مواضيع اليوم

سقطة أخلاقية جديدة وصمت مثقفينا

اوس العربي

2009-09-23 03:20:06

0


سقطة أخلاقية جديدة وصمت مثقفينا


وقف حاكم ولاية نيويورك وإلى جواره زوجته ليعترف أمام حشد من الصحفيين في مكتبه، أنه كان على علاقة بشبكة للدعارة، وقدم اعتذاره لأسرته ولشعب الولاية، إلا أنه لم يقدم استقالته.

وكانت شهرة الحاكم  في تصديه للفساد والجريمة والدعارة قد أعطته شعبية كبيرة في حزبه وأمام الناس حتى أطلقوا عليه لقب "الرجل النظيف". وكانت صحيفة النيويورك تايمز قد كشفت في تحقيق لها نشاطات هذه الشبكة التي تمتد عبر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وتستخدم عددا من المومسات تتقاضى الواحدة منها مبلغا يتراوح بين 1000-5500 دولارا مقابل الساعة الواحدة. وقد جرى تسجيل صوتي لسبيتزر أثناء ضلوعه مع إحدى نساء هذه الشبكة.


إن الفضائح الأخلاقية منتشرة بين السياسيين الغربيين وتطال رموزا كبيرة منهم، إلا أن هذه الحادثة لها مدلولها الخاص الذي يتعدى شخص حاكم نيويورك ولذلك مثلت صدمة في الدوائر السياسية والاجتماعية، وتختلف عن العلاقات النسائية الشائعة في أوساط الغرب عموما.

إنهم رأوا فيها قيما تنهار، ومعان كانوا يتمنون أن تظل حقيقية. فمن جهة تذكرهم بأن التجارة بأجساد النساء في بلادهم تجارة مشروعة ومقننة، وهو ما يتناقض مع حقوق المرأة ومكانتها وكرامتها التي يصدعون بها رؤوسنا ويعطونا فيها دروسا أخلاقية بصلف وغرور. ومن جهة أخرى تعري منظومة القيم الضعيفة في الجانب الإنساني، عندما يرون رجلا في مكانة رفيعة يتدنى إلى هذا الوحل سرا، وأما في العلن فهو عدو الفساد والدعارة والمخدرات.

إن الحضارة الغربية الرائعة في تقدمها العلمي والإداري تخلفت في جانبها الإنساني وانحطت فيه إلى مدارك حيوانية ومفاسد أخلاقية. هذا الانحطاط يفسر في جزء منه المظالم الرهيبة التي يرتكبونها في حقوق غيرهم من الشعوب. إن الإنسان – عموما – إذا ظلم نفسه وأهانها وأذلها بانحطاط أخلاقه، هان عليه غيره ولم يضع اعتبارا له فيتعدى ويظلم ويجور ويستعمر، بل ويقتل ويبيد.

ما يعنينا هنا هو التنبيه مرة بعد مرة على ضرورة فرز ما نتلقاه من الحضارة الغربية، فنقبل تفوقهم التقني والإداري، ونرفض ثقافتهم الإنسانية وننقدها ونكشفها. هذه الثقافة الفاسدة تفد إلينا مع إعلامهم وأفلامهم ومسلسلاتهم وأغانيهم ورواياتهم، فتتسلل إلينا أفكارهم من خلالها بنعومة وخدر وتمثل اختراقا مؤسفا وخطيرا لمجتمعاتنا.

وكنا ننتظر من مثقفينا أن يكونوا درعا واقية من هذه الهجمة الثقافية التي تهب على بلادنا، فإذا بأكثرهم أداة سائغة لتمرير هذه الثقافة وتلبيسها على شعوبنا، وإذا بأكثرهم أكثر حماسة لهذا الفساد ممن يصدروه لنا، وإذا بأكثرهم يشهرون في وجوهنا دعوى حرية الإبداع والثقافة لتبرير هذه السموم القاتلة التي يتم حقنها لجسد أمتنا. وأصبحنا بذلك نحتاج للفرز مرتين ، مرة في كل ألوان الثقافة التي تفد إلينا من الغرب، وفرز آخر لأكثر الآراء والحجج التي يلبس علينا بها المثقفون في بلادنا تلك الثقافة الوافدة.

انتبهوا لهذه الأخطار وتعاملوا معها بوعي ورشد، ولا تسمحوا للتسلية والترفيه أن يأتينا من خلال ألوان من الثقافة الهدامة التي تستبيح قيمنا وديننا فتدس السم في العسل. وأكثر هذه المواد ربما لا تأتينا قصدا على سبيل التآمر علينا، لأنها ببساطة طبيعة ثقافتهم التي يتعاطونها ويألفونها ويستنكرون إذا رأوا ثقافة غيرها تعتمد العفة والحياء والأدب ، أو تعتمد العلاقات الأسرية السوية. إنها مسئوليتنا نحن أن نحذر من جوانب الفساد الأخلاقي التي تهددنا وتهدد استقرار مجتمعاتنا، ولا معنى لأن نكتفي بنقدهم وإبراز عيوبهم. إنها مسئولية فردية على كل منا تجاه نفسه وتجاه أسرته على أقل تقدير، ومسئولية عامة على كل من يقدر على التوجيه والدعوة.

د. محمد هشام راغب

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !