سـَ ... و أحــبُّــكِ
(اثنتا عشرةَ ترنيمةً لولدٍ مُصابٍ بالهوى)
" ليسَ من العبثِ أنْ يدركَ ؛
أنَّهُ بتخلِّيهِ عن حرِّيَّتهِ ،
يستعيضُ عنها بفرحٍ لا محدودٍ "
طاغور | ديوان : الهلال .
سأشطرُ شفتي العليا لأبدو كالأرنب ؛
سأركضُ كالطَّريدةِ تمامًا ..
و أحبُّكِ .
سأطعنُ لساني بأقلامِ الرَّصاصِ ؛
سأتلفُ عينيَّ بغُبرةِ الطَّباشيرِ ..
و أحبُّكِ .
سأبترُ أصابعي خلا الإبهامَ ؛
سأشيرُ بهِ للمارِّينَ – بسرعةٍ - في سيَّاراتِهم الجديدةِ ..
و أحبُّكِ .
سأشنقُ دفتري بالإهمالِ ؛
سأفرِغُ محبرتي في جيبِ قميصي الأبيضِ ..
و أحبُّكِ .
سأعترفُ – على الفورِ – بأيَّةِ تُهمةٍ توجَّهُ إليَّ ؛
سأقضي ما تبقَّى من عُمري في تحطيمِ الصُّخورِ ،
سأصاحبُ الوحولَ ..
و أحبُّكِ .
سأصطادُ الزَّواحفَ ؛
سأرعبُ بها صغارَ الحيِّ بفظاعةٍ ..
و أحبُّكِ .
سأسرقُ كلَّ ما في جيبِ والدي من نقودٍ ؛
سأشتري سجائرَ فاخرةً ،
سأوزِّعُها بالمجَّانِ على الجُنودِ و متسوِّلي المحطَّاتِ ..
و أحبُّكِ .
سأرسمُ مقعدًا على الطَّريقِ السَّريعةِ ؛
سأجلسُ عليهِ في ساعةِ الذَّروةِ ..
و أحبُّكِ .
سأبتاعُ ملابسَ للغوصِ ؛
- رغمَ أنِّيَ لا أجيدُ السِّباحةَ -
سأقامرُ بقدرتي المتواضعةِ على صيد اللُّؤلؤِ ..
و أحبُّكِ .
سأخلو بنفسي كراهبٍ خاطئٍ ؛
سأتقرفصُ في حفرةٍ يرتادُها الذُّبابُ ،
سيكون وجهي مَطليًّا بالعسلِ ..
و أحبُّكِ .
سأمدِّدُ عنقي بالمعدنِ ؛
سأقتدي بـ (البادُونْگ) ،
سأتخلَّى عن الطَّوقِ كي تنثني رقبتي ..
و أحبُّكِ .
حبيبتي !
أيَّتُها الواضحةُ في قلبي كنصْلٍ ؛
دعيني أوقظِ العالمَ بصُراخي ،
سأكونُ بائسًا من دونِ حبِّكِ ،
ستنهشُني الطُّيورُ البحريَّةُ بمناقيرِها ،
سيهربُ منِّي لوني ..
و يتفتَّتُ جلدي كثعبانٍ في الخريفِ ،
ستدوسُني الهواجسُ كبيدرٍ في الحصادِ ،
سأجثو على ركبتيَّ و أقولُ أشياءَ شنيعةً ،
لنْ يعيرَني الأفقُ منظارَهُ ،
و لنْ تحفلَ بي النُّجومُ ،
سأظلُّ مغمورًا كموهوبٍ في مسرحِ القريةِ ؛
من دونِ حبِّكِ لن تُزهرَ القصيدةُ .
حبيبتي !
دعيني أغسِّلْ كفيَّ في نهديكِ النَّاضجيْنِ ،
و سامحيني لو أطلقتُ الرَّصاصَ على كلِّ كلمةٍ لا تقولُ :
أحبُّكِ .. !!
البادُونْگ : قبيلةٌ في (بورما) . تشتهرُ نساؤها برقابهنَّ المطوَّقةِ بالمعدنِ ، و يقالُ بأنَّهنُّ لو رفعنَ الأطواقَ و تخلَّينَ عنها ؛ ستنثني رقابهنَّ و تتدلَّى بسبب تمدُّدِها .
صيف | 2007
اللَّوحةُ بعنوانِ : مشرقةٌ
للتَّشكيليّ الكويتيّ : حميد خزعل
منشور في مجلّة "البحرين الثقافيّة"
العدد 61 أيلول | 2010
سَعْد اليَاسِري
السويد
تشرين الأوّل | 2010
الموقع الشّخصيّ
التعليقات (0)