كنا نمني النفس بربيع مزهر لليبيا الديمقراطية والحرية والرفاهية بقيام ثورة 17 فبريرولكن وبعد سنة ونصف من المخاض اتضح لنا أن ما كنا نراه في الصحراء التي نعيش فيها كان سرابا لا زلنا نلهت في الوصول إليه ولكن كلما أقتربنا منه تباعد عنا وأصبحنا نخاف أن نموت عطشا بمعرفة الحقيقة المؤلمة التي نعيشها اليوم .
كتبنا كثيرا وصرخنا عاليا وقلنا إن ثورة 17 فبراير الليبية ليست مثل ثورتي مصر وتونس ففي مصر وتونس حصلت إنتقاضة شعبية إنتهت بتنازل الرئيس مبارك إلى زمرته العسكرية لتسيير أمور البلاد بأسلوبه وليس بأوامره . وفي تونس هرب الرئيس بن علي وترك السلطة في أيدي رئيس وزراءه ووزرائه والساسة المعروفين لتسيير البلاد بدلا عنه . أما في ليبيا فقد رفض الطاغية القذافي التجاوب مع الثوار ولاحقهم مدينة مدينة وشارع شارع وزنقة زنقة حتى قتل وحيدا شريدا ، لكنه قتل وجرح الالاف ودمر البلاد وفكك السلطة ولم يعد فيها جيش يحمي البلاد ولا شرطي يصون الامن ولا حكومة أو وزير يسير أمور الدولة ولا مدير ولا موظف يدير شئون الناس ، قائلا علي وعلى أعدائي يا رب فترك البلاد مدمرة وفوضى عارمة وشعبا ممزقا لا تربطه رابطة وفلولا من المرتزقة والافاقين والطابور الخامس . لقد كانت ثورة 17 فبراير الليبية ثورة حقيقية يجب أن يتعامل ثوارها مع رجال العهد القذافي بأسلوب مختلف وليس بالقانون الذي كان قائما الذي إنتهى مع النظام السابق كما أنتهت كل مقوماته السابقة . من الخطوات الأولى التي كان على الثوار والمجلس الانتقالي الأهتمام وإعادة النظام ألى البلاد وتطهيرها من كل بقايا العهد السابق وتقديمهم إلى محكمة الثورة بقانون اثوري وليس بالقانون الساري الذي إنتهى مع النظام . لا يمكن محاكمة مسئولين سابقين مجرمين بقانون كان ساريا أو من صنع أيديهم . وقد رأينا سقوط التهم بمضي المدة في محتكمات مبارك وأزلامه في مصر , قد يفهم هذا المنطق رجل القانون ولكن هذا لا يفهمه الثائر الذي يريد محاسبة المسئولين السابقين عن فترة 30 عاما في مصر وأربعين عاما في ليبيا ، ومحاكمتهم وفقا لرؤى الثورة وليس بالقوانين المعمول بها في عهدي القذافي ومبارك والتي مكنتهم من التصرف بالقتل ونهب أموال الشعب ، واصبحوا من أصحاب البلايين والملايين التي أصبحت من حقهم بمضي المدة كما يقول قضاء مصر .
فموضوع إعادة النظام في ليبيا كان يقتضي تعاون الثوار مع الحكومة لأنشاء جيش ليبي قوي وقوات أمن فعالة قبل التفكير في أي شئ أخرمع العناية بالجرحى وعائلات الشهداء وبناء ما تهدم من مرافق حيوية ، لم نطالب الثوار بتسليم الأسلحة ولكن طالبناهم بأنشاء تنظيم واحد يجمعهم وسلطة تنظم سلوكهم وتعاونهم مع الجيش الفتي وقوات الأمن الجديدة حتى يتم إنضمامهم بصفة نهائية لاحدى المنظومتين ، أو عودة الثوار إلى مناطقهم وأعمالهم ، ومن ليس له عملا ينتظر مع غيره حتى تدبر له الحكومة العمل الذي يلائمه . أن بقاء الثوار منقسمين إلى مليشيات تمثل المدن وبعض الجماعات خطر عل أمن البلاد ومبعثا لمزيد من الفوضى . كان المجلس الأنتقالي والحكومتين المؤقتتين التركيز على هذه الأمور قبل أي شئ أخر، فالزيارات والأتفاقيات وأسنجلاب العمال والأعترافات والمؤتمرات والسياسة الخارجية أمور يتم البت فيها بعد عودة الأمن والنظام للبلاد . أما الخطوة الثانية بشأن الجيش والشرطة ف قلنا يجب جمع ما تبقى من رجال الجيش وقوات الأمن السابقين من الافراد وصغار الضباط وتجنيد من يريد من الثوار الشباب ومن له الأستعداد العسكري أو لخدمة الأمن من الشباب المتعطل . والطلب من دوا الناتو إرسال