سقطت بغداد ولم ينزعج!!،ولمّا أُصيبت راقصته انتفض!!!.
مهما تقمص الإنسان الإنتهازي المتاجر والمتستر بلباس الدين من عناوين براقة ومواقع ودرجات ومناصب، ومهما بوق له الإعلام وزوق له دعاة المنطق الترويجي ومهما حاول المدلسون والمزيفون والوضاعون اصحاب الأقلام المأجور من صناعة هالة حوله فلابد من يوم تنكشف فيه سريرته وتتضح حقيقته وتنهار وتتلاشى كل تلك الألقاب والعناوين والدرجات والمواقع التي سرقها وتقمصها دون حق يذكر، فالزمن كشّاف والقراءة الواعية الدقيقة الموضوعية للتاريخ والأحداث والسير والمواقف كفيلة في اكتشاف الحقيقة وإماطة اللثام واسقاط الأقنعة عن تلك الوجوه التي اتخذت من الدين مغرما ومكسبا وسلما للوصول للسلطة والمال.
وهنا نقف على مواقف واحد بطله أحد خلفاء التيمية الدواعش المارقة وولي أمرهم المجاهد الشهيد البطل معزّ المسلمين وحامي أعراضِهم وأرواحِهم وأموالِهم الخليفة المستقر في بغداد!!! فلنطلع على ما قاله ابن كثير عن خليفتِه وإمامِه وقائدِه وقدوتِه، وكما نقله وعلق عليه المرجع الصرخي في المحاضرة 36 من بحثه ( وقفات مع ...توحيد التيمية الجسمي الأسطوري):
البداية والنهاية: ج13: ابن كثير: ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وستَّمائة (656هـ): فِيهَا أَخَذَت التَّتَارُ بَغْدَادَ وَقَتَلُوا أَكْثَرَ أَهْلِهَا حَتَّى الْخَلِيفَةَ، وَانْقَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي العبَّاس مِنْهَا:
1ـ وأحاطتْ التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنِّبال مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى أُصِيبَتْ جَارِيَةٌ ((لاحظ هنا المصاب وهذه المعضلة هنا الكارثة وهنا تهدمت أركان الإسلام، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أصيبت جارية، التفتوا إلى هذا الأمر العظيم الخطير: أصيبت جارية، يا لها من جارية، تهدمت أركان الهدى بإصابة هذه الجارية، تهدمت أركان الإسلام بإصابة هذه الجارية)) كَانَتْ ((ماذا كانت تفعل؟ هل تتعبد؟ هل كانت تصلي صلاة الليل؟ تصل الفقراء؟ تقضي حوائج الناس؟ كانت)) تَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ وَتُضْحِكُهُ، وَكَانَتْ مِنْ جملة حظاياه.
((هذه الكارثة العظمى التي وقعت على المسلمين وهدمت أركان الإسلام، بأي شيء أصيبت؟ أصيبت بنبلة أو سهم، لاحظ إلى أي مستوى وصل حال الخليفة؟ التتار تحيط بقصر الخليفة وهو يلاعب الجواري، وتلاعبه الجواري وتضحكه الجواري، هذا هو خليفة المسلمين وإمام التيمية، بهذا المستوى وبهذا الانحطاط وبهذه السفاهة ويرمي هذا الفشل وهذه الكارثة وهذه الفتن، يرميها التيمية والمنهج التيمي على ابن العلقمي، هذا هو الخليفة، هذا هو الإمام والمصيبة الأدهى ستأتي))
2ـ وَكَانَتْ مُوَلَّدَةُ (مُوَلِّدة) ((أما تولد أو هي شابة محدثة جميلة لها مواصفات خاصة)) تُسَمَّى عَرَفَةَ، جَاءَهَا سَهْمٌ ((لا حول ولا قوة إلا بالله، هنا أيضًا تهدمت أركان الهدى، تهدمت أركان الإسلام!!!)) مِنْ بَعْضِ الشَّبَابِيكِ فَقَتَلَهَا((جريمة عظيمة، وفعلًا جريمة عظيمة، كما يحصل الآن من جرائم)) وَهِيَ تَرْقُصُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، فَانْزَعَجَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ
((هنا انزعج الخليفة، كل بلاد الإسلام ذهبت وانكسر جيش الخليفة في شمال وغرب وشرق بغداد، وأحاطتِ جيوش التتار بقصر الخلافة، ولم ينزعج الخليفة، لكنه انزعج بإصابة الراقصة بسهم فقتلت على أثرها، لاحظ هنا الإسلام انتهى وبلاد الإسلام انتهت، أعراض المسلمين انتهكت، المسلمون وقعوا بين قتيل وبين من ترك الدين، وبين من وقع أسيرًا بأيدي الغازين، لم ينزعج الخليفة)) وَفَزِعَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَأَحْضَرَ السَّهْمَ الَّذِي أَصَابَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِنْفَاذَ قضائِه وقدَرِه أذهَبَ من ذَوِي الْعُقُولِ عُقُولَهُمْ، [أقول: لم يزعجْ الخليفة كلُّ ما حصل ويحصل مِن دمار وهلاك وإبادات على الإسلام والمسلمين!!! ولم ينزعج على مصيره ومصير سلطته والتتار تحيط بقصره والنِّبال تخترق قصره!!! لكن انزعج فقط وفقط عندما أصيبتْ رقّاصته الخاصّة التي تُحْيِي له ليالِيَه وأيّامَه حتى في أخطر الظروف وأهْلَكَها!!! فهنيئًا لابن تيمية بإمامه الرومانسي الرقيق والمنفتح جدًّا]
3ـ فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ عِنْدَ ذَلِكَ بزيادة الاحتراز، ((والاحتراز هو أن يأخذ الخليفة راحته بالاستمتاع بالرقص والغناء والشراب، وحتى يمنع السهام والنبال فكثر الستائر، وانتهى الأمر)) وكثُرت الستائر على دار الخلافة، [أقول: مصير الإسلام انتهى وأقرَّ بانتهائه ابنُ الأثير قبل أربعين عامًا مِن سقوط بغداد!!! وكلّ ما حصل لم يحرِّك غيرةَ ورجولةَ وشهامةَ ودينَ وإسلامَ وكرامةَ الخليفة العباسي!!! فلم يأمر بزيادة الاحتراز إلّا بعد أن وصل الخطر إلى راقصاتِه ومغنِّياتِه وليالي الطرب والأنس السلطاني!!! وأي احتراز؟!! إنّه احتراز بتكثير الستائر على دار الخلافة فقط وفقط!!! ].
بقلم
احمد الدراجي
التعليقات (0)