بقلم: محمد أبو علان:
http://blog.amin.org/yafa1948
الرئيس الفرنسي "نيقولا ساركوزي" كانت له الكثير من المواقف النجومية منذ دخوله قصر الإليزية، والفضل لهذه النجومية كان يعود أحياناً لأناقة وجمال زوجته الثانية "كلارا ساكوزي"، وأحياناً بتصرفاته ذات الصلة بقصر قامته، لكن نجوميته هذه المرّة كانت سياسية بامتياز، وكان ذلك جلياً في الاجتماع الرابع والستون لهيئة الأمم المتحدة، وفي اجتماع مجموعة العشرين في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.
وخلال القمتين سرق الرئيس الفرنسي الأضواء عن كل الزعماء لشدة تحمسه ضد على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب العمل على بنائها لترسانة نووية، وكشفها عن بنائها لمحطة نووية جديدة في مدينة قم، وبسبب التجارب الصاروخية بعيدة المدى التي أجراها الجيش الإيراني تحت عنوان مناورات "الرسول الأعظم"، كما عبر عن قلقه الشديد للدعوات الإيرانية لإزالة دولة الاحتلال الإسرائيلي عن الخريطة التي صدرت عن القيادات الإيرانية في يوم القدس، معتبراً أن لا حق لإيران بالمطالبة بإزالة دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة.
هذه الخطوات الإيرانية اعتبرها الرئيس الفرنسي مس بالأمن والاستقرار في العالم بشكل عام، والمنطقة العربية والإسلامية بشكل خاص، مطالباً إيران بوقف العمل في مفاعلاتها النووية، والتوقف عن التجارب الصاروخية، وطالب بفرض أقسى العقوبات على إيران إن هي رفضت الانصياع للمجتمع الدولي.
هذا الموقف الفرنسي ما هو إلا تعبير عن الكيل بأكثر من ميكال التي يتعامل بها النظام العالمي الجديد عندما يتعلق الأمر بالمنطقة العربية والإسلامية، والدول المناوئة للسياسية الاستعمارية الأمريكية الأوروبية.
تناسى الرئيس الفرنسي مع سبق الإصرار والترصد أن قوات التحالف في العراق، وقوات "الإيساف" في أفغانستان هم من يشكلون الخطر الأول والحقيقي عن الأمن والسلم العالميين، وهم من يقتلون الأطفال والنساء والسيوخ في أفغانستان والعراق، وليس الجمهورية الإسلامية الإيرانية من يحتل هذه البلاد ويرتكب المجازر فيها.
ودولة الاحتلال الإسرائيلي الربيبة الأمريكية الأوروبية المدللة هي الخطر الأول والأخير على السلام والاستقرار في المنطقة العربية بشكل خاص، وفي العالم أجمع بشكل عام، فدولة تقوم على قتل وتشريد شعب بأكمله وتحتل أرضة لا يمكن أن تكون جزء أصيل من مجتمع دولي حر وعادل، كما نود تذكير الرئيس الفرنسي قبل أن يتحدث عن الترسانة النووية الإيرانية، وعن حرصه الزائف على الأمن والاستقرار في العالم، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي أول من أدخل التسلح النووي على المنطقة العربية بدعم مادي وفني فرنسي منذ العام 1956، وهي التي ترفض القبول بتفتيش دولي على منشآتها النووية بدعم ومساندة ممن يطالبون بالتفتيش على المنشآت الإيرانية، وفي هذا السياق نستذكر أن 46 دولة من الدول الأعضاء ناصرت دولة الاحتلال برفض فتح منشأتها النووية للتفتيش.
وفي سياق الحديث عن التسلح في العالم من الواضح أن الرئيس الفرنسي لم يطلع بعد على التقرير الذي أصدرته حكومته حول الموضوع والذي أشار إلى أن إسرائيل خامس دولة على مستوى العالم في موضوع تجارة السلاح بعد فرنسا وأميركا وبريطانيا وروسيا، فقد بين التقرير أن حجم التجارة الإسرائيلية بالسلاح تساوي 6% من حجم التجارة العالمية في هذا الجانب.
وفي تقرير لسنوات سابقة أشار تقرير أعدته محطة الإذاعة البريطانية حول تجارة السلاح، أن مبيعات دولة الاحتلال الإسرائيلي من السلاح بلغ في الأعوام 2002 و 2003 حوالي 4،8 مليار دولار عن كل عام من هذه الأعوام، وأشارت تقارير أخرى ذات علاقة بالموضوع أن 75% من إنتاج الأسلحة الإسرائيلية معد للتصدير مقابل 25% لأغراض الاستهلاك والاستعمال الداخلي.
مؤسسات حقوق الإنسان الدولية أشارت بوضوح في تقاريرها أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تصدر أسلحتها لأكثر النظم قمعية وانتهاك لحقوق الإنسان من بين دول العالم، وتعمل على تغذية الحروب الداخلية، وفي هذا المجال يكفي العلم أن أسلحة دولة الاحتلال الإسرائيلي كان لها الدور الرئيس في مقتل حوالي 800 ألف نسمة في الحرب الداخلية في روندا.
واستفادت دولة الاحتلال الإسرائيلي الكثير من الصراعات الثانية بين الدول، فقد باعت للهند أسلحة بما يقارب الملياري دولار في السنوات الأخيرة مستغلة صراعها مع باكستان على مقاطعة كشمير، كما كان لها دور كبير في تسليح بعض الدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفياتي السابق، والحالة الجورجية تعتبر أكبر شاهد على ذلك.
هذا مجرد جزء من سياسية دولة الاحتلال الإسرائيلي في زعزعة الأمن والسلم لشعوب المنطقة العربية بشكل خاص، وللكثير من الدول في العالم، وبعد كل هذه المعطيات من ممكن أن يكون الخطر الأول المحدق بالاستقرار والأمن غير دولة الاحتلال الإسرائيلي ومثيلاتها من الدول الاستعمارية مثل أميركا وحلفائها الأوروبيين.
والمسألة الأهم في هذا الجانب ليس من حق الرئيس الفرنسي التدخل بالشؤون الداخلية لإيران، فإيران دولة مستقلة ذات سيادة، ومن حقها الطبيعي أن تعمل بجد واجتهاد على بناء قوتها العسكرية سواء كانت قوة عسكرية تقليدية أو غير تقليدية خاصة في ظل التهديدات والمخاطر التي تواجهها باستمرار سواء من قبل دول الاحتلال العسكري في العراق وأفغانستان، والنظم السياسية المرتبطة بهذه الدول الاحتلالية في الخليج العربي، أو من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)