سيدات سعوديات أعلن عبر صفحة على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" عن قرارهن قيادة سياراتهن بأنفسهن يوم 17 يونيو المقبل ، " وهو بالمناسبة سيصادف يوم جمعة " ، في مبادرة تحت عنوان "سأقود سيارتي بنفسي " ، وهذا سيكون ثاني تجمع من نوعه في تأريخ المملكة الوهابية أن حصل ، حيث كان الأول في عام 1990 .
لكن أحد المشايخ "وليس رجال الدين" السعوديين واسمه عبدالرحمن البراك وجه انتقادات لاذعة للنسوة اللاتي عزمن على قيادة سياراتهن داخل المملكة في السابع عشر من الشهر المقبل ، متمنياً موتهن قبل ان يتمكن من قيادة السيارة ، داعياً إياهن للتوبة إلى الله .
وقال الشيخ البراك، تعليقا على دعوة سيدات سعوديات إلى قيادة السيارات في السابع عشر من يونيو المقبل، إن "ما عزمن عليه هو منكر، وهن بذلك يصبحن مفاتيح شر على هذه البلاد"، ووصفهن "بالنساء المستغربات الساعيات لتغريب هذه البلاد " .
بالتأكيد أن أولئك النسوة سيكن مفاتيح شر ، ولكن ليس على البلاد ، بل على أشباه رجال الدين اللذين يقتاتون من أصدار مثل هذه الفتاوى اللتي لم نرى ما يبررها ديناً ، وشرعاً .
يقول تأريخنا الأسلامي بأن من نساء المسلمين من شهدن غزوات النبي صلوات الله عليه وعلى آله ، وأن المرأة المسلمة كانت تسقى المقاتلين ، وتداوى الجَرْحَي .
وأن نسيبة بنت كعب رضي الله عنها ، قد دافعت عن رسول الله يوم أحد حتى قال عنها صلوات الله عليه وعلى آله ، "ما التفتُّ يومَ أُحد يمينًا ولا شمالا إلا وأراها تقاتل دوني " ، ولا يمكن لعاقل أن يقول بأن نسيبة رضي الله عنها كانت متبرجة أو متفرنجة أو من الساعيات لفرنجة مكة والمدينة .
ويقول التأريخ بأن خوله بنت الازور قاتلت فى معركة اليرموك امام الروم وهى ملثمه ، حتى ظنها الناس انها خالد بن الوليد ، دون أن ينكر ذلك الخليفة أبو بكر أو أحد الصحابة ، عليها أو على قائدها .
البراك هذا ليس شيخاً عاديا في السعودية ، ورأيه في المرأة يمثل رأي أكثرية المشايخ الوهابية اللذين تعتمد عليهم الحكومة السعودية في تثبيت صورة الحكومة الوحيدة المدافعة عن الأسلام في نفوس الشعب ، والشعوب المسلمة الأخرى ، بموجب العقد اللذي أبرم بين محمد بن سعود ، وأبن عبد الوهاب ، قبل أكثر من قرنين .
لذا فحري بنا أن نتسائل عن أمكانية أستمرار هذا الزواج بين المؤسسة الدينية اللتي ترى المرأة بمنظار بدوي ، أعرابي ، لا يمت الى الأسلام بصلة كما رأينا من الأمثلة السابقة ، والمؤسسة السياسية السعودية اللتي باتت تحاول الظهور بمظهر الدولة الحديثة ، مع علمها تماما بأن أي دولة حديثة في القرن الواحد والعشرين لايمكن أن تعيش وتتطور بسواعد نصف المجتمع ولا حتى بثلاثة أرباعه ، وأن الأقتصادات الحديثة بحاجة الى كل أفراد المجتمع وأكثر .
نحن نعلم أن المجتمع في المملكة السعودية أصبح يقف في مفترق طرق الآن ، فالحكومة عليها أن تختار بين الشرعية الوهابية السلفية اللتي كانت تستهوي عقول الناس قبل قرنين من الزمان ، أو أن تعود الى الشرعية الشعبية المطالبة حالياً بالأصلاحات الدستورية وبحقوق المرأة ، وهي أصلاحات من صميم الرسالة المحمدية كما أسلفنا ، وسيكون يوم 17 يونيو المقبل أختباراً مهماً لتوجهات الجميع في المملكة ، " سواءً أنجحت المسيرة النسائية أم لم تنجح " .
فلا يعقل أن يكون النموذج السلفي اللذي يتمنى موت المرأة اللتي تحاول قيادة سيارتها بنفسها هو اللذي يحكم مجتمعاً في القرن الواحد والعشرين ، بينما كانت أم سلمة رضي الله عنها ، تقود حصانها بنفسها في القرن الأول الهجري ! .
التعليقات (0)