اذا كانت غالبية البلدان العربية تعيش تسوماني البحث عن الحرية فان قطار ربيع الديمقراطية متوقف في لبنان رغم نزول دعوات الغاء الطائفية في شوارع بيروت التي ترى فيها القوى المحتمية بالسلاح و الطائفة تهديدا حقيقا لوجودها و فرض شروطها اكثر من تهديد بناء الدولة و المؤسسات الدستورية و السياسية.
مأساة سجناء سجن رومية و اهاليهم و انتفاضتهم ضد الاوضاع غير الانسانية داخل السجن و ضد العدالة المتأثرة بموازين قوة القوى السياسية الداخلية تفتح نافدة على الوضع المشلول الذي يعانيه لبنان من احتكام للسلاح من طرف فريق واحد يعمل حثيثا على تغيير وجه بيروت التعايش و العروبة و الحضارة لصالح بيروت الكربلائيات و مشاهد الدماء المقززة و الثقافة الفارسية و الخضوع لإرادة ولي الفقيه، لهذا فسجن رومية و انتفاضته يبقى مجرد محاولة يائسة للبحث عن الكرامة و الحرية مادام سجن كبير اسمه سجن لبنان لم يستطع ازاحة الوجه المليشيوي القابض على القرار السياسي و وقف عملية اختطافه نحو المجهول.
عندما تم خرق ميثاق الديمقراطية التوافقية و تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة ذات لون سياسي واحد كنا ننتظر ولادتها خلال ساعات فاتضح جليا من خلال كواليس و مباحثات التشكيل ان سنوات عديدة سوف ينتظرها اللبنانيون حتى تخرج حكومة ميقاتي الى الوجود لان حزب الله الطرف القوي داخل فريق السلاح منشغل بالتطورات التي تعرفها الساحة العربية و بالتحركات الشيعية في اكثر من منطقة خليجية و يرى في مشروع الشرق الاوسط الفارسي معركة مصيرية الهية بعد ان قال امينه العام ان نجاح الثورة المصرية سيغير وجه المنطقة الى الابد، فكان أولى هذا التحول الجذري صعود تيار التشيع السياسي الى مراكز القرار المصري مع ابرزه وجوهه وزير الخارجية نبيل العربي.
امام هذا الابتلاع الفارسي الذي يزحف تدريجيا على المنطقة العربية سنكون مع جملة من الخرجات الجديدة لحسن نصر الله مجترا كالعادة خطاباته المتكررة و المملة عن الفتنة المذهبية و محاولات قوى الاستكبار العالمي خلق الصراع بين السنة و الشيعة و بين ايران و العرب و حتى تكتمل هذه الدربكة الاعلامية المنتظرة كالعادة ستأثث عمائم سنية المشهد حتى يبدو التعايش و التخندق المزعوم للصف الاسلامي بشقيه في صورة اخراجية زائفة.
ان لبنان الاستقلال الثاني يحتاج الى انتفاضة حقيقة من كل طوائفه التي يجمعها الانتماء الى الوطن فقط لا غير و هو الانتماء الذي يستطيع ليس استعادة الارض بل و بناء الدولة المدنية و مأسستها و العودة الى الحضن العربي الجامع للحمة الوطنية و التعالي على جراح و ندوب الحرب الاهلية و اقبار الاتفاقات التي تشرعن للفرز الطائفي و الانكفاء داخل الهوية المذهبية .
كما استطاع الشعب السوري و لايزال في ثورته يصنع مستقبله و ينفض غبار القمع و الاهانة و الحكم الشمولي الأوتوقراطي يستطيع الشعب اللبناني خلق المفاجأة رغم ارهاب السلاح ان يصنع ثورة الحرية و التعايش و الكرامة.
التعليقات (0)