سبتمبر.. انتصارات لإرادة الجماهير اليمنية!
26 سبتمبر (50-352) 8/9/1983م
من المعروف أن الثورة هي عملية تغير المجتمع تغيراً جذرياً لجوانب الحياة المختلفة اقتصاداً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً..
من هذا المفهوم كانت ثورة سبتمبر انطلاقة عظيمة لشعبنا اليمني وتأكيداً على إرادته القوية القادرة على قهر التحديات والصعاب.
فلم تكن ثورة سبتمبر مجرد تغير سياسي في هيكل المجتمع وإنما تحملت بالإضافة إلى ذلك عبء صياغة شكل المجتمع اليمني الجديد على أسس متينة وقواعد ثابتة..
فلقد مثلت بدء تاريخ جديد يعيد للشعب اليمني مكانته الحضارية وعملت على الاندفاع به إلى ركب الحياة المعاصرة.. مستلهمة من ماضيه المشرق ما يساعده على بناء مسقبلة.
وهي –أي الثورة- علمت على انتشال المجتمع اليمني من مجاهل القرون الأولى ونقله إلى مشارف القرن العشرين.
فعندما نعود بالذاكرة إلى واقع المجتمع قبل قيام الثورة تتبادر إلى الذهن تلك الصورة القاتمة لعهد الإمامة المباد..
التي تمثل المظلمة من التاريخ اليمني والتي اتسمت بانعدام أبسط المقومات الحياتية التي يبني عليها أي مجتمع صياغة تطوره وتقدمه.
فالتعليم حرم منه أبناء الشعب اليمني وخيم الجهل وانتشرت الخرافات والبدع واستبقى الإمام حالة الجهل محاولاً التستر بالدين بإضفاء الصبغة الدينية على حكمه ليمارس الاضطهاد دون محاسبة والتنكيل بكل من يقاوم ديكتاتوريته وفي نفس الوقت اقتصرت الرعاية الصحية على أفراد أسرته مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة التي افترست العديد من أبناء الشعب. وقتلت الكثير منهم إضافة إلى انعدام الوسائل الأخرى مثل المواصلات والطرق ووسائل الحياة الأخرى أما الهيكل الإداري للدولة فلا وجود له حتى وإن وجدت المسميات مثل وزارة أو إدارة إنما هي مناصب تشريفية لأسرة الإمام وأعوانه ممارسة فعلية لأي عمل..
وارتبط كل شيء بالإمام في كل صغيرة وكبيرة فمثلاً امتلاك الإمام لطائرة واحدة قديمة تعمل على نقله وأعوانه أما بقية أفراد الشعب فالحمير والجمال هي الوسيلة الوحيدة للتنقل وللقادرين..!!
هذه الطائرة لا تنقل من مكان لآخر إلا بأمر خطي من الإمام شخصياً حتى تزودها بالوقود لا يتم إلا بأمره..!!
وهكذا تجرع شعبنا المعاناة الطويلة في الوقت الذي كانت فيه الشعوب الأخرى تنطلق في بناء مجتمعاتها وتمارس حريتها بإرادتها دون إكراه.
في هذه الأثناء كان الشعب اليمني يحكم من قبل الإمامة وكأنه قبيلة تعيش في العصور الوسطى يمثل الإمام دور سيخ القبيلة في فرض العزلة وإرساء دعائم الجهل ونشر الخرافات تحقيقاً لأهدافه الشخصية..
وخيم اليأس والإحباط على شعبنا إلا أنه لم يفقد الأمل تماماً.. فقد توالت محاولات التغيير بدءاً بثورة 1948م التي لم يكتب لها النجاح لأن ظروف التخلف كانت أقوى من الثورة. مروراً بثورة 1955م ومحاولة 1960م من قبل العلفي واللقية في الحديدة وتوجبت تلك المحاولة بثورة الشعب في السادس والعشرين من سبتمبر حيث هي الشعب مؤيد الثورة ويدافع عنها ورأى فيها الحلم يتحول على أيدي الأبطال إلى حقيقة ملموسة حيث كانت الثورة بمبادئها للسنة- ذات العمق الوطني قامت والبعد القومي والاتجاه الإنساني –هي انطلاقة شعبنا وإطلالته على العالم. من خلال الثورة عرف العالم أن هناك شبعاً ما زال يعيش في العصور السحيقة ذاق الهوان والذل على أيدي حكامه الطغاة.
