اشارت بعض التقارير المنسوبة الى بعض المسؤولين الامنيين في العراق ، بعد الاعترافات التي ادلى بها المدعو مناف الراوي الذي شغل منصب والي بغداد في ماتسمى " دولة العراق الاسلامية " التابع لتنظيم القاعدة ، الى ان التنظيم المذكور يمر بمرحلة حرجة بعد نضوب المصادر المالية له ، والتي تعتبر العمود الفقري لاستمرارية بقاءه ، ولهذا قد يلجئ التنظيم الارهابي الى عمليات سطو على مصارف وبنوك لتامين احتياجاته وتوفير المادة الاولية لاستمراره في العمل .
ولكنني ارى، ومن خلال وجهة نظري الشخصية ، بان بعض من اعترافات والي بغداد بخصوص الازمة المالية للتنظيم ربما تكون مفبركة وغير حقيقية وبعيدة عن الواقع الفعلي للتنظيم ، وتخفي وراءها غايات اخرى تتمثل في تهيئة الاجواء لجهات فاسدة للقيام بعمليات سطو كبيرة على المصارف والقاء اللوم على تنظيم القاعدة للاسباب التي اسلفنا ذكرها والمتعلقة بما يمر به التنظيم من ازمة مالية .
من خلال دراسة الستراتيجية المالية لتنظيم القاعدة ، ومنذ نشأته ولحد هذه اللحظات ، نجد انه يتبع اسلوب دقيق ومحصن امنيا فيما يتعلق بآليات واساليب توفير الدعم المالي لخلاياه ، وهو مايمكن ان نسميه بستراتيجية 70 الى 30 وهي تعني ان يقوم الممولين الرئيسيين للتنظيم بتوفير مانسبته 70% من الاحتياجات المالية لخلايا التنظيم من خارج البلد التي تتواجد فيه هذه الخلايا ، واما النسبة المتبقية فتأتي من الداخل ، أي ان التنظيم لا يعتمد في تحصيل النسبة الكبرى من موارده المالية من داخل البلد الذي ينشط فيه خوفا من كشف مصادرها من قبل اجهزة الامن .
هذا الاسلوب الذي يتبعه تنظيم القاعدة يكون في الدول التي تمتلك وضعا امنيا لاباس به , اما في العراق فعناصر التنظيم لاتلاقي أي صعوبة في توفير مواردها المالية من خلال توفر الكثير من الخيارات اهمها انشاء شركات او مكاتب تجارية وهمية كمكاتب الصيرفة , والشركات الخاصة .. الخ وهي عبارة عن واجهات لديها انشطة خفية غير انشطتها التي تبدو انها تنشط فيها ، وتكون شبيه بالشركات والمؤسسات التي تنشئها اجهزة المخابرات وتكون هذه الشركات برأس مال موجود خارج العراق اصلاً من خلال حسابات مصرفية في بنوك دول اخرى ويتم تغذية هذه الحسابات من خلال الممولين الرئيسيين والداعمين للتنظيم .
وعلى الرغم من التطور الامني الذي شهدته اجهزتنا الامنية وخصوصا المختصة في مجال مكافحة الارهاب نتيجة لصراعها الطويل مع التنظيمات الارهابية داخل العراق ، فانها مازالت غير مدركة لاهمية السيطرة على عمليات نقل الاموال من والى العراق ، أي المقصود هنا التمويل الخارجي للجماعات الارهابية , حيث باستطاعة أي شخص من خارج العراق القيام بعملية نقل مبالغ مالية كبيرة الى شخص اخر داخل العراق عن طريق مكاتب الصيرفة والتحويل المالي ويتم استلام الاموال بدون أي اجراءات امنيه تذكر غير اظهار البطاقة الشخصية للمستلم وينتهي الموضوع من غير ان توجد هنالك رقابة تسأل عن هذه الاموال من اين جاءت واين ستذهب ومدى شرعيتها !
ربما قد يعترض علينا بعض الاخوة العراقيين في الخارج والذين يقومون بتحويل اموال الى ذويهم بنفس الطريقة التي ننتقدها ، ولكننا نوضح لهم بان المقصود هنا هي المبالغ المالية الضخمة والتي تثير الريبة والشك , وحتى الشركات العراقية التي لديها فروع في دول الجوار فان التحاسب الضريبي لها يتم على اموالها المتواجدة في البنوك العراقية والتي تكون هذه الاموال عبارة عن غطاء لشرعنة وقانونية وجودها بينما النسبه الاكبر من اموالها تكون في بنوك في الدول الاخرى .
اذا فتنظيم القاعدة لايمكن ان يمر بازمة مالية من خلال القاء القبض على بعض قادته او ضرب بعض خلاياها انما يجب القضاء بشكل نهائي على تمويله الخارجي اولا وذلك من خلال تفعيل دور المحطات الاستخبارية الخارجية في متابعة الممولين والداعمين وتنظيم اتفاقيات تعاون امني دولي .
وبالعوده الى بداية حديثنا حول عمليات سرقة المصارف التي من المرجح ان تتم فربما القارئ الكريم قد توضحت لديه مابين السطور وبانت ملامح المخطط الاجرامي .
وعلى المسؤولين عن الاجهزة الامنية والقوى التي يهمها أمن العراق واستقراره ان توجه هذه الاجهزة المسؤولة عن حماية المصارف الى ان تتخذ اقصى درجات اليقضة والحذر من هذا المخطط الخبيث الذي يستهدف سرقة اموال العراق وضياع ثرواته ونحن في وقت بناء وولادة لهذا البلد الخارج من ركام سنوات الظلم والتخريب التي عاشها في ظل سياسات النظام السابق الفاشلة .
والله من وراء القصد
التعليقات (0)