ونتابع.... وأقل ما يمكن وصف مرحلة ما بعد عام 1990م، المتمثلة بعقدين من آخر وأول القرنين، أنهما كانا بجدارة "سنوات الضياع" لعقول العرب بكافة شرائحهم الثقافية والفكرية. فعقد القرن الماضي أُّوهم العرب بالسلام مع إسرائيل ونتيجتها ذهبت أدراج الرياح وطويت خلاله صفحات تاريخ أسود بموت بعض الزعماء العرب. أما العقد الثاني من القرن الحالي .. فكان وبجدارة تأصيل الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة وتعداها إلى المذهبية ومطالبات الحركات الانفصالية بكيانات جديدة على غرار ما يحدث في السودان ومصر والعراق ولبنان، التي سنخصص لها عدة مقالات مهمة لتبيان الحقيقة المروعة لمخططات الماسونية المتصهينة التي تمارس للاستيلاء على البشر قبل الحجر.
ما بعد 1990 وبخلال عقد، قتلت القومية العربية وأصبحت الولايات المتحدة حامي حمى الدار وصالت وجالت على أرض الجزيرة العربية... هذه الأرض الطيبة التي كانت محرمة عليها سابقاً لأن شعوبها كانت قومية المنهج ومجتمعاتها مسلمة العقيدة ولكنها لم تكن مذهبية النزعة، والجميع متعايش ولا يشكو إلا من العدو الأوحد، إسرائيل، واغتصاب "فلسطين" مسرى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الكرام. حتى أن حرب "الثمان سنوات" لم تكن ذات تأثير سلبي آني ولكن تبين لاحقاً أنها المآساة التي أدت إلى الانشقاق المذهبي بعد احتلال الكويت عام 1990.
بالطبع لا زالت الجارة الأميركية بيننا وفي قلب حاضرة العواصم التاريخية "بغداد" التي احتلتها عام 2003، بعد أن سمحت لها الجمهورية الاسلامية الايرانية بإزالة نظام صدام حسين من العراق. لعب الإيرانيون بأميركا وماطلوا بها لتنال الضوء الأخضر 13 سنة كي يعيدوا بناء القوة التكنولوجية والعسكرية للجمهورية الاسلامية.. تلك القوة التي حاول الغرب تدميرها بحرب الثمان سنوات مع نظام صدام حسين. ولكن عرفت إيران لاحقاً من أين تؤكل الكتف حين تتعامل مع قوة متعنجهة ومتغطرسة كأميركا .. ومن سُّمك أذيقك ألمه .. ولكن إيران لم ترغب بأن تتسع الفجوة المذهبية بين السنة والشيعة على خلاف السياسة الأميركية التي غذتها بكل ما يمكن من السبل وتعاونت مع رؤوس الأفاعي بالمنطقة لتصدير "القاعدة" إلى العراق الذي يئن إلى يومنا هذا من المذهبية والطائفية أيضاً.
ولكن الفطنة الإيرانية كانت حاضرة درءاً لكل ممارسات الماسونية المتصهينة على المنطقة بهدف تدمير البشر فكراً ومنهجاً وعقيدة كذلك.. فعززت الجمهورية الاسلامية فكر المقاومة ورعته بكافة صوره، بدءا من لبنان "حزب الله" وإلى "حماس" و"الجهاد" بفلسطين بمساعدة الشقيقة الكبرى سوريا. ووقفت تلك المقاومات العسكرية في وجه المشروع الامبريالي تارة تلاعبه بسياسة حافة الهاوية وتارة أخرى تدخل مع الوكيل العسكري للماسونية في المنطقة "إسرائيل" في مواجهات عسكرية جعلت من الكيان الاسرائيلي بخسائره، أضحوكة تتقاذفها وجوه العرب وتعري جيوش الأنظمة العربية التي أعلن عام 2006 أنها ألد أعداء الشعوب العربية وسبب رئيسي في انحطاط قدر دولها.
وفي الشأن الآخر من المشروع النووي الإيراني... فلا زالت محاولات خفافيش الظلام تبوء الفشل والكيان الاسرائيلي ترتعد أوصاله ليس بسبب المشروع النووي ولكن لأن الظهير الداعم لها "أميركا" لا تملك ما يمكن أن تفعله بالوقت الحالي ولا المستقبلي للقضاء على هذا المشروع. وكل ما يراهن عليه الكيان الاسرائيلي هو أن يأتي الجمهوريين إلى البيت الأبيض، وهذا بالطبع ليس كافياً، وأن يأتي رئيس أميركي أخرق وأهوج ولا يمتلك في ثنيات عقله إلا معاقرة الخمور والحقد الطائفي لكافة الأديان، ليصدق على بياض الدمار الشامل للعالم، تماماً كما فعل "البوشيان" الأب والابن والدمار الجزئي الذي وصل إليه العالم من خلال الأزمة الاقتصادية التي لا ترى النور الأبيض للانقاذ. وما تروه في أوروبا الآن وأغلب الدول العالمية ولاحقاً في أميركا، وبشكل أعنف، لهو مقدمات لما سيسوق البشرية إلى الدمار الشامل.. فنحن نشهد الآن زمن الفوضى الخلاقة للمجتمعات وإن كانت وتيرتها متأرجحة من دولة إلى أخرى...... انتهت الوقائع.
لقد حاولت أن أختصر ما يمكن ولا استرسل بتفاصيل الأحداث لأن ما سنكتبه لاحقاً هو الأهم بنظري، وكانت تلك الفصول الأربعة مقدمات لما هو قادم من المقالات.
التعليقات (0)