كان من أساطين الفكاهة الراحل الشرقاوي صلاح جاهين ...لم تكن رسومه الكاريكاتورية مبتذلة ولا حاملة للرموز الخادشة للحياء ...وكانت هادفة وقومية ووطنية وناقدة وكل ذلك في صورة فكاهية تبعث على السرور وانفراج الأسارير...وكانت بسيطة ...لم تكن الهموم في ذلك الوقت استفحلت وقفلت الأفواه الضاحكة وضمت الشفاه المبتسمة وقطبت جبين الكبير والصغير ...ومثلا رسم في إحدى المرات بروازا لم يرسم داخله شيئا وكتب تحته...هذا البرواز فاضي...كانت هذه العبارة كافية للابتسام لأنها فكرة عرضت لأول مرة ...الآن يفترض في الفكاهيين أن يمسكوا بعصا غليظة (يزغزغون) بها المتلقي لكي يضحك أو حتى يبتسم...ربما أصبح الضحك عزيزا لأن الهموم صارت سحبا فوق الرؤوس تغطي ضوء الشمس ...ربما أصبحت أخبار القتل والدمار تشغل العقل وتقفل القلب وتثقل النفس وتوغر الصدر ....هل كان آباؤنا تافهين يضحكون لأي شيء؟ أم كانوا بسطاء هادئين يعيشون جوا من الراحة وهناء العيش والرضا؟ هل كانوا عفويين غير معقدين ولا غاضبين بسبب الإعلام والأخبار المزعجة التي حولت الأرواح إلى مسوخ لا تشعر بفداحة الأحداث وجسامة التدمير وسهولة إزهاق الأرواح ...قتل خمسة ...غارة راح ضحيتها عائلة كاملة...قتل عشرة مسلحين...غارة قتل فيها عشرون من تلاميذ المدارس ...صاروخ راح ضحيته مائى شخص في عرس بطريق الخطأ...الآن تحولت بعض الرسوم الكاريكاتورية إلى عصي غليظة أو سكاكين تطعن العقل لتخرج ما فيه من سخط في صورة ابتسامة باهتة في سخرية من زمن الحضارة العصرية....حضارة إسرائيل وأمريكا الغارقة في دماء العالم
التعليقات (0)