مواضيع اليوم

سقوط الإنسان

أحمد سالم عبدالله

2009-06-10 02:30:36

0

   إنه يوم التحكيم مجدداً ، وما أقرب ذاك الزمان إلى هذا اليوم ، وما ألعن هذه اللحظة التي وضعتنا مجدداً أمام التحكيم ، لتختار الغوغاء وتتحكم برقاب العباد ، فلا يمكن للحكيم والعارف إلا أن يرضخ !
  ما أنكى هذا الدهر ، الذي أوقعنا في براثن داهية جديد ، يطعم هذه الغوغاء عسلاً محشواً بسمٍ زعاف ، لا يمكن للأكثرية أن تعلن صوابيتها ويدها ما زالت مغمسة بالدماء !
  اللهم فاشهد ! 
  فالأشعري عاد بثوب براق ، ومعه داهية العصر ، يجر معه ذهنية التعصب الجاهلي ، والعصبية المذهبية ، التي تفت في عضد الأمة لمصلحة الخائن والمنافق والناكث والمارق والقاسط والعدو !
  إجتمعت الدهماء على الحق فمسـخته ، وأعلنت بصوتها أن قاتلها ومفسدها هو صاحب الأمر فيها ! 
  كيف يمكن لفقير محتاج أن يعلن أن الغني صاحب المال والجاه هو ممثله ؟ ويلعن من هو منه ، ومن يمثله حقاً ؟!
  كيف يمكن لشخص نبع من الشعب ، وحارب من أجل الشعب ، ودافع عن هذا الشعب ، أن يخذله هذا الشعب ، ويتعلق بمن خانه وأفسده وقتله وشرده وأجاعه ؟!
  إنه لمن نكد الدهر أن يصل بنا الحال إلى هذا !!
  إنه لمن الخزي والعار أن نعيش في بلد كهذا ، ’’فلو أن امرأً ... مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً ، بل كان به عندي جديراً‘‘ .  
  إنه يوم التحكيم مجدداً ، والغوغاء إختارت ... ولماذا العجب ، والرسول أوضح لنا سنة الحياة ، وقانون الحكم : "كما تكونوا يولى عليكم" ... ؟! والقرآن قال ويقول : وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً [ الأنعام : 129] .
  وهل يمكن للغوغاء أن تثور بعد اليوم ؟ 
  وأن تطالب بلقمة عيشها ؟ 
  أن تطالب بتخفيض الضرائب ؟ 
  أن تسائل فرعونها الصغير أنى ومن أين لك هذا ؟!
  هل يمكن للطغمة الحاكمة إلا أن تتكاثر أموالها ، ويزداد غناها ، وفسادها ؟!!
  لا يمكن لها إلا أن تتمرد أكثر ، ويزداد إستعلاؤها .. وطغيانها ؟!
  نعم ، في هذا البلد الأمين ، عاد عصر التحكيم ... 
  وأعاد التاريخ اجترار أحداثه ... ومصائبه .. ولعناته ... وأجداثه !!
  ووقع "العارف" بسبب الغوغاء ،  
  سقط "العارف" لأنه لم يهادن ولم يخضع ولم يرشِ .. 
  وقع "العارف" لأنه بالسياسة "لا يغدر ولا يفجر" !
  سقط لأنه "يريدها على الحق .... ويريدونها على الباطل" !
  سقط البطل لأن هذا العصر هو عصر الغوغاء ...
  سقط الكبير لأنه عصر الصغار ، ورحم الله أبا الطيب حينما قال : 
                   ودهر ناسه ناس صغار                    وإن كانت لهم جثث ضخام
                   وما أنا منهم بالعيش فيهم                  ولكن معدِن الذهب الرغام
                   أرانب غير أنهم ملوك                      مفتحة عيونهم نيام
                   وشبه الشيء منجذب إليه                   وأشبهنا بدنيانا الطغام
  هو عصر التحكيم عاد ...
  وفي لبنان ... سقط الإنسان !


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !