سعودة التصحيح .. !!
تركي سليم الأكلبي
قال : من محاسن نظام تصحيح أوضاع العمالة أن فتح للشباب السعودي فرص كبيرة للعمل فالعمالة الأجنبية أتى أغلبهم فقيراً وعاد مليونير .. هل وظفتهم الحكومة ؟! الجواب لا ، إذاً الكرة الآن في ملعب الشباب السعودي ..
قلت : لكنك نسيت أن هناك ثلاث قضايا مهمة هي من أسباب البطالة والنظام الجديد لم ولن يحلها وسوف يعود الوضع كما كان عليه قبل التصحيح .. أي ستعود العمالة بالتدريج وبالنظام بسبب عدم حل هذه القضايا .
قال : كيف ؟ وماهي هذه الإشكالات ؟
قلت : أولاً السعودي لن يقوم بكل ما كان يقوم به العامل الأجنبي ، ولن ينهض للعمل من الساعة السادسة صباحا ليعمل طوال اليوم حتى الساعة السادسة مساء وربما الحادية عشرة مساء وصاحب العمل لن يكتفي بساعات العمل المتعارف عليها دوليا وهي 8 ساعات يوميا وخاصة أصحاب المؤسسات الخاصة الصغيرة فضلاً عن إيجازة يومي نهاية الأسبوع فالسعودي معتاد على نمط شبه فوظوي للوقت .
ثانياً السعوددي لن يقبل ولن يكفيه أجر العامل الأجنبي وخاصة من لديه أسرة .
ثالثاً لو أفترضنا جدلاً أن وزارة العمل توصلت لحل لقضيتي الوقت والأجر بفرض الوقت النظامي على صاحب العمل وتحديد الحد الأدني للأجر بحيث يغطي احتياجات السعودي من معيشة وإيجار منزل وغير ذلك فهل تعتقد أن صاحب العمل (التاجر) سيتحمل لوحده عبء (سعودة التصحيح) الذي سيترتب عليه انخفاض لما اعتاد عليه من هامش ربح متنام ؟ الجواب بالتأكيد لا وسوف يتعمد رفع أسعار السلع والخدمات لتغطي ما نقص من أرباح ! وسيكون الضحية هو المواطن (الغلبان حمال الأسية) كما يقول أخواننا المصريين !
يعني كأنك يا بو زيد ما غزيت .. !!!
قال : وما هو الحل برأيك ؟
قلت : الحل واضح لو أرادوا : عكس المشكلة أي فرض نظام صارم بنفس صرامة نظام تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية يتركز على :
1- تحديد ساعات عمل محددة ،
2- تحديد الحد الأدنى لأجر العامل السعودي ،
3- فرض رقابة صارمة على الأسعار وغرامة لا تقل عن 100,000 على التاجر ورجل الأعمال والمقاولين والشركات والمؤسسات الذين يرفعون الأسعار دون مبرر لتعويض ما نقص من هامش ربح مرتفع في الأساس
4- إلى جانب نشر الوعي وتعاون الجهات الأخرى في مساندة المواطن لمواجهة أعباءه المعيشية بتفعيل التأمين الصحي الشامل وحل مشكلة ... هذا برأيي هو الحل لو أرادوا .. إذاً نعود لمسألة الإرادة !!!
قال آخر : المشكلة أن البطالة شملت خريجي التقنية والمعاهد الفنية . عندنا اكبر معاهد تقنية منذ اكثر من 40 سنة بدات معاهد التدريب الفني و المهني وزاد بعد ذلك الكليات التقنية و الفنية ...المشكلة الحقيقة يا اخواني في لسعودة نفسها ...الشركات الكبيرة مثل ارامكو الخطوط السعودية الحديدة الميناء المطارات لديها سعودة تتلخص هذه السعودة بطرد السعوديين العاملين وتصفيتهم من اعمالهم واحضار سعودي واحد يتلخص في مقاول او ما يسموه بالكنتراكت ..واحد فقط وهذه لديه مؤسسة تضم خمسة الاف عامل اجنبي ...كلها ضحك على الذقون لأن الاخلاص والانتماء الوطني مفقود او قد نقول انه ضائع . لا يمكن ان ينجح وزير في في هذا المجال وهو في الاصل رجل أعمال .. هذه حقيقة ، فهو بالتأكيد يسعى وراء الربح الشخصي لتجارته ويقضي جل وقته معها هذه هي الحقيقة كما انه لا ينجح وزير اكاديمي من ينجح في هذه الامور شخص يهمه وضع المجتمع بدون محسوبيات .
قلت : .. السلسلة المترابطة تبدو لا تنتهي .. فحتى لو تم معالجة أسباب رفع الأسعار والبطلة فبيئة الفساد والواسطة والمحسوبية ثقافة راسخة ولولاها لما نشأ اللوبي الاقتصادي المهيمن على السوق السعودية وسوق العمل .. وهكذا نعود مرة أخرى لذات الحلقات المترابطة والصراع مع الإرادة .. اعتقد كل الحلول لكل مشاكل البطالة وغلاء المعيشة موجودة ولكن تطبيقها يحتاج لإرادة قوية بقدر ما لا يحتاج لدراسات ولجان .
ومن المؤكد أن المسؤول التاجر يهمه مصلحته ومصلحة زملائه رجال الأعمال أكثر مما يهمة مصلحة المواطن ..
قال ثالث : لا حل الا بمواجهة الواقع كما هو ولنفعل كما فعلت اليابان ...اقفلت الحدود تماما مع كل الدول لمدة 20 عاما وقالت للشعب هذه الأرض وانتم الشعب ففعلوا المستحيل وعندما لا يجد الشعب من يخدمه سيخدم نفسه ولن تجد عاطلا واحدا وستتقلص الحاجة الى الجامعات بشكل الي ويتزايد الطلب على المعاهد التقنية والفنية وسينعم الجميع بالخير ..
قلت : الإرادة والعزيمة وتنفيذها بقرار صارم لا تمييع فيه لمواجهة واقع الفساد ومصالح أصحاب النفوذ ولتفعيل الحلول الموجودة أصلا والواضحة . بدون ذلك فالكلام مهما كان مضيعة للوقت !
التعليقات (0)