سرطان يمشي على قدميه .. متخفي بصورة رجل
يلبس مثلما نلبس ، ويأكل مثلما نأكل ، ويعيش مثلما نعيش ، وفي العيد يفرح ربما أكثر مما نفرح ، يشتري لأولاده ملابس جديدة وربما نذهب في بعض الأوقات الى سوق الملابس المستعملة ( البالة أو الربش ) لشراء ما يمكن انتقائه من الكومة الكبيرة ذات الرائحة الكريهة ، بل في حفلة العرس يبادر إلى النقوط ( مبلغ يدفعه من حضر العرس للعريس او العروس على سبيل المباركة ، اعتاد الناس ان يدفعوا خمسة دنانير أيام زمان أما هالأيام فما ينفع اقل من الورقة الزرقاء الكبيرة او الصغير يعني عشرة او عشرين ) وربما لا يبادر من هو أفضل حالا .
اعتاد ان يكون عاطلا عن العمل ، واعتاد أن يكون كسولا ، واعتاد أن يكون طفيليلا ، كسائر الطفيليات التي نعرف من نبات وحيوان وحشرات وفيروسات ، لم يبادر إلى أي عمل من أي نوع ،لم يجرب أن يعرق ، ولم يلوث يديه بما يعمل به الناس ، وعندما تسأله يقول الحمد لله رب العالمين مستورة .
كنت أتسأل عندما اسمع منه هذه الكلمات تسالا جوانيا كيف له أن يستطعم طعم الحياة ، وأي قوة تسري في عروقه حتى يجابه الناس والحياة والنفس ، وهو يتكل كل الاتكال على غيره ، بات يتقن صورا من النشاطات الاجتماعية في مؤسسات المجتمع المدني ، بل راح يزعم ويقنع غيره انه واصل .. ولا ادري إلى أين .. وكيف .. وهو على ما هو عليه .
بل راح يذهب في واسطة لتسيير أمر فلان أو علان بعدما أقنعهم بأنه يمكن أن يدير لهم شؤونهم ، ويسير لهم أمورهم ، بما اجترح من كبائر في حق نفسه ومجتمعه دونما أن يعرف.
ويعد نفسه وطنيا ، مناضلا ، حزبيا ، وفي الوقت ذاته مخبرا على حد ما زعم البعض وكما سمعت وعرفت عنه وسمع وعرف غيري ، بحيث يمكن أن يتوسط لك أذا أردت لدى الدوائر ذات الاختصاص .
أثناء خدمه العسكرية أوهم الجيش والقادة والزملاء بأنه مختل عقليا .. وانه غير متنزن ... وكان هذا بابا واسعا ولج منه إلى شتى صنوف الموبقات ، الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وووو................. استطاع بهذه الحيلة أن ينجو من الخدمة العسكرية ... واستطاع ان يحتال على معيشته ..
افهم الجميع بأنه مجنون أو يعاني من الصرع أو.. استصدر شهادة تفيد بأنه مجنون .. مريض نفسي لا ادري تلك التوصيفات التي يتقنها ، وكان يفاخر بأنه يحمل تلك الشهادة بعد أن حافظ عليها بان جلدها حراريا بالنايلون الشفاف ، واخذ يفاخر بان معه شهادة كباقي من يحملون الشهادت ، فهذا يحمل شهادة في الفيزياء او الكيمياء او التخصصات التربوية ويسترزق منه ( يأخذ راتبا لقاء عمله في الحكومة أو أي دائرة أخرى خاصة أو عامة ) وهذه شهادته يترزق منها بعد أخذها إلى دائرة التمنية الاجتماعية .. واخذ راتبا شهريا .. ذلك انه مجنون وغير قادر على العمل ..على الرغم من معرفة الجميع كذب وزيف ما ادعى .
بل راح يدعو غيره من الشباب من يشكون قلة العمل وضيق الحال إلى سلوك الطريق الذي سلكه ، وكانت الوصفة سهلة .. عدد من حبوب مخدرة تباع في الأسواق بكل سهولة ويسر( أظن أنها صليبا ) ، يستمر عليها لمدة معينة من الزمن .. ثم ينصح بمراجعة العيادة النفسية القريبة ويسجل فيها كعضو يتردد دائما .. ويشكو من حالة معينة يفهمها إياه ...فيأخذ وصفة طبية .. ويستمر بالمراجعة واخذ الوصفات ... إثناء هذه الحالة ربما يصبح مريضا نفسيا بالفعل .. ثم يطلب تقريرا طبيا يفيد ان يعاني من حالة نفسية تعيقه عن العمل .
الآن أصبح قاب قوسين او أدنى من الحصول على راتب من التنمية الاجتماعية ...
تلك حالة اعرفها .. واعرف كيف تسلل إلى نفوس شباب كثر أوهمهم .. بدعة العيش .. والراحة .. والحصول على الراتب الشهري .. دون الحاجة إلى بذل أي جهد .. أو الاستيقاظ مبكرا للذهاب إلى العمل ..
ترى أين نفسية دنيئة .. مريضة ... بغيضة يحملها هكذا شخص .. وأي فكر يسود المجتمع الذي يعيش فيه .. وأي مبادئ ودين تلك التي نتحدث عنها .. إننا نعاني من انفصام للشخصية ...ولعل ما افرز هذا تراكمات من الاحباطات والفشل المتكرر .. وغياب الأسرة الحامية الواعية الراعية . . بما تحمل من توجيه وتربية .. مستمدة من اصول راسخة ثابتة .
إلا يعد هكذا شخص سرطانا خطرا يصعب الشفاء منه .. وبالتالي إقصائه واستئصاله يعد واجبا وطنيا ودينيا .. ويعد إحباطه وكبحه ولجمه ومحاكمته واجبا قانونيا على المؤسسات ذات العلاقة .
ألا يعد هذا نصبا وتزويرا .. وسرقة من المال العام ..
ألا يعد هذا بمقياس الدين حراما لأنه اخذ ما اخذ بغير وجه حق .. ومالا يجوز أخذه ..
ثم أين وزارة التمنية الاجتماعية التي تعتمد تقريرا أي تقرير دونما الحاجة إلى التأكد من صدقيته ومصداقيه محتواه ، ثم كيف لطبيب أن يمنح تقريرا طبيا لمن لا يستحق ، وهو بهذا يخالف قانونا ربانيا ، ودينا يشرع ، وقانونا مدنيا موضوعا .. اقسم على أن يحافظ عليها ويراعي كل ما فيها .
هذا فساد من ضمن الفساد المستشري ، والذي بات لا يخفى على كل مراقب ومتفحص وممحص للواقع الذي نعيش ، تلك محسوبية وشللية تصب في خانة الفساد وتزيد من مساحته ..
ثمة من يحتاج ولا يطلب ، وهناك من يملك ما يفيض عن حاجته ويطمع بالمزيد .
التعليقات (0)