مواضيع اليوم

ساعة صبر

راميار فارس الهركي

2012-03-08 12:33:02

0

 


نظرت الى ساعتي، ساعة واحدة تفصلني عن موعدي مع صديقي الذي تجمعني به صداقة متينة تعود الى أيام الجامعة، كنا نلتقي كل يوم خميس في أحدى المطاعم الشعبية، نتجاذب اطراف الحديث في شتى امور الحياة .

 

كنت وأقفاً بأنتظار صديقي امام بوابة العمارة التي أسكن فيها ، الشارع يعج بباعة متجولين ، وجوه أظناها تعب ووهن الحياة، اصواتهم الحزينة سيطرت على اجواء الشارع، مختزلة سنوات وسنوات من الحرمان والمعاناة ، قادتني الذكريات الى الوراء، عندما كان أبي ياتينا كل يوم مهدود القوى ، يركن العربة جانباً ، تسرع اليه امي بالماء البارد ليروي عطشه بعد ساعات وساعات من التجوال بين الازقة ، كان أبي ينظر الينا صامتاً بعنينه الواسعيتن والحزن مرتسم على قسمات وجه الذابل، ترى بماذا كان يفكر؟ كان الصمت هو اللغة الوحيدة التي يتواصل بها ابي مع من حوله ؟ قلت لنفسي ، وانا انظر الى احد الباعة المتجولين الذي كان يصيح بأعلى صوته والعرق يتصبب من جبينه، بارد برد قلبك، رحمك الله ياأبي، عشت من أجلي وانت تصارع صعوبات الحياة ومت ولم تورثني شيئاً سوى الصبر، فانا من بعدك صابر، أصبر على قسوة الزمان ومرارته، على فراق الاحبة ، على ألمي وحاجتي ولوعتي وأشواقي لمن فرقهم الزمان عني ، أورثتني صبراً لاتهزه رياح الايام ، ولا تزعزع مكانه الالام ، حتى تمنيت في يوم ما لو أسميتني صابر ، فهو أسماً على مسمى.

أيقظني صوت منبه سيارة صديقي من سبات الذكريات ، شكرت أبي على تركة الصبر التي لولالها لما وقفت منتظرا صديقي العزيز .


راميار فارس الهركي

كاتب وصحافي من العراق

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !