة السلاح الإيراني في قتالها مع إسرائيل أملاً في أن يحسّن سمعة طهران و سياستها الفاشلة جراء مواقفها الغير محسوبة حيال انتفاضات العرب في دول الثورات العربية في الفترة الأخيرة.
لكن سقوط الموصل و تدخل طهران العنيف لصالح المتحالفين لها في بغداد قد يخسرها المزيد. فالأجدر بالإيرانيين إما تغيير نهجهم الإقليمي أو الإنكفاء على الداخل والبدء في معالجة مشاكلهم الداخلية عبر حلحلة قضاياهم مع دول العالم على رأسها البرنامج النووي لكي يحفظ لهم بعض نفوذهم الدولي والإقليمي إذا ما وقّعت طهران على الإتفاق النهائي وعطلت برنامجها النووي قد تبدلأ بصورة صائبة في تغيير مسار سياستها. وهذا ما يحدث شيئاً فشيئاً استناداً لما يصدر من مسؤولين إيرانيين. فعندما سئل "محمد جواد ظريف " وزير الخارجية الإيراني من قبل أحد الصحفيين عن امكانية اشتمال المحادثات النووية مع الدول الست حرب غزة أكد أن المحادثات مقتصرة على الملف للخروج بأسرع وقت ممكن بقرار نهائي يحل هذا الملف الى الأبد.
التعليقات (0)