مواضيع اليوم

ساسة العراق في جلباب هرون الرشيد!

نزار جاف

2010-07-01 08:04:13

0

المشهد العراقي هو صورة طبق الاصل للمشهد الاقليمي و إنعکاس لعموم الاوضاع السياسية و الامنية في المنطقة، وبقدر مايکون هناك نوع من الاتجاه نحو الاستقرار و الهدوء في العراق، فإننا نشهد نفس الوضع ينسحب على عموم الساحة في المنطقة وطبعا يجب أن نشير هنا أيضا الى التداخلات و التعقيدات الناجمة عن سعي العديد من دول المنطقة و دول أخرى الى أن يکون لها ثمة نفوذ قوي او تواجد محدد ضمن الکيان العراقي في سبيل تحقيق غايات معينة.
المشهد العراقي الحالي، بکل مايضمه من تفصيلات متباينة الاتجاهات و المصالح و بکل مايکتنفه من فوضى و فساد إداري و سياسي و إقتصادي و إنعکاس کل ذلك على الوضع الاجتماعي سلبا، مازال يتراوح في مکانه و مازالت القوى السياسية العراقية المختلفة تمارس التحاور و التناقش من أجل الخروج من الازمة بطريقة الراديو، أي إنها تبث فقط و لاتستقبل، حيث أن کل القوى السياسية تعتبر نفسها الحل الامثل للازمة العراقية و ترى في البقية مجرد أخوة(صغار)يجب أن يکتفوا باللعب في الحديقة الخلفية للدار العراقية من دون الدخول الى صالة الدار او غرفها الداخلية.
نوري المالکي، ذلك الرجل الذي تمکن من إعادة إستقرار و هدوء نسبيين للعراق، يواجه صعوبة جمة في البقاء في کرسي رئاسة الوزارة و يجد في نفس الوقت ان العديد من القوى السياسية العراقية و عواصم إقليمية لاترحب بعودته بل وإنها تتمنى أن يبقى الى إشعار آخر خارج الحلبة، بيد ان طهران التي تواجه ظروفا خارجية و داخلية بالغة التعقيد، لاترى في إقصاء او إبعاد نوري المالکي من الصورة يخدم مصالحها أو أجندتها ولاسيما في الوقت الراهن، لکنها في نفس الوقت لاتضع کل کراتها في سلة المالکي وانما وجريا على عادتها فإنها تسعى دوما أن يکون لها أکثر من دعامة او مسند تتکأ عليه، غير إنها لاتشعر بالراحة او الرضا لصعود أياد علاوي الذي تضم قائمته العديد من التيارات و الشخصيات المناهضة للنفوذ الايراني في العراق ومن أجل ذلك فإنها تسعى لدعم المالکي على طريقة(عدو عدوي، صديقي)، وفي نف الوقت تحاول جاهدة البحث عن بديل آخر يکون أکثر ليونة و تساهلا مع النفوذ الايراني.
أياد علاوي، ذلك السياسي المثير للجدل و الذي تکلم کثيرا خلال الاعوام الماضية عن الاوضاع السيئة في العراق و بشر و يبشر العراقيين بإنه(روبن هود)الذي ينتظره الشعب العراقي بفارغ الصبر، ويحمل في جعبته الکثير من الحلول الناجعة للمشاکل و الازمات المختلفة في أنحاء العراق، لايبدو انه حتى لو أتيحت له الفرصة و أخذ زمام الامور بيديه، سيتمکن من معالجة الاوضاع و دفعها الى الامام لأن العقبات التي تواجهه هي کثيرة جدا و هي أکبر بکثير من طموحاته و أمانيه التي يحلم بإرسائها و تحقيقها على أرض الواقع.
المشهد العراقي وبعد ان وصل الى مفترق يلفه الضباب من مختلف الجهات، زرعت نوعا من اليأس و القنوط داخل مختلف الاوساط سيما الثقافية منها حتى أن الامر وصل ببعضهم الى حد المناداة بعودة الديکتاتورية في ظل قناعة مترسخة لدى العراقيين من أنه لايجدي نفعا معهم شيئا سوى القوة ويعتبرون الحجاج ابن يوسف الثقفي او صدام حسين، خير نموذجين لحکم العراق و تسيير اموره بالصورة المثلى، فيما رأى آخرون من أنه لامناص من تجزأة او تشتيت العراق او جعله کانتونات من أجل إمتصاص الاوضاع السلبية و الحفاظ على العراق بأضعف الايمان!
الحق، أن جميع الخيارات المتاحة"ماعدا الديمقراطية"، قد فکرت بها معظم الاطراف العراقية وان جميعها مازالت ترى في الديمقراطية مجرد وسيلة لبلوغ غايتها وانها"أي الديمقراطية"ليست غاية او هدف نهائي لذلك فإن الديمقراطية العراقية"العرجاء"و"المشوهة"و"الکسيحة"لن تکون مجدية او مثالية لحل مشاکل العراقيين لو نظر الجميع إليها من الزاوية التي ينظر من خلالها نوري المالکي(والحق ان الجميع کذلك من دون إستثناء)، وان الديمقراطية العراقية بحاجة الى أناس فضلاء و زهاد کطيبي الذکر جوشوا نکومو و عبدالرحمن سوار الذهب، إذ أن الاول قد آثر الانسحاب من الساحة في سبيل حقن الدماء و إنقاذ شعبه من صراع غير مجدي مع غريمه روبرت موغابي(الذي أنتهى دکتاتورا!!)، والثاني خرج من السلطة بعد إنقلاب أبيض في السودان ليتيح المجال أمام الخيار الديمقراطي وهما بذلك صارا نموذجين دخلا التأريخ من أوسع أبوابه، لکن قطعا ليس هناك ولن يکون أبدا ولو مجرد بصيص أمل في أن يبادر أي سياسي عراقي و يضحي بطموحاته و کرسيه من أجل مستقبل شعبه وصدق الرشيد عندما خاطب أبنه المأمون وهو يجيبه عن سؤال بخصوص تمسکه بالسلطة:(الملك عقيم)، وحقا ان معظم ساسة العراق الجديد وحتى المعاصر هم صورة طبق الاصل لهرون الرشيد"وفق رؤيته و نظريته للسلطة"، لکن بملابس عصرية!
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات