كتبت في يونيو من العام الفائت ثلاث قصص قصيرة جدا تحت عنوان "شرطيات مصرية " قصص قصيرة جدا" مستوحاة من حال الشرطة المصرية في ظل النظام البائد نشرت في صحيفة المثقف العراقية بتاريخ 20 يونيو عام 2010 ولم يكن لي فيها فضل خيال غير الصياغة الأدبية أما الأحداث فهي حقيقية بنسبة مائة في المائة وإن كانت في الواقع ليست ثلاث قصص بل يمكن القول بلا مبالغة أنها ثلاث آلاف أو ملايين على مدار الثلاثون عاما الماضية عمر النظام الغير مأسوف عليه وها أنا أعيدها على حضرات القراء كما هي بالنص ليستنبط منها حال الشرطة في ظل النظام البائد:
"(1) في إحدى القرى المصرية دب الخلاف بين حسنين وجاره.. تدخل الناس للإصلاح بينهما.. حسنين أبى إلا الذهاب إلى قسم الشرطة التابع له.. ذهب حسنين إلى قسم الشرطة وغاب ليلة أو ليلتين ..ثم عاد مهرولا يطرق باب جاره بعنف.. وما أن رآه هجم عليه يريد أن يقبل رأسه وقدميه.
(2) قامت المعركة بعنف بين العائلتين.. ارتفعت الأصوات وجلجلت الفؤوس والسكاكين فوق الرؤوس.. وجاء الشيطان بخيله ورجله مهرولا ضاحكا مناديا على جنوده.. يقهقه بعصبية.. هلموا فهذا يومكم وهذه فرصتكم.. هرع أهل العقل في القرية بعد أن أضنتهم محاولة الصلح إلى مركز الشرطة لينقذوا العائلتين من
شر محتوم.. أجابهم الضابط بعصبية : لما حد يموت من العائلتين سنحضر على الفور.
(3) قام أهل الخير بالقرية لما سمعوا بفتح معبر رفح بالمرور على الناس وتذكيرهم بواجبهم تجاه إخوة لهم في الدين.. وقد لاحت الفرصة.. وانفرجت الأزمة.. وسمحت الدولة.. وفتح المعبر.. وحثوهم على التبرع لإخوانهم بما يستطيعون أموالا أو أرزا أو زيتا.. كل بما يستطيع.. أقبل الناس مستبشرين مخرجين ما جادت به نفوسهم.. معطين أهل الخير عن طيب نفس.. داعين لهم بالتوفيق والقبول.. آملين أن تصل المعونات إلى أهل غزة.. وفى المساء كانت الشرطة تجوب القرية بحثا عن أهل الخير"..
هل يرجى خير من شرطة بهذا الحجم من الفساد ؟ الذين يتباكون على الشرطة وأيامها أسألهم متى كانت الشرطة تهرول إلى نجدة مظلوم أو تمنع مكروه ؟ اللهم إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس.. لكنك تجد الأعداد الوفيرة تخرج كالأسود تجلجل في الفضاء بزئيرها المرعب لتفض مظاهرة سلمية تطالب بعودة الحق المسلوب أو مؤتمرا سلميا يندد بالمجازر التي يتعرض لها الأخوة الفلسطينيين على يد العدو الصهيوني الغاشم ؟ أو كما رأيتم في القصة للقبض على أهل الخير الذين يجمعون التبرعات لغزة ..
إن البلطجة التي انتشرت في هذه الأيام هي صنيعة هذه الشرطة ورجالها الذين كانوا بين متحالف مع النظام على إذلال الشعب وتزوير إرادته بأي ثمن حتى ولو باستخدام البلطجية والمسجلين خطر ضد الشعب الأعزل وبين متحالف مع تجار المخدرات متواطىء معهم مقابل إتاوة معلومة يعيش عليها في رفاهية مثل أولاد الملوك ، السلطة والسطوة من المنصب والدولة والمال من الفاسدين وتجار المخدرات والخارجين على القانون ..
فهل ينفع مع هؤلاء نداء الوطنية الذي نستجديهم به ليشدوا على يد المفسدين؟ إن هؤلاء الفاسدين لا يعرفون للوطنية سبيلا وليس في قاموسهم كلمة تسمى الانتماء أو حب الوطن ؟
كنا نعتقد أن فسادهم في ظل النظام السابق مجبورون عليه بحكم الوظيفة والعمل وأكل العيش كما كانوا يقولون ..وإن كان هذا لا يعفيهم من المسؤولية إلا أننا كنا نريح أنفسنا المكدودة بهذا الاعتقاد من عناء التفكير في الأسباب كما كنا نعتقد أن ولاءهم كان للنظام السابق- رغم اعتراضنا المستمر- كما كنا نطالبهم دائما في كل مناسبة يستعرضون فيها عضلاتهم على الشعب الأعزل أن يكون ولاءهم للوطن وللشعب فهم ما اعتلوا هذه المناصب وما لبسوا هذه الحلل الموشاة بالضبابير والنسور إلا لخدمته وتوفير الأمان له ..
قالها أحد اللواءات في أحداث الثورة متسائلا عندما كنا نتهيأ في أحد الميادين للتجمهر والتجمع: " انتوا مؤيدين ولما معارضين " قلنا له : معارضين .. ضحك ضحكة هستيرية وقال: "أنا مع اللي يحكم" قالها على سبيل الاستظراف والاستهزاء ولكنه يدرى أو لا يدرى هذا هو حقيقة دوره إنه يعمل لخدمة الوطن والمواطن دون الالتفات لطبيعة النظام الذي يحكم أو كنهه أو شخص الحاكم زيد أو عبيد أمر لا يعنيه كثيرا هو في خدمة الوطن على كل حال..
والسؤال الآن بعد وضوح تقاعسهم عن أداء مهامهم في خدمة الوطن وتوفير الحماية والأمن للمواطنين رغم إمكانياتهم الهائلة وقدراتهم العظيمة وحجم المعلومات الضخمة التي يمتلكونها عن المجرمين والمسجلين خطر.. إلى شيء ينتمون؟ ولمن يكون ولاءهم ؟ أترك لحضراتكم الإجابة عن هذا السؤال..
التعليقات (0)