بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 00الأخوة الأحباب علينا أن نعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى هو عالم الغيب يعلم كل شىء وهو سبحانه بيده تقدير الأموركلها0 لما اطلعت على تفاسير القرآن الكريم والتي تدور حول قصة سيدنا موسى عليه السلام والعبد الصالح 0وجدت قوة الغيب التي يحتفظ بها الله لذاته ولا يطلع أحد على غيبه الا لمن أراد الله له ذالك والذي يتمعن ماجرى فى هذه القصة يزداد إيمانه بالغيب ويزداد توكله على الله والتسليم لقضاء الله وقدره0 ولو نظرنا عندما تقابل سيدنا موسى عليه السلام والعبد الصالح الذى أكد البعض على انه( سيدنا الخضر عليه السلام) فنرى امتثال سيدنا موسى عليه السلام فى بداية الأمر للعبد الصالح حتى يتعلم منه بعض مما علمه الله ،وما كان ينبغي على سيدنا موسى هو أن يتعلم فقط دون أن يسال وهذا ما اتفقا عليه هو والعبد الصالح0 ورغم ذالك أيضا أن سيدنا موسى يعلم جيداً أن هذا العبد الصالح لديه من العلم مما لايوجد لديه0 ولكن الأفعال التي رآها سيدنا موسى عليه السلام كانت أقوى من صمته لأن من يشاهد هذه الأفعال ينكرها ويرفضها ويعمل على الحد من وقوعها ،ولكن هذه الأفعال التي جرت كان لها نظرة أخرى بالنسبة للعبد الصالح لأن الله سبحانه وتعالى أطلعه على بعض من الغيب حول هذه الأفعال وأنّ موسى أدرك أنّ الرحلة شاقّة والمشهد مثير ويحتاج الى أناة وتحمّل (فانطلقاحتّى إذا ركبا في السفينة خرقها) فأثار هذا العمل موسى وحرّك انفعالاته لأنه رآهاعملا عابثا و ليس عقلانيا( قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا امرا)
ويذكّره العبد الصالح بما قال له (ألم أقل انّك لن تستطيع معي صبرا) أي أنّك ياموسى نظرت الى الفعل كفعل ولم تنظر الى ما وراءه من الغيب وأنّ ما تفيده كلمة(معي) بمعنى الشخص الذي يتحرك بإرادة ربّانية لا بمعنى التي تتحرّك بمفردات بشرية.
والتفت موسى الى هذا المعنى( قال لاتؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا) .
وتقبل العبد الصالح نسيان موسى عليه السلام ولذلك كان يعبر له دائما( انّك لن تستطيع) بما توحي بوجود فرصةلمواصلة المشوار معك( حتّى إذا لقيا غلاما فقتله) وأصبح موسى أمام دم مسفوح من نفس بريئة لم ترتكب جناية فتحرّك في وجدانه الدفاع عن الطفولة المذبوحة مهما يكن قصدالقاتل ونواياه ( قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا) ويردّه العبد الصالح ردّ الواثق المطمئن(ألم أقل لك انّك لن تستطيع معي صبرا).
ويرجع موسى الى هدف الرحلة وأنّه مأمور أن يتلقّى الدروس فيها وأنّها رحلة غيب ( قال إن سألتك عن شيءبعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا).
ويتقبل العبد الصالح تراجع موسى عليه السلام وهويدرك أنّ موسى لم يحط بمثل هذه الغيبيات خبرا ، وأنّه موكول إليه تعليمه وتدريبه عليها ليتهيأ كنبي لبني إسرائيل وأمامه طريق طويل مزروع بالحجارة والأشواك ، وأنّه أمام امّة يحتاج للتعامل معها بصبر مضاعف 0
ويدخل موسى في امتحان آخر( حتّى إذاأتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه) وينتفض موسى أمام هذا الفعل الذي لا يجد له مبرر فبدر في ذهنه أنّ أهلالقرية لم يضيفوهما وهو عمل بحدّ ذاته ليس مقبول، وإذا ما عملا عملاً أن يأخذا عليه أجرالتسديد أمورهما لا زالا في قرية بخيلة رغم قيامهم ببناء هذا الجدار0 فقال موسى للعبد الصالح ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا).
وبهذا المنطق أبطل موسى الصحبةويسدل الستار على هذا المشهد الغيبي بعد أن يطلعنا الخضر على الأسرار وخلفيات الأمور( هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل مالم تسطع عليه صبرا) وتوحي كلمة(تسطع) على الاختزال والسرعة والطيّ. ( أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهما ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا، وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمةمن ربّك).
وكلّ الذي حدث ياموسى لم يكن من وحي ثقافتي الدينية أو أنّه اجتهادأزهق به روحا أو أخرق سفينة أو أقيم جدارا من دون تكليف من أحد ( وما فعلته من أمري) بل كلّ ما فعلته هو بأمر الله وعليك ياموسى أن لاتعجل ولا تتعجّل( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) نعم هذا هو علم الغيب الذى قال فيه سبحانه)عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا( وقال تعالى : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ الأنعام59 ]
ونحن لانعلم نتائج الأقدار التي قدرها المولى لنا أو الأمور التي كتبها علينا فيقول سبحانه (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ) فما علينا إلا التوكل على الله حق توكله وتسليم الأمور كلها له سبحانه ،والإيمان الكامل بالغيب، وأن الله على كل شىء قدير0 أسال الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا وان يزدنا علما وإيمانا إنه نعم المولى ونعم النصير
التعليقات (0)