ونتابع... فالعالم الذي يشهد متغيرات متسارعة، دخل في نفق اللاعودة وبدأ المسير نحو الدمار. دعونا نرجع إلى الوراء قليلا إلى الحرب العالمية الأولى بالتحديد، ولنجعل التاريخ يتكلم بالوقائع. فهذه الحرب جاءت لأسباب عدة ولكن أهم ما يمكن أن نشير إليه هو أنها كانت حتمية حتى تكمل ما بدأته الثورة الصناعية الكبرى في العالم. بمعنى أن العالم كان يحتاج، بحسب ما كان يخطط له حكام العالم السري، إلى عدد من المقومات تقوم على أسس ديكتاتورية ولكنا ليست بالمفهوم السائد سابقاً.
فالديكتاتوريات السابقة اعتمدت على نهب الثروات والاستعباد والاسترقاق ومص دماء البشر بهدف خدمة الحاكم الديكتاتور وزبانيته من حوله. وهذا بدوره لا يعمل على استقرار عالمي لتَقَدُّم عجلة الصناعة والتنمية، ولهذا جاءت الحرب لتزيل أغلب مظاهر الديكتاتوريات القديمة كروسيا البلاشفة والصين برهبانها البوذيين، والشرق الأوسط، منبع المصادر الطبيعية، بخلافتها العثمانية ومن بعض البؤر في أوروبا العجوز، من خلال مستعمران بغيضان هما انجلترا وفرنسا.
وفي سياسة الاحلال اتجهت الامبريالية وبالتعاون مع الماسونية الصهيونية تسويق أفكار سياسية جديدة أهمها الفكر الشيوعي وعباءته الاشتراكية. والهدف من ذلك هو خلق ضدان لا ثالث لهما كي يدخل العالم في سكون التعادل وليذهب كل فريق إلى ما يمكن تطويره وانجازه من اختراعات وابتكارات على صعيد الصناعة والتكنولوجيا في سبيل بناء أسواق المال العالمية، الاستعمار الجديد للعالم، وليُحْكِّم كل فريق ما تطوله يده في هذا العالم الواسع من أرض وبشر.
على إثر ذلك ذهب الشرق الأوسط إلى التفتيت وتشكلت الدول العربية والهندية وبدأ الاستعمار في نهب ما يمكن من مقدرات المنطقة مع وعد للصهيونية بأرض الميعاد المغروسة في قلب العرب. في هذا الوقت، وهي المرحلة الزمنية من الحرب العالمية الأولى وإلى الثانية، كان هناك هاجساً عالمياً يتعلق بقضية اليهود المنتشرين حول العالم وما يمثلونه من خطر إن لم يؤطروا في كيان لهم، ومن هنا جاء وعد بلفور كي يخدم حكام العالم السري انجاز مخططات السيطرة على العالم. ولذلك كان لا بد من نشوء حرب عالمية ثانية كي تكمل الأولى وبالأخص على صعيدين اثنين، أولهما إعلان الكيان الاسرائيلي والثاني اجبار يهود أوروبا ممن لم تفلح معهم محاولات تسريبهم إلى فلسطين، وهم اليهود الذين امتلكوا من العلوم والقدرات المالية الكثير كي يعاد توزيع خارطة تواجدهم .. بهدف العمل على بناء مناطق ودول جديدة، بالأخص في الولايات المتحدة الأميركية.
أدرك العالم السري أن المستقبل هو أميركا القادمة بقوة فكان لهم ما خططوا له، وبدأ العمل على إنهاء أوروبا القوية وصاحبة سجل الاستعمار الطويل للعالم، بادخالها في حرب تأكل اليابسة قبل الأخضر بسلسلة احتلالات نفذت بالجيوش الألمانية التي جهزت لهذا الغرض. فجاء هتلر وهز عرش أوروبا وتدخلت أميركا بقوتها العسكرية والاقتصادية، التي بنيت على مدى 25 عاماً، لتنقذ زعيم العواصم الأوروبية (بريطانيا) ولكن بعد أن دمر هتلر أوروبا بالمُجْمل.. فلا مدن بقيت مبانيها ولا مطارت أو موانئ صالحة للعمل، وتحولت أرض "منبع الصناعة" إلى خرائب مشتعلة جرداء وتئن على مقتل زهاء 70 مليون نفسٍ بشريةٍ بين عسكري ومدني. هنا كان بيت القصيد الذي حلم به "ماسونيو" المحافل الأوروبية عندما نقلوا نشاطهم إلى أميركا، تلك الأرض البكر.. أرض الميعاد الثانية لليهود والصهيونية العالمية ولكل من لفَّ لفيفهم.
جاءت أميركا للأوروبيين بمشروع "مارشال" الذي أعلن فيه عن قيام الولايات المتحدة الأميركية المتسيدة الجديدة للعالم خاصة بعد أعلنت جبروتها بقصف هيروشيما ونجازاكي بالسلاح الرادع الجديد "النووي" ومهددة باللاتي هي الأقوى "النيوترونية". القادم الجديد لاستعمار العالم لم يكن يرى حرجاً من تأصيل الكيان الصهيوني في المنطقة.. فأعلن قيام هذا الكيان عام 1948 وبتواطئ مع بريطانيا التي أصبحت إحدى جواري الأميركان الأقرب إلى القلب. وخاض العرب حديثوا التحلل من الاستعمار القديم والداخلين في أتون الاستعمار الجديد، أولى معاركهم مع الامبريالية العالمية والصهيونية الماسونية بسلاح فاسد!!.. وضاعت فلسطين.......
التعليقات (0)