السبيّة هي المرأة التي تؤسر أثناء الحروب ، فتؤخذ لتتحول بين يدي سابيها إلى دمية ، أو كشيء من المتاع الشخصي ، الصالح لكل الإستعمالات ، مِن أسماها ، وحتى أكثرها دونية وانحطاط .
قد ولى السبي في عصر (العولمة) و(العلمانية) ، كما ولت العبودية ، أو هكذا يحاول أقوياء العالم الماديين أن يوهموا به غيرهم ، لكن هل حقا أصبح العالمين متحضرين ، مترفعين عن الحروب الهمجية كتلك التي يشتهر بها البربر؟ .. وهل أصبح العالم حقا قرية صغيرة لكنها تسع الجميع وعلى إختلاف أعراقهم وعقائدهم؟
أسئلة كثيرة حول ظاهرة قديمة قِدم الحياة البشرية ، لكن السؤال الأهم هو لماذا إقتصر السبي على المرأة دون غيرها من الشرائح الإجتماعية ؟
ذلك لما للمرأة من مكانة في البناء الإجتماعي ، وبما أن الحروب تعني الخراب والدمار ، فهي تخرب البيت الأسري بإقتلاع المرأة منه ليتهاوى المجتمع بعدها بسهولة.
هكذا كان السبي أقلها في العصور الوسطى ، لكن اليوم أصبحت للحروب أوجها كثيرة غير المواجهة الدموية بين الجيوش والجبهات ، واختلفت تداعياتها أيضا وآثارها .. فالعدو في القرن الحادي والعشرين أصبح يقتل المبدأ ، لأن موت المبدإ ، هو موتٌ بطيءٌ بجرعاتٍ شديدة التعذيب .. وبما أن المرأة هي الصورة الحقيقية للسلوكيات وللآداب الإجتماعية ، فإن خدش تلك الصورة يؤثر على المجتمع برمته .
هذا هو السبي في عصرنا ، ليس بجر المرأة من شعرها ، بل بجعل قيمها تتفسخ وهي في وسط أسرتها بالدعوات المستمرة للتحرر والسفور، والسير على خطى (مارلين مونرو) وصيحات خليفاتها المتعالية من (هوليوود) والمنتهية (بالسيدة زينب) وبأي ركن آخر من أركان البيت العربي .. ليتفسخ العُرف الإجتماعي بسراويل الجنز ، والملاءات المُفصلة في مصانع اليهود.
هذا هو السبي الذي يعتمد على إستراتيجية أسوأ من الإستراتيجيات القديمة التي تقتصر على الجسد ، لأنها تتعداه إلى القيم .
فهل أختي [المرأة العربية] بذاك الغباء الذي تنساق ، وتجر به مُجتمعات بأكملها إلى الإضمحلال ؟ .. أعرف أن الجواب سيكون من منطلق القناعات الشخصية ، لكن على أي أساس ترسخت تلك القناعات ؟ على القيم العربية الأصيلة ؟ أم على تأثيرات أخرى هي سبي لهويتها ؟.
تاج الديـــن : 2009
التعليقات (0)