فرقا من المدربين الأكفاء وخبراء التسليح وتزويد الجيش الليبي الفتي بالسلاح المتقدم والخبراء العسكريين والأمنيين . وعدم الألتفات إلى الدول العربية ودول الجوار في مثل هذه الأمور فمن المضحك المبكي أن نطلب من جيش حكم دكتاتوري كالجزائرأو جيوشا من السودان أو مصر وهما في مرحلة مخاض مساعدتنا في هذه المجالات . فالعلاقات العربية ودول الجوار يمكن النظر فيها بعد الأنتهاء من إستكما ل أمور الأمن والنظام وإنشاء الجيش الليبي وقوات الأمن . أنا على يقين إن دول الناتو كانت سترسل مدربيها في بحر أسابيع وينتهوا من مهامهم خلال شهور . في تفس الوقت إستجلاب مباني صناعية وتأجير سفنا بمستشقيلت ومدارس عائمة مزودة بكل ما تحتاجه المستشفبات والمدارس الحديثة لتكملة ما وجد في البلاد من مستشقيات ومدارس وإستقدام الأطباء والممرضات والتعاقد مع الخبراء منهم للعمليات الصعبة وإتمام كل العلادج اللازم للثوار والمواطنين داخل ليبيا وليس في الخارج وتبذير الأموال بغير حساب . إذا توفر الجيش القوي وقوات الأمن المدربة على أيدي دوا الناتو وتوفر الأمن وأستقرت الأوضاع في البلاد وتوفرت المشتسفيات والمدارس والجامعات العائمة المكملة لما هو موجود منها محليا يبدأ المجلس الأنتقالي الأعداد لأنتخابات المؤتمر الوطني العام وأصدار قوانين الأحزاب والمؤسسات الأهلية . وبعد إنتخاب المؤتمر الوطني العام يقوم المجلس الجديد بتاليف حكومة ممثلة لكل أقاليم ليبيا وتأليف الجمعية التأسيسة لاعداد الدستور ، ثم أجراء إنتخابات البرلمان والرئيس . وبأنتخاب البرلمان تبدأ الحكومة المنبثقة عنه برسم السياسات الأقتصادية والأجتماعية والتعليمية والأتفاقيات والسياسة الخارجية ، وعند ئد يجب أن نبدأ التفكير في أستقبال الزوار الأجانب وإرسال الوفود لزيارة الدول الشقيقة والصديقة ، والبدء في مشاريع التنمية بجمع ما لدى ليبيا من خبراء في هذه المجالات والأستعانة بالخبراء من الدول المتقدمة علميا وتكنالوجيا . ويمكن إتخاذ أخر خطة تنموية التي وضعتها أخر حكومة في العهد الملكي كأساس لتنمية ليبيا مستقبلا . وبعد ذلك يمكن البدء في عقد الأتفاقيات والمشاركة في النشاط العربي والافريقي والدول .. هذه الخطوات لا نقترحها اليوم بعد إنتهاء أجلها بل قلناها قبل وبعد تحرير ليبيا وأقترحنا تنفيذها خطوة خطوة أسبوعا بأسبوع وشهرا بشهر ولكن السلطات المؤقتة المجلس والأنتقالي والحكومة المؤقتة وغيرهما من السلطات اتخذت خطوات غير مدروسة وإرتجالية ولم تفرق بين أوليات الحاجات والخطوات وصرح المسئولون فيها ووقعوا من الأتفاقيات ما إستطاعوا دون تحقيق إنجازا واحدا يسجل لهم . وهكذا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من عدم القدرة على العمل بل حتى التفكير فيما يصلح لنا وهل نستطيع أن ننتخب المؤتمر الوطني بسلام ؟ هذا أمر مشكوك قيه والاسباب كثيرة . ووصل بنا الحال حتى طمع أزلام عهد القذافي رسمبا بمفاوضة الاخوان المسلمين الذين وافضوا نظام القذافي سابقا وبمباركة رئيس المجلس الأنتقالي الذي عرف عنه بالسير مع أي تيار والتجاوب لأي رأي في العودة لتولي أمور البلاد والتعويض او المشاركة في بناء ليبيا الثورة , وتخليد مقبورهم ودفنه بقبر يليق بعظماء التاريخ وإقامة الثماتيل له في ميادين ليبيا وقراها . شباب الثورة مطالب اليوم بفرض إرادة الثوار والسير في طريق مدروس واضح بعيدا عن الأهواء الأقليمية والمصلحية ومنع عودة ازلام القذافي وأنصارة إلى إسترقاق الشعب من جديد وإستغلال ثروة البلاد والهروب بها بالتقادم حسب المنطق الجديد .
التعليقات (0)