سخافات برنامج نقطة حوار
برنامج نقطة حوار الذي تقدمه إذاعة البي بي سي العربية من العاصمة البريطانية لندن ... ومن خلال ما يردده مقدميه الثلاثة الذين يتناوبون على تقديمه وإدارة جوانب الحوار فيه .... هذا البرنامج يبدو أنه إما "كلمة حق أريد بها باطل" أو أن كعب أخيل فيه هو "جهل مقدميه ومديري الحوار فيه بحقائق الأشياء وتفاصيل الواقع السياسي والعشائري والطائفي الذي يراوح نفسه في خضم الإنتفاضات الشعبية التي يشهدها العالم العربي هذه الأيام".
ومن أهم السلبيات والمآخذ التي تطفو على سطح هذا البرنامج ، وتغرق في تفاصيل حواره أن مقدميه الثلاثة وهم إما "نور الدين زورقي" أو "ليليان داوود" أو "سمير فرح" يمكن وصفهم بأنهم أذُنٌ سمّاعون للكَلُم ليس إلا ..... ويبدو أن قبوعهم داخل غرف مغلقة شبه مظلمة من حولهم في بدروم مبنى هيئة الإذاعة البريطانية هو الذي جعلهم غير ملمين بواقع الصراعات البينية التي تتدافع وتموج فيما بينها داخل كل مجتمع عربي على حدة من تلك التي تشهد أراضيها هذه الإنتفاضات.
في بدروم هيئة الإذاعة البريطانية .. ثقافة الغرف المغلقة وغياب المعلومة العامة
والشاهد أن الذي يجب أن يضعه مقدمو برنامج نقطة حوار في الأذهان أن هناك فرق كبير بين مسمى "شعب" ومسمى "معارضة" ..... وأن هناك فرق كبير بين معنى "شعب" وبين معنى "طائفة" .... وينسحب الأمر على ضرورة التفرقة بين مسمى "معارضة شعبية" وبين "إحتجاجات طائفية" و "وإنتماءات قبلية" و "إنصرافات عشائرية".
والمستمع والمتابع للحوار وكيفية إدارته يستوقفه ذلك الموقف المضحك المثير للشفقة حين تسمع المحاورين من مملكة البحرين مثلا على مختلف إنتماءاتهم الطائفية وولاءاتهم السياسية ، وهم يحاولون جهد أيمانهم الشرح وإفهام مقدم البرناج "نور الدين زورقي" أن الشعب البحريني منقسم على نفسه بين سنة مؤيدة للحكم وجزء من الشيعة موالية له . وبين معارضة شيعية معادية للحكم، ومعارضة سياسية سنية أخرى له . وهناك من يقول له أن الطائفة السنية وموالين شيعة موافقون على دخول قوات دول مجلس التعاون الخليجي .وأن دخولها لا يمثل غزوا لأنها جاءت بطلب مباشر من القيادة السياسية الشرعية ... فيصمت نور الدين زورقي كالأطرش في الزفة . ثم يعود فيتلخبط ويلخبط ويتخربط ويخربط ليردد أن الشعب البحريني على خلاف مع العائلة الحاكمة فيه .... وأن الشعب البحريني معتصم في دوار اللؤلؤة ... وأن الشعب البحريني يرفض تدخل القوات "الأجنبية" لدول مجلس التعاون .... وهكذا دواليك يردد كلمة الشعب بملء فيه كأنه لم يفهم ما قيل له قبل قليل .... وهو ما يجعلنا نستقي من جهله أن هناك أطرش يدير حوارا للطرشان.
نور الدين زورقي داخل مكتبه في بدروم هيئة الإذاعة البريطانية
ومن أطرف ما ردده "نور الدين زورقي" المغربي الجنسية ؛ قبيل إنهاء القسم الثاني من برنامجه نقطة حوار لتقديم نشرة الأنباء ما أثبت جهله حتى بأسماء دول منظومة مجلس التعاون حين قال .. "وشهدت البحرين تدخل قوات سعودية وإماراتية و غير إماراتية".
وعلى هذا النسق يمضي مقدمو هذا البرنامج الذي كان يمكن أن يكون أفضل حالا بكثير مما هو عليه الحال الآن إذا إتسم مقدموه بأقل القليل من العلم والمعرفة بطبيعة تركيبة المجتمعات العربية المتفاوتة . ولا سيما لو كان قد تم تطعيم ضيوف هذا البرنامج بمشاركات وآراء متخصصين مثل رؤساء تحرير الصحف وبعض رموز المعارضة والموالاة والطوائف والقبائل والعشائر والسلطة الحاكمة من جهة أخرى ؛ حيث بإمكان هؤلاء الخاصة نقل أفكار ورؤى سائدة عامة وليس مجرد عرض إجتهادات شخصية لأفراد من عامة الشعب لا تمثل الإطار المنهجي للرأي العام بمختلف تجاذباته الطائفية والقبلية التي تفرضها خصوصية المجتمعات العربية ؛ على العكس مما هو عليه الحال في مجتمع بريطانيا أو الولايات المتحدة مثلا.
قبل فترة أدارت المذيعة "ليليان داوود" حوارا في هذا البرنامج متعلق بالمملكة العربية السعودية .. وحيث يبدو أن إختيار هذه المذيعة غير المسلمة بالذات لإدارة حلقة عن الوضع السياسي المرتبط بمنهج الشريعة الإسلامية في السعودية قد كان خطأ في حد ذاته .... ذلك كونها ومن خلال إدارتها للحوار بدت وكأنها لا تعرف الفرق بين فقه ومتطلبات مكونات مجلس الشورى الإسلامية ، وبين متطلبات إنتخاب مجلس العموم البريطاني والكنيست الإسرائيلي ... وبين حرية المرأة المسلمة في إختيار مكياجها ولون وتسريحة شعرها ؛ وبين معنى ومشروعية وإلزامية وكيفية تأديتها لفرض الغسل من الجنابة ...
التعليقات (0)