من ذاكرة ايام البؤس والشقاء والموت
سدة ترابية
في ليلة صيفية من ليالي شهر اب حيث درجة الحرارة العالية وارطوبة المرتفعة ومع وجود هذا الجو الملائم لانتشار الحرمس (البق ) في جنوب العراق حيث يصبح النوم حلما بعيد المنال
ولا تكاد جفون البعض تعرف النوم سوى دقائق بسبب لسعات الحرمس المؤلمة والحكة التي تسببها مما يدفع البعض لاستخدام اقراض الجلة @ واشعالها لان دخانها الشديد يجعل الحرمس يهرب بعيدا
ويتحمل هو الدخان وما يسببة من ضيق للتنفس من اجل النوم لساعة او اكثر
صدرت الاوامر للفوج الالي بالاستعداد لتحرك عند الضياء الاول ولم تحدد وجهتهم
الامر الصادر ان تستعد الوحدة للتحرك فورا وان تبدء التحرك مع الضياء الاول
اخذ الجنود يضربون اخماسا في اسادسا وكل يحاول ان يخمن الهدف من هذة الحركة وسببها وخصوصا انهم لم يمضي على وجودهم في اطراف ناحية الكحلاء التابعة لمحافظة ميسان سوىة اقل من شهرين
لقد كان اسلوب الامر بالتهيؤ للحركة غريبا وغير طبيعي فاوامر نقل الوحدات تصدر عادة قبل مدة كافية لكي تتهياء الوحدة بشكل جيد
اما هذا الامر فقد كان مستعجلا مما يعني ان هناك شئ غير اعتيادي
عند الضياء الاولب كان الجنود قد رزموا معداتهم ووضعوها على او داخل المدرعات المسرفة تحركت بهم تشق سكون الفجر بهدير محركاتها عند الوصول الى الشارع العام كان امر اللواء بانتظارهم سار الرتل لمسافة نصف ساعة على الطريق الدولي باتجاة الجنوب واذا بمغرزو من الانظباط العسكري تقف بانتظارهم لتقودهم الى الهدف طلب من الجنود ان يعدوا اسلحتهم ويكونوا على اهبة الاستعداد لمواجهة وصد المخربين (حسب الامر الصادر اليهم من امر الفوج )
كان الرتل يسير بسرعة كبيرة وعند الوصول الى مرفق الطريق الذي يوصل الى قضاء المجر الكبير انعطف الى ذلك الطريق حيث معمل السكر هناك
دخل المجر دون ان يتوقف كان هناك انتشار كبير لمغارز الانظباط العسكري والياتهم لم يتوقف الرتل الا بعدما اجتاز المجر ودخل الى ناحيثة العدل
اخذت تسمع اصوات رمي بعيدة ومتقطعة على اطراف ناحية العدل وفي منطقة مكشوفة كان يتمركز احد الوية المشاة تقدم الفوج الالي ليصبح امام لواء المشاة
طلب من الجنود ان يفرغوا العجلات من الاثاث ويستعدوا لتقدم
بسرعة كبيرة تم انزال الاثاث والخيم ومنامات الجنود
تحركت المدرعات بجنودها تتوغل في عمق منطقة لا تعرفها وكانت تسمع اصوات لاطلاق نار كلما توغلت يقترب الرمي
حتى وصلوا الى مبتغاهم اذ يروا اليات محترقة ومدمرة هى عبارة عن بلدوزرات وشفلات وسيارات قلاب تعود لاحدى الشركات العاملة على بناء سدود ترابية في منطقة الاهوار لتجفيفها
تعرضت عصر اليوم السابق لهجوم من مسلحين عملوا على تدمير الاليات لوقف العمل فما كان من الحكومة الا الاستعانة بالجيش لتحولة من اداة لحماية البلاد الى اداة لحماية مشاريعها وضرب ابناء البلد
تم توزيع المدرعات وانتشارها على طول مسافة العمل لتامين الحماية للعاملين في المشروع
كان على الجنود الخروج مع شروق الشمس والعودة الى اماكنهم مع غروبها
متعرضين للجوع والعطش والتعب بلا هدف او معنى سوى ان القيادة و ( القائد الرمز )
يريد ذلك
اشهر انقضت وهم على حالهم هذا والويل والثبور لمن يغيب او يهرب من الجيش
السجن وقطع الاذن هو مصيرة
العمل مستمر في بناء السدة الترابية
كان الجنود لا يروا الا حركة العجلات وهى تتقدم محملة
اشهر الصيف الاهب قضاها الجنود البؤساء على هذا المنوال
دون ان يكون لهم القدرة على الرفض او الامتناع عن الذهاب الى المجهول
ضباط الوحدة طعامهم ياتي من الشركة العاملة التي يحمون الالياتها
اما الجنود البؤساء فان طعامهم يعد في وحدتهم عبارة عن الرز الذي يطلق علية جزافا اسم الرز
والصمون الذي تفوح منة رائحة العفونة او الحموضة
اما المرق فهو ايضا يسمى (مركة هوا ) حيث انة عبارة عن ماء مغلي مع قليل من المعجون والبصل او الجزر
هذا هو حال من قضوا اجمل سنين حياتهم في خدمة العلم
تحت شعارات زائفة واقوال كاذبة
ولكن اكان حالنا في الامس التعيس افضل من حالنا الان في العهد الجديد او العكس
علي الطائي
التعليقات (0)