وها هو يعان ميلاده الجديد ويتطلع إلى مستقبله بروح ثورية وأمل مشرق لغد متطور.
وفي خضم الانتصارات الكبيرة التي حققتها الثورة الوليدة برزت انعكاساتها على المستويات المحلية والقومية والعالمية..
فعلى المستوى المحلي:
ونتيجة لظروف التخلف فقد واجهت الثورة محاولات كثيرة لإجهاضها ودفنها في المهد من قبل العناصر الرجعية والمنتفعة من الحكم الإمامي والتي رأت في الثورة قضاء على مصالحها وامتيازاتها ونفوذها..
غير أن الجماهير اليمنية هبت تدافع عن ثورتها وسطرت بطولات رائعة أبدتها الطلائع الثورية في السنوات الأولى للثورة في السنوات الأولى للثورة دفعت شعبنا إلى تقديم المزيد من التضحيات وزادته تصميماً على مواصلة النضال من أجل إرساء دعائم النضال من أجل إرساء دعائم النظام الجمهوري وحماية المكتسبات الثورية.
وكان للجماهير اليمنية ما أرادت وحقق شعبنا الانتصار تلو الانتصار ولفن الشعب أعداء الثورة والأيدي الخارجية التي حاولت واد الثورة ومحو أثارها دروساً قاسية بفضل التفاف الشعب حول ثورته ومساعدة الأشقاء من مصر العروبة..
واستمرت مسيرة الثورة تسير بخطى ثابتة قدم خلالها شعبنا آلاف الشهداء الذين أضاءوا طريق الحرية وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل العزة والكرامة.
أما على المستوى القومي:
فلقد قامت الثورة السبتمبرية في ظروف غاية في الصعوبة نتيجة لتعرض المد الثوري العربي لهجمات متتالية من قبل الرجعية وعملائها.. وكان الزلزال السبتمبري في يمن الثورة الرد الحاسم على تلك الهجمات الشرسة.. تحولت الرجعية من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع وتغيرت موازين القوى في المنطقة و انطلقت الثورة في شطرنا لاجنوبي معلنة قرب نهاية الاحتلال. وحصلت أغلب الدول العربية على استقلالها وبدا الكثير يراجعون حساباتهم وظهر إلى الوجود أسلوب جديد من الممارسة من قبل الحكام لشعوب المنطقة مختلفاً عن السابق..
أما على المستوى العالمي:
فالثورة السبتمبرية من خلال نهجها لسياسة عدم الانحياز ومقاومة الاستعمار ووقوفها إلى جانب الحق والعدل والسلام وتأثيره في العالم الثالث عموماً هو ما جعل تكالب الاستعمار والصهيونية بتلك الضراوة ومحاولته للقضاء على الثورة واستخدمت أشكالاً مختلفة لمحاربتها تارة عن طريقة المرتزقة والعملاء وتزويدهم بالسلاح والأموال وأخرى بالضغوط الاقتصادية والسياسية والإعلامية..
ولكن إرادة الشعب اليمني كانت أقوى من المؤامرات والدسائس والخيانات.
وانتصرت الجماهير اليمنية وظلت إرادة النضال متأججة في صدور أبناء الشعب ورايات الحرية مرفوعة على ربوع اليمن رغم أنف الحاقدين..
فلا غرابة أن تكون الثورة السبتمبرية شعلة مضيئة يهتدي بها كل الأحرار في العالم.
فاليمن مهد الحضارة الإنسانية منذ أقدم العصور وهذا ما يعطي الثورة السبتمبرية أحقية في استمراريتها أولاً في تعاظم منجزاتها.
التعليقات (0)